طلبوا العلم، مكثوا أعواما قضوها في السهر كيما تأتي ثمارهم يانعة وها قد جاء اليوم يوم البعثات. هل يتحقق الحلم فتلبي البعثات طموح المجتهدين من أبنائنا، سؤال مهم، وقبل الخوض في الموضوع، لابد من وقفة إجلال واحترام لجمعية الجامعيين التي لم تألو جهدا - لمعرفتها بخطورة هذا الملف - في البحث والتدقيق لأجل تحقيق مكاسب لأبنائنا. الأستاذ عبدالجليل خليل يستحق أن يقدم اليه كل متفوق وردة عرفان لما يبذله هو وجمعيته من عمل تطوعي لصالح أبنائنا المتفوقين وكم كنت أتمنى من جميع مؤسسات المجتمع المدني ألا تغفل هذا الملف سواء عبر الخطب أو النشرات أو المحاضرات والندوات، فملف البعثات يجب أن يكون شاغلنا الأهم هذه الأيام، فهو يتعلق بمصير الأجيال والناس تتمنى من الصحافة والنواب وصلوات الجمعة أن تركز هذا الأسبوع على الموضوع لخطورته وأهميته وكل أبنائنا الخريجين والمتفوقين ينظرون إلينا بعين الأمل أن نجمد كل شيء هذه الأيام لنقف وقفة جد وتدقيق لهذا الملف. للأسف الشديد هذا العام يوجد الكثير من الخلل في هذا الملف ويجب أن نتكلم بواقعية بعيدا عن المجاملات وسأستعرض الملاحظات عبر هذه النقاط:
1- الموازنة التي ترصدها الدولة للبعثات في غاية الضعف وليست بمستوى الطموح، فما يرصد من مال لنادٍ من نوادي البحرين يفوق ما يرصد لكل البعثات، إذن الموازنة المخصصة للبعثات لا تزيد على (249 ألف دينار سنويّا) فقط، وهي تلبي سوى رغبات 20 في المئة من الخريجين. السؤال: هل 249 ألف دينار كافية؟ طبعا لا. السؤال: أين يذهب الـ 80 في المئة الباقون إذا كانت الموازنة لا تلبي إلا 20 في المئة؟ هل الأزمة أزمة موازنة؟ لا. والدليل ما يصرف من موازنة الدولة على قضايا كمالية. مثال: صرف 20 ألف دينار على كتاب قام بتجميعه المدير العام السابق لصندوق التقاعد. صرف ما يفوق 64 ألف دينار على احتفال واحد لم يعقد أيضا في هيئة التقاعد ذاتها (اليوبيل الفضي). قبل فترة أيضا استعرضت بالمستندات كلفة ترميم مكتب رئيس إدارة الأوقاف الذي تم قبل ثلاثة أعوام تقريبا وكان المبلغ المرصود إليه مبلغا خياليا... الخ.
لديَّ وثيقة تتحدث عما خصص لمكتب وزير مع وكيله من مبلغ يصل تقريبا إلى 250 ألف دينار. وسأعرضها تفصيلا في مناسبة أخرى. أقول: إن ما يرصد للبعثات مجحف بحق الطلبة والطالبات، وإذا أردنا أن نطور هذا البلد، يجب أن نركز على قطاع التعليم وكل أملنا من الحكومة الموقرة أن تنظر في هذا الأمر.
2- أكثر البعثات تلبي حاجة وزارة التربية وهي تزيد على 80 في المئة، ولكن يجب أن تتفهم الوزارة طموحات الطلبة، فليس البحرين كلها وزارة تربية، أين بقية التخصصات؟ الوزارة تقول: هناك نقص لدى الوزارة في بعض التخصصات وتريد ملئه بالبحرينيين مستقبلا، ولكن ذلك ليس حلا ويجب ألا يكون على حساب تخصصات أخرى في أماكن أخرى هي الأخرى ستعاني من نقص لو لم يلتحق الطلبة بهذه التخصصات والحل يكمن في الموازنة. يجب ضخ أموال إضافية، فقطاع التعليم يجب أن يحظى بموازنة تفوق موازنة الرياضة وما يصرف من أموال على برامج استهلاكية من تكريم ممثلين أو فنانين عرب و... ما يصرف على هذه القضايا يجب أن يوفر للتعليم والصحة. هناك أزمة تخطيط ونحن بحاجة إلى وزارة تخطيط وبحاجة إلى تنسيق بين الوزارات والتربية والجامعة. طبعا البرلمان لم يتطرق إلى ملف البعثات وشحها، لأنه مشغول بقضية الشرق الأوسط «قضية سواقة المرأة للسيارة».
3- لماذا يتم توزيع البعثات بهذا النظام القديم (526) بعثة دراسية مخصصة للمدارس الحكومية و100 بعثة دراسية مخصصة للمدارس الخاصة و280 بعثة ومنحة دراسية خصصت لأبناء العاملين ومنتسبي الوزارة. أولا: طلاب المدارس الخاصة في معظمهم ليسوا محتاجين إلى هذه البعثات. العام الماضي رصدت (100 بعثة لهم) والذين سجلوا تقريبا «44» شخصا أي بقيت 56 بعثة شاغرة. هذا العام في اليوم الأول للذكور تم تسجيل 19 طلب بعثة وفي اليوم الثاني 20 بعثة للإناث، ولا نعلم اليوم كم سيتم التسجيل، بمعنى أن هناك زهد من قبل عدد كبير من أبناء المدارس الخاصة في البعثات المخصصة لجامعة البحرين وغالبية الآباء يرسلون أبناءهم إلى جامعات أجنبية وعلى رغم ذلك نقول: كم نسبة أبناء المدارس الخاصة إلى أبناء كل المدارس الحكومية في البحرين حتى تقتطع 100 بعثة لهم. ثم التربية مطالبة بإعلان البعثات الشاغرة.
4- لماذا تخصص 280 بعثة ومنحة دراسية لمنتسبي التربية وإذا كان ذلك مراعاة للمنتسبين فيجب هنا أن يخفض منتسبو الكهرباء من تسعيرة الكهرباء والماء، ويجب أن تعطى غرف خاصة للعلاج إلى منتسبي الصحة ويجب أن يمنح أبناء منتسبي الأشغال أراضي إضافية، وهكذا. وأتمنى على رغم ذلك أن يتم توزيع هذه البعثات على المنتسبين بأسلوب قائم على الشفافية وأن تنشر في الصحافة مع المعايير مرفقة بالأسماء حتى لا نقع فيما وقعنا فيه من إشكال في تعيين المديرين ومساعدي المديرين وغير ذلك. فليخصص للمنتسبين 280 بعثة ومنحة ولكن في المقابل قدموا 1000 بعثة أخرى لبقية الخريجين في المدارس الحكومية.
5- على الوزارة أن تنشر البعثات بالأسماء هذا العام، سواء بعثات البحرين أو بريطانيا أو نيوزيلندا أو غيرها، ونتمنى من الوزارة أن تنشر كل البعثات مع أسماء أبناء المسئولين في الوزارة لنرى مقدار الشفافية. ونتمنى أن تكون درجة الشفافية كالعام الماضي وأفضل من ذلك.
6- كلنا نتطلع إلى مبادرات يقوم بها تجار البحرين والمؤسسات والمصارف بتبني طلبة متفوقين. سمعنا أخبارا عن ذلك ولكن نتمنى فعلا أن نرى مثل هذه المبادرات أسوة بتجار الكويت وقطر والإمارات والسعودية وعمان، فهناك يتبنون الأبناء المتفوقين. أيضا الجامعات الأهلية في المملكة بإمكانها أن تقوم بذلك مشكورة.
7- على الوزارة أن تعيد النظر في نوعية البعثات، فالمملكة تحتاج إلى تخصصات تناسب القطاعات الأخرى كإدارة الأعمال والمحاسبة والعلاج الطبيعي والأعمال المصرفية والمالية والهندسية وعلوم الحاسب الآلي والتكنولوجيا، ونحن مقبلون على مشروع مرفأ البحرين المالي الذي يحتاج إلى تخصصات عالية، إلا إذا كان سيملأ على طريقة ما ملئت به وظائف البرلمان والمحكمة الدستورية والنيابة العامة والمؤسسات الجديدة، فقد ملئت بعيدا عن الصحافة، وهذا لاشك يتعارض مع ما نطرحه من توجهات حقوقية تركز على الوحدة الوطنية. في الختام نتمنى أن تعطى الوزارة موازنة أكبر وأن تحل كل هذه الاشكالات وأن يتم التعاون التام مع مدير البعثات
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 654 - الأحد 20 يونيو 2004م الموافق 02 جمادى الأولى 1425هـ