بماذا تختلف النتائج المنطقية عن النتائج الطبيعية عندما يستخدمها الآباء لردع التصرفات الخاطئة لأبنائهم من أجل تطوير شخصياتهم؟
عادة ما تستخدم النتائج الطبيعية إذا ما أخطأ الأبناء بشكل تلقائي غير قاصدين التحدي لآبائهم. أما النتائج المنطقية فيستخدمها الآباء عندما يقصد الأبناء التمادي في تصرفاتهم السلبية فهنا يطبق الآباء العقاب من خلال النتائج المنطقية لسوء سلوك أبنائهم.
مثال على ذلك لندرك كيفية استخدام هذه الطريقة التربوية الناجحة. جلال طفل في العاشرة من عمره، ماهرٌ في ألعاب الفيديو، لكنه لا يحسن القدرة على أن يشارك أصدقاءه في هذه اللعبة عندما يقومون بزيارته.
في البداية لم يتدخل الأب الذي لاحظ سلوك ابنه السلبي ليحسن تعامله مع أصدقائه وترك الأطفال ليحلوا مشكلاتهم وحدهم، لكنه اضطر إلى التدخل بعد يومين من توالي الشجار بينه وبين أصدقائه من أولاد الجيران.
دخل الأب مساء ورأى جلال مع أصدقائه يلعبون ألعاب الفيديو، وسمع صديق ابنه يقول له: «لقد أنهيت دورك من دقائق... لقد حان دوري الآن» وسمع ابنه يرد عليه قائلا: «لا، لم ألعب مثلما تدعي... وثم هذا بيتي... أنا أقرر من يكون له الدور في كل مرة».
تدخل والده مطبقا (الاختيارات المحدودة لتطبيق النتائج المنطقية). جلال، إما أن يكون دورك مثل أصدقائك أو سآخذ اللعبة لأعطيك إياها غدا... أي الخيارين تفضل؟
رد جلال: «الاختيار الأول، سأفعل ما تريد».
قال والده: «اختيار طيب، وسأرى إذا كنت تطبقه».
لكنه بعد أقل من خمس عشرة دقيقة، نشب الشجار بينه وبين أصدقائه، لأن جلال استولى على المحرك وقرر أن يكون لعبه أطول لأن نقاطه التي سجلها أكثر.
علّق الأب بهدوء وحزم: «يبدو انني مضطر إلى أن آخذ اللعبة لكي لا تلعب بها مع أصدقائك... وسأعطيك إياها غدا».
والد جلال طبق هنا النتائج المنطقية لعدم التزامه بالاختيار الذي اختاره، وهذا الأسلوب التربوي يعد من أفضل الوسائل للوصول إلى تحمل الأبناء مسئولية تصرفاتهم الخاطئة وتطوير سلوكهم منذ أن قام الخبير التربوي رودولف دريكورس بتبسيطه وجعل من السهل على الناس أن يطبقوه في مختلف المجالات ومنهم الآباء.
إذا من الواضح أمامنا اختلاف استخدام النتائج المنطقية عن النتائج الطبيعية، لأن الأولى يخطط لها الآباء وهي متعلقة منطقيا بالموقف أو سوء السلوك الذي صدر عن الطفل، إذ حرم الأب ابنه من اللعب بلعبته، لأنه اختار ألا يلتزم باختياره وهو أن يحسن مشاركة أصدقائه في اللعب بألعاب الفيديو، أي انه تجاوز الحدود التي وضعها له والده للعب والنتيجة المنطقية لذلك انه خسر قوته وسيطرته على اللعبة، لكنه لم يخسر مسئوليته عن قراره.
النتائج المنطقية ترسل أفعالا واضحة من الآباء يفهمها الأبناء وتحدّ من التصرفات الخاطئة، تعلّم أبناءنا حدودنا، وتجيب على الأسئلة التي لم نجب عليها بأقوالنا... أي عندما يجرب أولادنا النتائج المنطقية فإنهم يدركون أين يقفون وماذا نتوقع منهم، لكن علينا كآباء لكي نحصل على أفضل النتائج منهم أن نقوم بتطبيقها فورا بعد أي سلوك خاطئ منهم وباستمرار وبطريقة مؤقتة. وعلى الآباء أن يسلطوا انتقادهم على تصرفات أبنائهم الخاطئة لا شخصياتهم. وعندما يقوم الآباء بتطبيقها فإن عليهم استخدام نبراتهم العادية الحازمة، لأن نبرات أصواتهم إذا حملت مشاعر الغضب والتسلط والعاطفة، فإنهم بذلك يكونون تدخلوا كثيرا في أمور أبنائهم وكأنهم يأخذون المسئولية عن أكتافهم، وعندما يحدث ذلك فإن موضوع تعليم الأبناء تحمل المسئولية سيفشل وسيتحول إلى صراع كلامي سلبي بينهم وبين آبائهم. ولنتذكر كآباء أن النتائج المنطقية الهدف منها هو وقف تصرفات الأبناء السلبية لا دفعهم إلى الإحساس باليأس والإحباط وعدم احترام النفس
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 652 - الجمعة 18 يونيو 2004م الموافق 29 ربيع الثاني 1425هـ