أصابت الاعتداءات التي يتعرض لها الأجانب في المملكة العربية السعودية اقتصادها حاليا وعلى المديين القصير والمتوسط بأضرار بالغة قد يمر وقت طويل قبل إصلاحها، لاسيما وأن هذه الاعتداءات تستهدف في الغالب خبراء واختصاصيين واستشاريين أجانب تقتضي حاجة الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية والاستثمارية في السعودية حضورهم المادي على الأراضي السعودية لتحريك دورة العمل الاقتصادي والتجاري والاستثماري. وباعتماد الجماعات الإرهابية عمليات نوعية تستهدف قتل هؤلاء الأجانب على أهميتهم لاقتصاد المملكة فإن الأضرار الناجمة عن هذه العمليات مرشحة للمزيد من التراكم.
وقد حصدت تلك الاعتداءات حتى الآن أرواح نحو 82 شخصا معظمهم من الأميركيين والآخرون من بريطانيا وإيرلندا وأستراليا وألمانيا وكندا وبعض البلدان الغربية والعربية. ومن الطبيعي، والحال هكذا، أن تطلب تلك الدول من رعاياها المقيمين في الأراضي السعودية مغادرتها ومن أولئك الراغبين في السفر إليها عدم السفر. والخاسر الأكبر من هذه العمليات على المديين المتوسط والبعيد هو المواطن السعودي ووطنه، ذلك لأن مثل هذه العمليات تهز الثقة في السعودية وتؤثر سلبا على سمعتها وتضر باقتصادها ضررا بليغا.
وبغض النظر عن نجاح السلطات السعودية في الحد من خطر عمليات الجماعات الإرهابية التي تستهدف قتل الأجانب أو عدم نجاحها فإن الضرر لحق فعلا بالاقتصاد السعودي وهو ضرر كبير وخطير. ومسألة تداركه تحتاج إلى وقت ليس قصيرا وعملا شاقا وطويلا ومضنيا. فعلى صعيد تسويق القطاع السياحي السعودي الذي يشهد نموا مطردا فإن مخاطر السفر إلى السعودية في ظل أوضاع كهذه ستصيبه في مقتل، فضلا عن تضرر القطاعات الصناعية، وخصوصا النفط جراء الخوف الذي أصاب الأجانب سواء كانوا مقيمين أو راغبين في الإقامة في السعودية مستقبلا... وغير ذلك من قطاعات الاقتصاد السعودي.
وفي كل الأحوال فإن الاعتداءات الإرهابية - التي تحولت تحولا نوعيا خلال الأشهر القليلة الماضية باستهداف خبراء أجانب مقيمين في السعودية - سعت إلى ضرب مفاصل الاقتصاد السعودي الذي يشهد نموا مطردا بفعل ارتفاع أسعار النفط وتنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الصرف الحكومي
العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ