بالأمس سُرَّ جميع المواطنين بما قرأوه في الصحافة المحلية من تصريح لوزير الداخلية جاء بالخط العريض: «لا تمييز في معايير التوظيف في وزارة الداخلية». هذا التصريح يعد خطوة إيجابية في طريق تصحيح الوضع كما أن هناك أخبارا تفيد بأن سياسة الوزير ستكون في اتجاه بحرنة وظائف وزارة الداخلية... لاشك أن التغيير إذا ما حدث فسيكون إضافة جديدة إلى سجل الإصلاح ومشروع جلالة الملك. فيوم أن تكتحل عيون المواطنين برؤية أن رجال الأمن في جميع أقسامهم هم من البحرينيين سيكون ذلك مدعاة للفخر والاعتزاز، ولاشك أن الجميع سيتعاطف حينها مع وزارة الداخلية لأننا منذ فتحنا أعيننا على الحياة ونحن نشهد الكثير من رجال الأمن من الجنسيات الأخرى، من آسيا، من الباكستانيين والهنود، ومن اخوتنا من اليمن والأردن وسورية، وذلك لاشك يشعر المواطن بالألم حين يحرم أبناؤه من هذه الوظائف التي لا يحتاج كثير منها إلى عبقرية بل ان بعض هؤلاء الموظفين لا يمتلكون حتى شهادة ثانوية ما بين حارس أو سائق أو كاتب أو شرطي في دورية مثلا... بل نجدهم حتى في واجهات المطار والجمارك و... الخ.
السؤال ينقدح في ذهننا: لماذا لا يكون مكان هؤلاء بحرينيون؟ مازلت أذكر عندما سجنت العام 1993 في سجن الحورة بسبب خطبة ألقيتها عن إغلاق مأتم القصاب، كل من باشر عملية الاعتقال إلى دخول السجن هم من الأجانب... ومازلت أذكر الشرطي غلام، كان يراقب السجن وكان دوره أن يفتح الباب للطعام ويغلقه. قلت في نفسي في حينها: غلق الباب وفتحه هل يحتاج أيضا إلى خبير أجنبي كحال الاستاذ غلام؟! عندما نرجع من السفر وفي مطار البحرين الدولي نفاجأ بكثير من رجال الأمن من الباكستانيين لينقدح في الذهن السؤال ذاته: لماذا لا يكونون بحرينيين فهل هؤلاء - مع احترامنا لهم - أكثر معرفة بالبحرين من البحريني؟! عندما نأتي أمام الجمارك تكون العملية ذاتها، عندما يشب حريق في منزل، عندما تحدث سرقة في بيت الجيران، عندما تمر الدوريات طيلة اليوم بين القرى والمدن، عندما تمر أمام حارس للوزارة، عندما تريد الدخول إلى وزارة الإعلام أو أية وزارة، عندما تريد أن تسأل شرطي المرور أو ناطور وزارة العدل، عندما وعندما... الخ. لماذا يكون كل هؤلاء من الأجانب؟ والبلد تغص بطالة واحتقانات...
هذه الأسئلة ستذوب ذات يوم عندما يعمد الوزير إلى تغيير الوضع. ان 200 أو 300 من الإحلال في عام ليست كافية، لأن الفتق اتسع على الراقع. علما بأن هؤلاء يمتلكون امتيازات، راتبا إضافيا، علاوة سكن، علاوة سفر، تذاكر سفر، سوقا خاصة بالوزارة تمتاز بالسعر المخفض الذي يختلف عن الأسواق الأخرى التي يرتادها المواطنون، مستشفيات خاصة مثل المستشفى العسكري، فكثير من الأجانب ممن هم موظفون في «القوة» يعالجون في مثل هذا المستشفى وبالمجان، عشرات الوظائف في الداخلية أو القوة من الوظائف الإدارية بالإمكان النظر إليها وإحلال البحرينيين فيها. وقول الوزير بألا تمييز يجب أن يكون قولا عمليا، يجب أن نُشعر المواطنين بعدم التمايز حتى نرسّخ الوحدة الوطنية، ونقضي على شبح التمييز حتى لا نقع في اللبننة غير المصرح بها.
الغريب أن جزءا من أبناء الشيعة في البحرين يُستأمنون في المخابرات ولكن بحجج أخرى توضع أسوار الحديد دون توظيفهم في الداخلية أو القوة. أملنا أن نشهد دفعات تخرج من الكليات العسكرية للمواطنين من هذه الطائفة الكريمة، وأن تتم ترقية من بقوا سنين مهمشين، والبقية الباقية ممن وظفوا في التسعينات أو مطلع الثمانينات. الصراحة مهمة كي نحل قضايا الوطن بعيدا عن المجاملات. فلو فتشنا كل قرى البحرين فلن نجد فيها ضابطا أو رائدا من هذه الطائفة على رغم أنه يسكنها عشرات الآلاف، وهذا مؤشر خطير يضعف صدقية مبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة. وإذا كان هناك خلل في أداء مجموعة هنا أو هناك فيجب ألا يعمم على الجميع، ولنا مثال في الدول المجاورة وما يمارس فيها من ارهاب، فموقف عدد من فئة أو مذهب أو... يجب ألا يعكس على الجميع، مع محاولة استيعاب أصحاب الرؤى الأخرى أيضا. لهذا أمنيتي من المواطنين أن يذهبوا لتسجيل أسمائهم في الوزارة وخصوصا مع اتقاد بارقة الأمل الجديد بدخول دماء جديدة إلى الوزارة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 647 - الأحد 13 يونيو 2004م الموافق 24 ربيع الثاني 1425هـ