على رغم أن المواطنين والقاعدة العمالية ملوا سماع اسطوانة التسييس المشروخة التي كتب كلماتها مجموعة قليلة من النقابيين (المسيسين من أخمص أقدامهم حتى قمة رؤوسهم) بعد أن فشلوا في نيل ثقة غالبية أعضاء المؤتمر التأسيسي والقاعدة العمالية، ولجنتها وتغنت بها إحدى فرق الكورال المتخصصة من السياسيين والمروجين الاعلاميين، فأذاعتها ونشرتها وروج لها أحد أبواق الدعاية، مازال البعض متوهما بشعبيتها وحالما بتسيدها فإذا بها تعزف بشكل مستمر في كل موقف أو حدث يتعامل معه اتحاد نقابات عمال البحرين بحيث وصل الأمر إلى درجة من الاسفاف والابتذال ما جعل الجميع يسأل متى سيتوقف هؤلاء رحمة بآذان الناس وأحاسيسهم ومشاعرهم التي لم تعد تطيق أو تتحمل هذه الأصوات والموسيقى النشاز؟
والحقيقة أن البعض أصبح يتندر بما يمكن أن نسمي العام 2004 انطلاقا مما جرت عليه عادة أهل البحرين قديما في تذكر حوادثهم المهمة. فالبعض يقترح أن يسمي العام بعام الخلوة، بينما البعض الآخر يقترح تسميته بعام الحوار. فاقترحنا عليهم تسميته بعام التسييس!! فعلى رغم كل ما قدمه عبدالله حسين في مقالين نشرتهما احدى الصحف المحلية بتاريخ 17 مايو/ أيار، و7 يونيو/ حزيران 2004 وكشف فيهما الكثير من المغالطات يخرج علينا بعض من كنا نأمل خيرا في كتاباتهم ليصر في مقالين متتاليين على ترديد الأغنية نفسها. فإن كان هذا مراده فبئس ما اختار.
ألم تتيقنوا أن كل ما تقومون به انما يصب في مصلحة أطراف عرفت بعدائها للطبقة العاملة ولها أجندتها الخاصة التي يعمل من خلالها مروجو اعلامها مقالاتكم وكتاباتكم لتصب في صالح خدمتها واشغال الحركة العمالية النقابية بقضايا بعيدة عن أولوياتها؟ ألم تدركوا على رغم كل ما يجري أن حلفاء اليوم يريدون استغلال تاريخكم وتوظيفه في خدمة توجهاتهم المشبوهة؟.
الواقع أننا نوينا ألا نناقش إلا الكتابات الجادة والهادفة كمقال ابراهيم القصاب الذي نشرته احدى الصحف المحلية الأحد الموافق 6 يونيو 2004، انطلاقا من أن المقال يحمل آراء عقلانية ويثير قضايا أساسية نتفق في بعضها معه، بل ويتفق معه كل النقابيين من حيث انه يحمل رؤية موضوعية عن أهم القضايا والتحديات التي تواجهه الحركة النقابية العمالية. وهو - أي المقال - يبشر بتحول نوعي نحو حوار فعال وجاد داخل الحركة النقابية العمالية. لكن يبدو ان الأمور تطورت بسبب كلمات بعض من يدبج مقالات تقطر ليس بالمتناقضات فقط بل ويشتمُّ من بين أنفاسها الجهل، وإلا كيف يمكن أن يسمي البعض قيادات الحركة النقابية العمالية التي وصلت إلى مواقعها عبر انتخابات شفافة وديمقراطية «بهؤلاء القلة» داخل تلك النقابات والاتحاد؟ وكيف يمكن أن يكون هؤلاء قلة ومع ذلك يفوزون بثقة القاعدة العمالية؟ هل وصلوا عبر انتخابات مزورة؟ لا أحد يعلم ذلك إلا صاحبنا والقلة الحقيقية التي تأتمر بأمره.
لابد من توضيح أن القاعدة العمالية لا يهمها ولا تلتفت إلى المسلسلات التي ينشرها البعض ممن أشهر افلاسه النقابي والوطني والثقافي ولا تناقش ما يدعيه من براهين ولا دلائل لأنها تعلم جيدا انها تخيلات فقدت القدرة على التمييز بين الخيال والواقع وبين الصدق والرقص على الحبال.
والحقيقة بودنا أن يأتي ذلك اليوم الذي تفتح فيه الدفاتر وسنرى حينها من الذي سيتهاوى وإلى أي حضيض سيقع أولئك الذين يطمعون في تسلق الحركة النقابية والوطنية واستثمار استحقاقاتها لصالحهم والتسلق على ظهور عمالنا لكن هيهات فلا يصح إلا الصحيح. ونقول للفعاليات النقابية والقيادات العمالية وقاعدتها ألا إن أمامكم تحديات ومهمات وملفات أبسطها قضية التعميم الاداري لديوان الخدمة المدنية لكنها ملفات متراكمة وتريد تفرغا كاملا لعلاجها. فمن ملف التأمينات الذي يجب رفض اقفاله إلى ملف البطالة والحد الأدنى للأجور وتعديل المرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2003 لكي لا تتعارض أي من مواده مع الحقوق العمالية التي كلفتها الاتفاقات الدولية بما فيها حق الاضراب «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (105: التوبة) صدق الله العظيم
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ