من بين العناوين التي كررتها مجموعة الدول الثماني وهي تتحدث عن اصلاح الشرق الاوسط «الكبير» بحسب المفهوم الاميركي، او «الموسع» بحسب المفهوم الأوروبي، موضوع «تمكين المرأة». فبحسب الاحصاءات الصادرة من الامم المتحدة فإن دولنا هي من أسوأ الدول في إهمال دور المرأة وتحويل المرأة من المشاركة في التنمية الى عبء على التنمية، تنتظر «سيدها» الرجل ليفسح لها المجال لكي تتنفس قليلا.
وعلى رغم الجانب الدعائي فيما يطرحه البعض، خصوصا اولئك الذين يتهمون الاسلاميين بالوقوف امام حقوق المرأة، فإن واقعنا يشهد تقليلا من شأن المرأة في الحياة العامة فعلا. ولكن تفعيل دور المرأة يجب ان يكون ضمن الاطار المقبول اسلاميا ومجتمعيا، وهو الامر الذي لاتلتفت اليه الدعوات الصادرة من الخارج.
في العام 1995 تبنى المؤتمر العالمي للمرأة الذي عقدته الامم المتحدة في العاصمة الصينية، بكين، أن تسعى الدول المشاركة إلى مساعدة المرأة في دخول الهيئات التشريعية على امل أن تكون نسبة المرأة 30 في المئة من اعضاء البرلمانات. بعد ذلك تبنت عدة دول نظام «الكوتا» الذي فرضت من خلاله على الناخبين ادخال مابين 20 الى 30 في المئة من النساء الى البرلمان، بينما ذهبت فنلندا الى ابعد من ذلك وفرضت نسبة 50 في المئة للنساء في البرلمان. هذا في الوقت الذي تمثل المرأة في الكونغرس الاميركي نسبة 14 في المئة.
ليس معلوما ما اذا كانت المرأة غيرت كثيرا من السياسات في هذه البلدان، ولكن بالتأكيد فان المجالس النيابية والمحلية التي احتوت على كتلة نسائية تصدر عنها تشريعات وقرارات اكثر رحمة بالاسرة وبتوزيع مزايا الرعاية الاجتماعية وبالعمل وبالتعليم وتوفير الحاجات الاساسية مثل الماء النظيف،... الخ.
سياسة الانحياز الايجابي لصالح المرأة (مثل نظام الكوتا) ليست ناجحة في كثير من الاحيان، فقد وجد ان بعض النساء يصعدن الى اعلى السلم من دون كفاءة ما ينعكس سلبيا على المرأة عموما. ولكن المنحازين ايجابيا يستفيدون من الجانب الدعائي على الاقل ويتحدثون وكأنهم افضل من الآخرين الذين يحرمون نصف المجتمع من الحقوق.
قد لا تفيدنا سياسة الانحياز الايجابي كثيرا، ولكن ماهو موجود لدينا هو سياسة الانحياز السلبي ضد المرأة. ففي دولة متقدمة مثل الكويت لايزال الحديث يراوح بشأن حق المرأة في التصويت، والهول في المسألة هو ان البرلمان المنتخب شعبيا يقف ضد حق المرأة السياسي، بينما تقف الحكومة مع الحق، ويختلط الحابل بالنابل.
في البحرين منحت المرأة الحق السياسي ولكنها لم تصل الى المجالس البلدية او الى المجلس النيابي، ذلك لان المرأة البحرينية لاتتحرك على اساس نسوي، وانما تنضوي تحت مظلة هذا الاتجاه الفكري او ذاك. بمعنى آخر، فإن المرأة لاتصوت للمرأة وانما تصوت للاتجاه. واذا كنا نود المزيد من «التمكين» للمرأة البحرينية فان اقرب الطرق هي اقناع الاتجاهات المسيطرة على الساحة (وجميعها اسلامية) ان تتبنى طرح النساء ضمن قائمة مترشحيها. ولقد بدأت جمعية المنبر الاسلامي العمل في هذا الاتجاه، ولعلها تفلح في اذابة الجليد وتصد الجانب الدعائي السلبي ضدنا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 655 - الإثنين 21 يونيو 2004م الموافق 03 جمادى الأولى 1425هـ