العدد 650 - الأربعاء 16 يونيو 2004م الموافق 27 ربيع الثاني 1425هـ

«بالمعرض الفلبيني»... الحياة بسعة الإنسان

الوسط - المحررالثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

عندما تتأمل في معرض من المعارض التشكيلية، يفضل لك أن تكون لوحدك لأنك ساعتها ستجد كونا فسيحا تستأثر به وبجمالياته وبتلك العلاقة الوشيحة بين الفن التشكيلي والانسان الذي يحاول ما أمكنه استغلال الفرشاة والألوان في تصوير شيء ما يعتلج في قلبه من أفكار وتصورات. مناسبة هذا القول ذلك المعرض التشكيلي الفلبيني الذي أقامته جمعية البحرين للفنون التشكيلية مساء الأربعاء الماضي 9 يونيو/ حزيران الجاري.

إن تلك اللوحات الفنية التشكيلية التي علقت بصالة جمعية البحرين للفنون التشكيلية تحكي أعمال مجموعة من الفنانين الفلبينيين الشباب مع مشاركة مهمة للفنان البحريني موسى الدمستاني، تضع المتذوق أمام سؤال مفاده هل ان الهم الانساني هم غالب على الفنان الانسان بغض النظر عن جنسيته ولونه! فما وجدناه في هذا المعرض لوحات فنية لا تختلف عمّا يبدعه الفنان سواء كان بحرينيا أوعربيا أو عالميا الا في طبيعة الحياة نفسها وألوانها وظلالها، أما طابع الانسان الذي يغني ويرقص ويحزن ويتألم فكان حاضرا في هذه الأعمال كما هو حاضر في نظيراتها. وربما نجيب على هذا السؤال بسؤال آخر مفاده: هل لاتزال تلك الصورة البشعة للحرب العالمية الثانية التي حصدت أرواح الملايين والتي جاءت على إثرها النزعة الانسانية لتحاكي ألم الانسان وخوفه من مصيرة، هل لاتزال تلك الصورة حاضرة في أذهان الفنانين جيلا بعد جيل؟! ففي هذا المعرض نقع على مجموعة أعمال ابداعية تميزت بسمات متجذرة في شعور الفنان الفلبيني بانتمائه إلى أرضه واحساسه بأنه جزء مهم من هذه الأرض ينمو ويكبر معها ويذبل وينهار مع تراجعها، وهو الأمر الذي ترك في هذه الأعمال نضجا فنيا كبيرا أحالته الألوان إلى قطعة موسيقية بديعة فوجدنا لدى الفنان «نينو» اهتماما بتصوير لحظات السعادة البريئة حين يرسم فلاحا يعزف على آلة الجيتار يستمع له الأطفال، أو حين يرسم خلفية لشاب وشابة يجلسان متقاربان على كرسي واحد، أو حين يرسم «كليمنت» أربع لوحات لرجل يستعرض عضلاته في مشهد يوحي للمتلقي وكأن الرجل في حوار مع قوة أكبر منه لا تعبأ بقوته، أو حين يركز «أنتوني» على طفولته مستوحيا تلك الذكريات الجميلة في ثلاث لوحات من براءة سنواته الأولى.

فالفنانون الفلبينيون هنا يختبرون قدراتهم على التعبير ويحدوهم أمل كبير بأهمية ما يفعلونه. حين يحاولون تصوير البيئة الفلبينية والواقع الاجتماعي الذي يعيشونه موضوعا جماليا غنيا بالحياة والظلال، في ثقة منهم بالانسان الفلبيني ودوره الاجتماعي ومعرفة منهم بواقع الحياة الشعبية التي تعني الكدح من أجل الحياة والبقاء، فلم نجد لديهم تلك الزاوية المحايدة وانما عدسة تلتقط صورة كبيرة بارزة للعيان عن هذا الانسان الفلبيني الذي يبدو ضمن مجموعة من الشخوص تارة ولوحده تارة أخرى. فاللوحة هنا لا تبدو منظرا طبيعيا وانما واقعا مرا يرسم الحياة بسعتها





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً