الفضيحة التي تفجرت منذ شهرين على ما يجري في سجن أبوغريب، أمر متوقع تنقصه الصور، وها هي ذي الصور توافرت، والآن تنقصه العدالة لمحاسبة من أمر ونفذ هذه الأوامر الوحشية، ولكن من سيحاسب من؟
إذا كانت الإدارة الأميركية الآن في ورطة مع القائد فيرناندو سانشيز الذي كلفته بترؤس لجنة التحقيق فيما جرى في السجن ووجدت أن فتاها ربما متورط في الأمر، فاستبدلت به جنرالا آخر، وإذا كانت القيادة الأميركية أرادت معاقبة قائدة السجن الجنرال جانيس كاربينسكي التي ظهرت الفضائح في وقت قيادتها للسجن، واستبدلت بها خير خلف لخير سلف، الجنرال جيفري ميلر، وهو - بشراكم يا سجناء العراق - قائد ومهندس سجن غوانتنامو، الذي أسر ذات مرة لكاربينسكي قائلا: «تعلمنا في غوانتنامو أن السجناء يستحقون كل ما يحدث لهم». وأنه لا يسمح للسجناء بالاعتقاد بأنهم أفضل من الكلاب، فأي عدالة ترتجى؟
وليس هذا فحسب، فإن الرئيس الأميركي نفسه، لا يبدي أي خجل أو أسف على ما ورط أبناء شعبه فيه، من دماء تهدر في المواجهات أو كراهية للأبرياء منهم في أي مكان في العالم اليوم، وأموال بمئات المليارات من الدولارات، وذلك إثر سقوط حججه الواحدة تلو الأخرى، فلا أسلحة دمار شامل ظهرت، ولا رابط حقيقيا بين القاعدة والنظام العراقي، ولم تبق من أوراق التوت الهزيلة بين يديه إلا القول بأنه خلص العالم من نظام دكتاتوري بشع، ويا لها من حجة.
هناك من المتحمسين من يرغب في جمع التوقيعات لمحاكمة بوش على ما ارتكبه في العراق، ومع نبل الهدف، فإن الإدارة الأميركية التي لا تسمح بمحاكمة أصغر جنودها في الخارج، لن تسمح بمحاكمة رئيسها نفسه.
جميل أن بقي فينا من له «عصب يثور» كما قال خليل حاوي الذي انتحر بعد الخذلان العربي للبنان في العام 1982، وأن يثور في الطريق الصحيح هذا هو الأهم بدلا من حرث الهواء
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 652 - الجمعة 18 يونيو 2004م الموافق 29 ربيع الثاني 1425هـ