العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ

حذار من التوقيف الاحترازي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الاعتقالات الأخيرة التي شملت ستة أشخاص ربما تدخل في إطار التوقيف الاحترازي... أقول «ربما» لأنه ليست لدينا أية معلومات صحافية أكثر مما نشر لحد الآن، ولدينا تصريح من وزارة الداخلية بعد الاعتقال.

لاشك في أن الحكومة تقع عليها مسئولية الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الناس والممتلكات، ولكن مثل هذه المسئولية قد تخضع لبعض التفسيرات التي قد تؤدي في النهاية إلى انتهاك حقوق الإنسان. وعلى رغم أنني لا أوجه اتهاما بهذا الشأن، فإن المواطن والمقيم في أي بلد يود معرفة الاجراءات القانونية والقضائية المتبعة لكي لا يظلم أحد بسببها.

في جوهر الموضوع هناك مفهوم «التوقيف الاحترازي»، وهو مفهوم خطير سرعان ما يتحول مع الأيام - إذا لم توجد ضوابط - إلى وسيلة قمعية غير مقبولة انسانيا. ففي منتصف السبعينات من القرن الماضي طبق قانون للاعتقال الاحترازي في شمال إيرلندا (التابعة للمملكة المتحدة)، وبعده مباشرة طبق قانون مشابه في البحرين تحت اسم «قانون أمن الدولة».

بعد إعلان القانون في شمال إيرلندا - الذي كان يسمح للشرطة بتوقيف اي شخص احترازيا لمدة ثلاثة أسابيع - انفجر الوضع السياسي ولم تستطع بريطانيا السيطرة على الوضع ما حدا بها لحل البرلمان المحلي وتطبيق الحكم المباشر من لندن بدعم من الجيش. واستمر هذا الوضع حتى مجيء حزب العمال في العام 1997 عندما شرعت في حوار جاد نتج عنه إعادة البرلمان والحكم المحلي وانهاء حال التصادم بين الجيش والمعارضة الإيرلندية المسلحة.

لقد اكتشفت بريطانيا أن قانونها الاحترازي تسبب لها بمقتل الأبرياء ونقل المشكلة من شمال إيرلندا إلى لندن التي شهدت حوادث دامية طوال الثمانينات ومطلع التسعينات حتى مجيء حزب العمال للحكم. وكانت رئيسة الوزراء البريطانية ما رغريت ثاتشر قد صرحت من قبل انها «لن تتنازل ابدا» للمعارضة الإيرلندية، إلا أننا عشنا لنرى كيف يحدث التنازل العقلاني على يد غيرها.

حينها يبدو ان هناك من اطلع على قانون التوقيف الاحترازي في شمال إيرلندا، ونقل ذلك إلى البحرين مع إضافة الكثير إليه. فبدلا من التوقيف ثلاثة أسابيع تم تطويل المدة إلى ثلاث سنوات، وبدلا من وجود هيئات تتأكد من الأمر قبل الشروع فيه سلم الأمر كله لجهاز الأمن والمخابرات ليحدد الاشخاص الذين سيعتقلون ويحدد كيفية التعامل معهم، وحتى كيفية اصدار الاحكام عليهم لاحقا فيما لو عرض المتهم على محكمة أمن الدولة آنذاك.

والقصة البحرينية لاتحتاج إلى إعادة لأن الجميع يعرفها وعشناها بالمرارة التي لم يتصورها أحد. والحمد لله فقد انتهى قانون أمن الدولة وانتهت محكمة أمن الدولة وبدأنا عصرا جديدا من الانفتاح. ولكن خوفنا أن إجراءات أمن الدولة قد «تتسرب» من باب مشروع، وهو باب الحرص على الأمن في ظل أجواء اقليمية متوترة جدا تحيط بنا من كل جانب.

إن أملنا كبير في القيادة السياسية أن تواصل نهجها الاصلاحي وأن يكون مثلها حزب العمال البريطاني وليس حزب المحافظين البريطاني، وكيف أن الأمن عاد إلى شمال إيرلندا من دون قانون احترازي. الولايات المتحدة تسير في الطريق الخطأ ويجب ألا تكون مثالا لأحد. فلقد بدأت الأمور تنقلب على أميركا بعد ما حدث في سجن ابو غريب. وقبل أسبوعين صدرت دراسة بثتها الشركات الكبرى في أميركا قالت إن الإجراءات الاحترازية الأميركية كلفت أميركا مئات المليارات من الدولارات، وإن الشركات الاميركية تئن من وطأتها. ودعت الشركات الاميركية الحكومة إلى تخفيفها وإلا فإن مشكلات الاقتصاد الاميركي ستزداد سوءا بدلا من ان تتحسن.

ثقتنا في وزير الداخلية الجديد الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وأملنا بأن يكون أكبر من الآلام التي تلحق بالمنطقة وان يطمئن المواطنين والمقيمين بخصوص الاجراءات، وان يوضح ما هي ضمانات عدم انتهاك حقوق الانسان. وأملنا في قضاء مستقل وسريع وشفاف، وذلك هو الطريق الأسلم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً