نحن الآن في طائرة الإصلاح. فلنتفحص شروط الرحلة قبل الاقلاع. الطائرة أميركية الصنع، قبطان الطائرة أميركي الجنسية، ومساعد القبطان بريطاني، والمهندس فرنسي، ومساعد المهندس ألماني، والطاقم المكلف بمراقبة الاقلاع والهبوط اختير من تشكيلة تنتمي إلى دول الثماني. فهناك الكندي والياباني والإيطالي. حتى المضيفات المكلفات برعاية المسافرين والسهر عليهم وتلبية حاجاتهم اخترن من جنسيات يابانية وكندية وإيطالية. العربي الوحيد في الطائرة هو المسافر. فالركاب هم مجموعة من الشبان العرب ينتمون إلى تلك الدول المنبسطة جغرافيا من المحيط إلى الخليج. وحتى لا يفلت المسافرون في اللحظات الأخيرة رُبطوا بالأحزمة وشدت أرجلهم إلى المقاعد.
المسافرون العرب لا يدرون وجهة الاقلاع ولا رقم الرحلة وأين سيحط بهم الصندوق الطائر. حتى الطعام ونوعيته لا يعرف المسافرون العرب عنه شيئا.
فالوجبات الشهية أعدتها وكالات خاصة تعود ملكيتها إلى الدول الثماني التي قررت فجأة إصلاح المنطقة العربية بعد غياب طويل عن السمع. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
بدأت الرحلة، وفور إقلاع الطائرة دخلت في مطبات هوائية، فطلب القبطان من المسافرين البقاء في مقاعدهم وعدم فك الأحزمة حتى إعلان الوصول، وبعد هبوط الطائرة بسلام.
في الطائرة بدأ القبطان بشرح أهداف الرحلة والمراحل التي ستمر بها في سفرة طويلة ربما تمتد عشر سنوات أو أكثر.
سنبدأ عزيزي المسافر (الكلام للقبطان) بافتتاح «المنبر من أجل المستقبل» في خريف 2004، وسنحدد لاحقا مكان الافتتاح وموعده (التوقيت مفاجأة). بعدها سنقوم بتمويل مشروعات صغيرة لم نحدد نوعيتها أيضا، واتركوا لنا توضيح الصورة وطرح أسئلة: كيف ومن ولماذا. ونعدكم بأن الأجوبة أيضا ستكون مفاجأة. بعدها سنبدأ بإنشاء مجموعة استشارية لتمويل المشروعات الصغيرة. وحتى الآن لا نعرف من يشرف عليها ولكنها ستكون تابعة للبنك الدولي ونعقد لقاءات دورية، ولكننا لا نعرف ما هي الجهات والمناطق المقصودة. فهذه الجوانب من الصورة غير واضحة أيضا فاتركوا لنا عملية البحث عن الإجابات. أيها المسافرون لا تزعجوا أنفسكم فنحن في خدمتكم.
بعدها سنقوم بإنشاء مركز تدريب على أفضل أساليب العمل وهو يشبه معاهد التدريب المهني والإداري ويرجح أن يكون مركزه في الأردن. أحد المسافرين سأل: هل يكفي معهد تدريب لتحقيق النهضة العربية الموعودة؟ القبطان: لا، ولكنها بداية جيدة أليس كذلك؟ بعدها سنبدأ باطلاق برامج تجريبية لمساعدة أصحاب الأعمال الحرة الصغيرة، والخطة تقضي بمساعدة أكثر من مليونين من أصحاب الأعمال الحرة الصغيرة. وسيكون اليمن هو مكان هذه البرامج التدريبية.
أحد المسافرين قاطع القبطان محاولا السؤال، فنهره «دعني أكمل ما تبقى من خطط ومشروعات وبعدها تطرح السؤال الذي تريده، فنحن الان نعيش في فضاءات ديمقراطية». بعدها سنبدأ بتعليم مهارات القراءة والكتابة لعشرين مليون شخص بحلول العام 2015. وستترافق مع جهودنا في خفض معدل الأمية، التدريب على استخدام «الانترنت»، ونتوقع أن يتدرب مئة ألف مدرس بحلول العام 2009.
المسافر نفسه يرفع يده مستئذنا بالسؤال. القبطان «قلت لك أعطني فرصة كافية لشرح ما تبقى من خطط وبرامج». تعليم المهارات والتدريب على «الانترنت» سيبدأ في الجزائر وأفغانستان وسيتم تنفيذه بالتعاون مع «اليونيسكو» ومؤسسات قائمة حاليا لإقامة شبكة إقليمية دائمة لتقاسم الخبرة. ونتوقع أن هذه الشبكة الحديثة ستنجح في تحسين فرص التعليم للفتيات والنساء لأنها ستركز دروسها على الصحة والتغذية.
المسافر نفسه يطلب السؤال. القبطان «قلت لك لا تقاطعني». بعد تلك الخطوات سنقوم بتنفيذ برامج للتدريب المهني بالتحالف مع رجال الأعمال بهدف تخريج 250 ألفا من الشباب العربي وغيرهم من شبان «الشرق الأوسط الكبير». وستكون حفلات التخرج برعاية برامج لمديري الشركات البارزين وبالتعاون مع غرف التجارة ومؤسسات أعمال محلية. وستترافق كل هذه الإنجازات مع تشجيع زيارات متبادلة لمهندسين من البحرين والمغرب للتدريب على الأعمال الحرة والمهن.
المسافر يصرخ بأعلى صوته... القبطان «نعم ماذا تريد؟». أريد الذهاب إلى الحمام (التواليت). أذهب وسأكمل لكم غدا تفصيلات برامج الإصلاح. ناموا الآن
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 650 - الأربعاء 16 يونيو 2004م الموافق 27 ربيع الثاني 1425هـ