دخلت الطائرة في رحلة الاصلاح سنتها السادسة. القبطان يتابع تفسير البرامج ويفصل في شرح الموضوعات. المسافرون العرب اخذت الشكوك تتسرب إلى عقولهم وليس في يدهم حيلة. فما حصل فات ولم يعد بمقدورهم إعادة الطائرة إلى المطار الذي انطلقت منه.
القبطان... نأتي الآن إلى مسألة جوهرية في مشروع الاصلاح وهي تتعلق بإقامة اتفاقات للتجارة الحرة.
الدول الثماني اتفقت على توزيع الادوار. فالاتحاد الاوروبي يعمل على إقامة اتفاق للتجارة الحرة بين أوروبا ودول المتوسط. وتساعد كندا أوروبا في مهمتها وتكفلت هي بتحديث البنية التحتية في تونس والجزائر حتى تنجح في التوصل إلى إقامة «اقتصاد مفتوح».
مسافر... «مفتوح على ماذا»؟. القبطان... أوروبا طبعا. مسافر... «وماذا عن العرب ودول الجوار»؟ القبطان... هذه الناحية لم تغب عن دول قمة سي ايلاند. فالقمة قررت «رفع مستوى التجارة الاقليمية» من خلال الدعم التقني «للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية». وهذا لا يتم قبل عقد اتفاقات منفصلة للتجارة الحرة وتطوير «غرف التجارة». وحتى يتم تسهيل الأمور وتذليل العقبات تكفلت فرنسا بوضع خطة عمل تهدف إلى تطوير الانظمة والاستثمار ودعم اتفاقات التجارة الحرة في المنطقة قبل العام 2010. والمانيا بدورها تكفلت بتنظيم اتفاقات للتجارة الحرة في الجزائر ولبنان والاردن والمغرب وتونس وفلسطين. واليابان تكفلت بإنشاء «مركز تدريب تجاري» في مصر. والولايات المتحدة اخذت على عاتقها تقديم مساعدات تقنية بهدف إقامة منطقة تجارة حرة في «الشرق الأوسط» بحلول العام 2013. وستدعم أميركا ايضا الجزائر والسعودية واليمن للحصول على عضوية منظمة التجارة الدولية. وايضا ستقدم مساعدة لسبع دول لتشجيعها على الاستجابة وتوقيع الاتفاق الهيكلي للتجارة والاستثمار.
... ويتابع القبطان، بعدها سنعمل على تمكين الاردن والمغرب والبحرين من الاستفادة من اتفاقاتهم التجارية الحرة مع اميركا.
مسافر... «كفى شرحا وتفصيلا. هل تظن ان مبلغ مئة مليون دولار أو يورو كاف لتحقيق كل هذه المطالب والانجازات والوعود؟».
القبطان... طبعا لا. فهذه الموازنة ليست لتمويل المشروعات. انها موازنة للبحوث والدراسات ورواتب الموظفين وهيئات منتدبة «لترويج الديمقراطية». كلفة المشروعات مسألة اخرى وسنطلب من حكومات «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» تمويلها. المئة مليون لنا وليست لكم. فكما تعلمون تعاني دول الثماني من بطالة وهناك فائض من المهندسين والمحامين والقضاة والاطباء واساتذة الاقتصاد في الجامعات من دون عمل ولذلك اتجهت دول الثماني إلى استحداث وظائف وتشغيلهم للتفكير نيابة عنكم ووضع التصورات المناسبة لتحديث اقتصادات الدول العربية وجعلها مناسبة للانخراط في عصر العولمة.
مسافر... انها مشروعات لكم اذا. القبطان... لنا ولكم. فنحن نستفيد منها مباشرة على أمل انكم ستستفيدون منها لاحقا.
مسافر... «وهل خطة الاصلاح مضمونة النتائج؟».
القبطان... طبعا لا. انها خطة يرجح ان تكون مفيدة ولكنها ليست مضمونة. وهناك احتمالات سلبية وربما تؤدي إلى انهيار الوضع وتدهوره إلى الأسوأ. نحن نقدم الاقتراحات بينما النتائج نتركها للوقت. فهذا الاتحاد السوفياتي السابق أكبر مثال على ما اقول. فالرئيس السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف طيب القلب وصافي النية واراد فعلا تحديث بلاده وتحسين اداء اقتصادها من خلال نظريات «بريسترويكا» و«غلاسنوست» إلا أن النتائج جاءت عكسية وسقط سقف الاتحاد على رأس الكرملين. فالتحديث ادى إلى الانهيار لا التطوير وتراجع موقع روسيا دوليا واقتصاديا وهي الآن تكافح للعودة إلى ما كانت عليه ايام الاتحاد السوفياتي ولم تنجح. صحيح ان الدول الثماني تقدم مساعدات سنوية تبلغ سبعة مليارات دولار لوقف التدهور الا ان مجموع الأموال المهربة من روسيا سنويا تقدر بأكثر من 70 مليارا من الدولارات. فالخارج منها اعلى من الداخل اليها وهذا ما أسهم في تعطيل كل امكانات التطوير والتنمية. فالنتائج كما قلت ليست مضمونة وارجو ان لا تحمّلوا الدول الثماني مسئولية الانهيار والتفكك وهروب الأموال في حال بدأ مشروع التحديث المطلوب من «الشرق الأوسط» تنفيذه.
القبطان... هناك خبر سريع، تم اصلاح... المسافرون... «الاصلاح! ». القبطان اعني تصليح الحمامات. تستطيعون الآن فك الأحزمة وأخذ قسط من الراحة. وبعد غد نكمل الرحلة
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ