العدد 650 - الأربعاء 16 يونيو 2004م الموافق 27 ربيع الثاني 1425هـ

أتدثر بالشواهين فربما ينتسب السفح لي

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

مبثوث في مراثي الغبار... نادمْتُ الوهْم فصرتُ من أحباره... خلعْت على المناجم مستقبل الردْم... وفي فرائها الترابي قلت: سيهرول المعدن فامكثي عند المصب. العربات قادمة بفاكهة المباهاة، تجرّها الخيول المستجمّة بالنفيس... فامكثي عند المصب... الذهب فضيحة التراب... ذليل به، مذلٌّ بعده... غلامٌ به، إله بعده، فامكثي عند المصب. مبثوث في مراثي الذهب... كلما هادنْته عاجلني بفِتَنِه. ألهذا يتسابق الأباطرة لبلوغ هذا المجون؟ الذهب مجون الفاقة... ألهذا تتسابق الخليقة لهذا النشر الناصع؟ الذهب بوق الغفلة... ألهذا تتسلل الموسيقى كي تتفقّد أعضاءها بمراياه؟ الذهب مرايا تفضح الأسْود البهيم... فامكثي عند المصب. من ذا الذي يعجّل بالفيء كي نمضي محمّلين بعيّنات الضحايا؟ فامكثي عند مصب المذبحة. سيخرج القتلة من رمادهم مرصودين بذهب الأشلاء... فامكثي عند مصب الأشلاء. ستخرج الفراشات رافعة بيارقها، مرفرفة بأجنحتها المائية لفتور الحمأ... فامكثي عند مصب الفراشات... مصب الحمأ. مبثوث في الفراشات... أجدل صخبها اللوني، فتهيل عليّ مساحيق الزبرجد... فامكثي في الزبرجد. أهتف به: اقبلْ يا سادن أحلامنا الآثمة... مبثوث في مراثي الآثام... من يسنّ نواميس الغفلة كي اكون جديرا بسلالم هذا الوعيد؟ أمكث في الوعيد لقصاص واحد... اقيم في صدوع الجهر... مبثوث في الجهر... أمكث في النهوض كمن يجد في «الهول» «لهوا»... مبثوث في الصارخ... ملامسة لشغف البعيد... أمكث في زفرات الأقاصي وحنين الدنوّ المفتوح على القلب... مبثوث في القلب... جمهرة شهيق وبهاء زفرة تقض المضجع... مبثوث في المضجع المهيأ لي ... لنداوته الفاترة... أمكث في اللهاث الغيبي... مبثوث في المداخل استمالة للمواراة... ضراعة للتخفي في أزياء الغيوم ورفاهية الينابيع... أمكث في خطوات ترسم للصواعق أخاديد النسف وذل الشاهق... مبثوث في الشاهق... مرجا لطموح جدير هارب من وشاية القيعان... أمكث في الغلال الوثيرة المنذورة لقيامات القطف... مبثوث في القطف... حجّا نحو فراسخ الأعناق... اقيم في الكروم التي رجرجتها هواجس العابر في غربة صباحات راعفة... أمكث في يقظات الحرس الموعودين بكنوز التسلل النادر... للباسل الذي يشرع يأسه جنة لخضوع القادم... أقيم في القادم نجما صافنا في عليائه الموائم... مبثوث في الملائم الذي أختلس معادلته بطمر البواصل الثملة... أمكث في الشقوق الموشاة بليْلك الخزف والصحاف المعطرة بالحبر المزمن والورق المصاب بأنيميا الرفوف... مبثوث في الرفوف... أليفا بوحشة الأتربة... نشيدا وطنيا لاستقبالهم برايات العقيق ولوحات الزمرد... مبثوث في الزمرد حديثا للمباهاة... بسالة للساطع ... شمما للحبور.. أمكث مستدرجا مقابض القلاع والنوافذ الشبقة لمفاتن الرؤية... مبثوث في الرؤية.

للتي تذرف سطوعا باتجاه الكوّات الليلية... جئتك أعزلا إلا من نجوم تتعرى أمام عراء هندسه الخشوع... إلا من حراب ادّخرْتها لطعن بحجم جمهرات يأس تدخلني في حلف مع ذلك الراهب الشرس... أتدثر بالشواهين فربما ينتسب السفح لي... أمكث في آخر الشرفات المطلّة على الأدخنة الفاترة... تلك التي تنبئ بخيول وفرسان مارسوا القسر في غفلة من الزمن اذ يندلق كالمكامن الضريرة في رصدها للكائنات التي تبدو شاذة رغم وسامتها الفاضحة... امكث في مناجم ملطّخة بهستيريا النبش... هل تقرّيت بهذا الفضاء الذي يرشح نبوءات نِعَم ستخلّفنا وراءها فوّهات لا تعِد الا بالأبخرة المعدّة لمستقبل الأنقاض؟ هاهي الحدائق تفطم الأخضر سعيا وراء الرماد الجليل... وحدي من يكنس هذا الهباء الناري لمواكب تخلع غيوم المارّة كي تستأثر بالحليب المكوّر في ضرع المناخات... ذاهبون في الكوثر البهيّ في شعاب الموسيقى ومجرى الغناء الذي يربك الروح. هل سيجد المتسولون أرصفة بحجم أحلامهم المحتملة؟ هل سيجد العاشق شرفة تناسب وهمه العميق؟ هل سيجد العسكري حذاء يناسب رأسه؟ هل سيجد البحر أبناء بحجم أبوّته القاتلة؟هل ستجد الرصاصة مخدعها اللحمي الوثير؟ هل ستجد الكتابة كونها المعتم؟

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 650 - الأربعاء 16 يونيو 2004م الموافق 27 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً