الصحافة يجب أن تمارس دورا رقابيّا وكم كنت أتمنى أن نلقى دعما من الجميع، من جميع المؤسسات من أجل تصحيح الاوضاع. في الحقيقة يجب ان نمتلك جرأة نقد الخطاب الموجود وادائنا السياسي حتى نستطيع ان نقف على اجندة واضحة تصب في خدمة المجتمع. البعض ينتقد الصحافة بشدة، انا اختلف مع اي ناقد للصحافة، فالصحافة استطاعت خلال العامين الماضيين ان تتناول ملفات وقضايا لم يستطع أحد تناولها واستطاعت ان تحل عشرات القضايا التي تمس آلام الناس، والناس ذات يوم ستشهد وستعرف قيمة ما تم انجازه وتحقيقه عبر الصحافة، والدليل على ذلك تهافت المجتمع البحريني على توصيل آلامه وهمومه الى الصحافة. الصحافة اليوم فرضت احتراما خاصا لها في المجتمع... نعم قد تخطئ ولكن تشفع لها حسناتها التي لا يمكن لأحد ان ينكرها. لقد أثبتت التجربة وبالأرقام اننا قادرون على خلق توازنات خاصة على رغم سلطة القانون وهذا ما نحاول اثباته.
كنت اتمنى من النواب أن يأخذوا على عواتقهم مهمة البعد الرقابي، فيراقبون الوزارات والمسئولين ليتم اصلاح المؤسسات وخصوصا نحن في بداية الاصلاح لكن للأسف لم نر شيئا من ذلك ولكن هذا لا يمنع الصحافة (السلطة الرابعة) من ان تمارس هذا الدور من دون ان تحتاج إلى شهادة تأمين لمدى الحياة او حصانة طيلة العمر كما اراد بعض نوابنا الذين تمنينا ان يقفوا موقفا جريئا في ملف التقاعد او ملف البعثات أو غيرهما.
دائما ما اطالب ببحرنة الوظائف وذلك لايماني الوطني بأن البحريني أحق بأية وظيفة وهذا الأمر يقودني إلى مساءلة صحافية لوزير البلديات في قضية حساسة وفي غاية الأهمية وهي قضية تتعلق بموظف في الوزارة وما حصل فيها من تجاوز للقانون. هذا الموظف أجنبي ويعمل في الوزارة ذاتها وقد خصص له مبلغ نقدي مقداره (350) دينارا علاوة سكن باعتباره متزوجا وله ولدان أو اكثر فمن كان على درجته يصرف له مبلغ 350 دينارا (وثيقة التوظيف بتاريخ 13 يوليو/ تموز 1999) وعلى رغم ذلك قبلت وزارة المالية بالختم على عقد ايجار له بمبلغ قدره 550 دينارا بتاريخ 1 يوليو 2002. الغريب في الامر ان هذا الاجنبي قام بإبرام العقد مع ابنائه، فالأب (الموظف الأجنبي) هو المستأجر والمؤجر هم ابناؤه السادة (.... و....) طبعا الموظف يعمل في ادارة كانت تتبع وزارة الاسكان واصبحت الآن تتبع وزارة البلديات والزراعة.
عند مجيء وزير الاسكان الحالي فهمي الجودر إلى الوزارة رأى هذه المخالفة، فجاء تقرير الرقابة على الحساب الختامي للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2001 بالنص الآتي: «إن الموظف (الأجنبي)... قد انتقل الى سكن جديد بتاريخ 1 اغسطس/ آب 2002 تعود ملكيته إلى ابنائه الذين حصلوا على الجنسية البحرينية حديثا وبقيمة الايجار السابق نفسه، ان هذا الاجراء يعتبر تصرفا غير مقبول عندما تقوم الوزارة بالتعاقد مع ابناء موظف لاستئجار بيت له، في الوقت الذي يعمل فيه أحد أبناء الموظف في بنك الاسكان الذي تشرف عليه وزارة الاسكان والزراعة. ان هذه العملية هي ضد ما تم التعارف عليه بضرورة تفادي عقد اعمال وصفقات مع «اطراف ذوي علاقة» والتي تؤثر على نزاهة مثل هذه العمليات». وفي التقرير كتب الوزير التوصية «على رغم حصول وزارة الاسكان والزراعة (شئون الاسكان) على الاستثناء فإن ذلك يعد مخالفا لقرار مجلس الوزراء رقم (12) لسنة 1999 إذ ان القرار المذكور لم يخول اية جهة حكومية استثناء مواده، لذلك نوصي بتطبيق مواد القرار كافة على كل الحالات. والعمل على وضع الأمور في نصابها الصحيح واتخاذ الاجراءات الفورية لذلك. ولذلك نوصي بوقف هذا الاجراء فورا وصرف علاوة السكن للموظفين» طبعا جاء رد الوزارة بالآتي «ستقوم ادارة الشئون الادارية والمالية بالالتزام بما جاء في التوصية واتخاذ الاجراءات اللازمة للتنفيذ» طبعا هذا الموظف الاجنبي كان ضمن ادارة التحقت أخيرا بالبلديات وهنا نسأل وزير البلديات: هل يعلم عن هذه القضية، وهل تم متابعتها ام لا؟. ثانيا: على فرض المتابعة او عدم المتابعة، هل ستتم متابعة الملف فقد تجر إلى فتح ملفات هنا أو هناك لموظف هنا أو هناك؟ السؤال الآخر: كيف تم توقيع العقد من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني وأين كان الوزير عبدالله سيف؟ ولماذا لم يلحظ الموضوع الا وزير الاسكان؟ والسؤال يتجه إلى وزير البلديات حاليا، هل تابع الامر أم لا؟ أم هل تم اعطاء موقف او اضعف الايمان تحذير في الأمر؟ اتمنى ان اجد اجابة من الوزارتين مدعمة بالتواريخ وان تكون الاجابة محددة بموضوعية ودقة. اعتقد اننا نحتاج إلى وقت لتصحيح اي تجاوزات ولكن ذلك ليس صعبا مادام هدفنا الديمقراطية والشفافية وخدمة البحرين والشعب، دعونا نكون كلنا رقباء لاجل ان تنجح البحرين وينجح مشروعها. اننا عندما نقوم عبر الصحافة بتصحيح البيت الوطني نؤدي خدمة لهذا المجتمع وهذا الشعب وكلما اوقفنا اي تجاوز أو مخالفات لقوانين او قرارات سيكون لصالح الموازنة العامة ولصالح الجميع. هناك مثل بنغالي يقول: «دقق تسلم»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 655 - الإثنين 21 يونيو 2004م الموافق 03 جمادى الأولى 1425هـ