اعتمد قادة الدول الثماني عددا من الوثائق الصادرة من المنطقة لصوغ «الوثيقة الأم» التي أصبحت جامعة تحت عباءتها كل المشروعات المقترحة في المنطقة، بدءا من مشروع الإصلاح العربي الذي وقعت عليه قمة تونس، مرورا بمكتبة الاسكندرية، وصنعاء انتهاء برجال الأعمال في الدوحة. وفيما يلي نص الوثيقة التي سيتم تحديد مصائر شعوب المنطقة وفق خطوطها العامة:
1- نحن زعماء مجموعة الثماني ندرك ان السلام والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والرخاء والاستقرار في بلدان الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا، ان كل ذلك يمثّل تحديا يهمنا والمجتمع الدولي ككل. لذلك نعلن دعمنا الى اصلاح ديمقراطي واجتماعي واقتصادي ينبثق من المنطقة.
2- تملك شعوب الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا تراثا وثقافة غنية بالإنجازات في مجال الحكم والتجارة والعلوم والفنون، وغيرها. لقد قدموا مساهمات كثيرة للحضارة الانسانية مازالت قائمة. ونرحب بالبيانات الأخيرة في شأن الحاجة الى الاصلاح التي صدرت عن زعماء في المنطقة، وخصوصا البيان الأخير الصادر عن قمة الجامعة العربية في تونس والذي عبر فيه الزعماء العرب عن تصميمهم على «إقامة أساس راسخ للديمقراطية». وعلى نحو مماثل، نرحب بإعلانات الاصلاح الصادرة عن ممثلي الأعمال والمجتمع المدني، بما في ذلك بيانات الاسكندرية والبحر الميت وصنعاء والعقبة. وكزعماء للديمقراطيات الصناعية الكبرى في العالم، ندرك مسئوليتنا الخاصة في تأييد الحرية والاصلاح، ونتعهد مواصلة الجهود من أجل هذه المهمة الكبيرة.
3- لذلك فإننا نلتزم بشراكة من «أجل التقدم ومستقبل مشترك» مع حكومات وشعوب الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا. وستستند هذه الشراكة الى تعاون صادق مع حكومات المنطقة، بالإضافة الى ممثلي الاعمال والمجتمع المدني لتعزيز الحرية والديمقراطية والازدهار للجميع.
4- ان القيم المجسّدة في «الشراكة» التي نقترحها قيم عالمية. فالكرامة الانسانية والحرية والديمقراطية وحكم القانون والفرص الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هي تطلعات عالمية، وهي تنعكس في مواثيق دولية ذات صلة، مثل الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.
5- وباطلاق هذه «الشراكة»، نتمسك بالمبادئ الآتية:
أ - إن تعزيز التزام المجتمع الدولي بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط الكبير وشمال إفريقيا شيء أساسي.
ب - إن تسوية النزاعات المستمرة منذ وقت طويل، والمريرة في الغالب، وخصوصا النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، عنصر مهم للتقدم في المنطقة.
ت - في الوقت ذاته، يجب ألاّ تكون النزاعات الاقليمية عقبة بوجه الاصلاحات. وفعلا يمكن للاصلاحات ان تحقق تقدما مهما في إتجاه حلها.
ث - إن استعادة السلام والاستقرار في العراق عاملٌ حاسمٌ لرفاه ملايين العراقيين وأمن المنطقة.
ج - يتوقف نجاح الاصلاح على البلدان في المنطقة، والتغيير لا ينبغي ولا يمكن فرضه من الخارج.
ح - كل بلد يمتاز بفرادته وينبغي احترام التنوع فيه. ومشاركتنا يجب أن تستجيب للظروف المحلية وتستند على ملكية محلية. وسيتوصل كل مجتمع الى استنتاجاته الخاصة به بشأن وتيرة التغيير ومداه. ومع ذلك، فإن التمايز على رغم أهميته، يجب ألاّ يستغل لمنع الاصلاح.
خ - دعمنا للاصلاح سيشمل حكومات وقادة أعمال ومجتمعات مدنية من المنطقة كشركاء كاملين في جهدنا المشترك.
د - إن دعم الاصلاح في المنطقة، لمنفعة كل مواطنيها، هو جهد بعيد المدى ويقتضي من مجموعة الثماني والمنطقة التزاما على مدى جيل.
6- سيمضي دعمنا للاصلاح في المنطقة يدا بيد مع دعمنا لتسوية عادلة وشاملة ودائمة للنزاع العربي - الاسرائيلي، بالاستناد الى قراري الامم المتحدة 242 و338. ونؤيد بشكل كامل بيان اللجنة الرباعية في 4 مايو/ أيار 2004 ونشاركها «رؤيتها لدولتين، «إسرائيل» وفلسطين قابلة للبقاء وديمقراطية ذات سيادة وأراض متصلة، تعيشان جنبا الى جنب في سلام وأمان». وندعم عمل «البعثة الدولية للاصلاح الفلسطيني» و«لجنة التنسيق المؤقتة». ونحض كل الدول على النظر في امكان تقديم المساعدة لعملهما. ونرحب بإنشاء «صندوق الائتمان» التابع للمصرف الدولي ونحض المانحين على المساهمة في هذه المبادرة المهمة. ونضم اصواتنا الى نداء «الرباعية» من أجل ان «يتخذ كلا الطرفين خطوات للايفاء بالتزاماته بموجب خريطة الطريق وفقا لقرار مجلس الامن 1515 والبيانات السابقة لـ «الرباعية»، وان يلبيا التعهدات التي قطعاها في قمتي البحر الاحمر في العقبة وشرم الشيخ». ونؤكد مجددا ان تسوية عادلة وشاملة ودائمة للنزاع العربي - الاسرائيلي، بما في ذلك ما يتعلق بسورية ولبنان، يجب ان تلتزم قرارات مجلس الامن ذات الصلة، بما فيها القرار 425 الذي «يدعو الى احترام كامل لوحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها دوليا».
7- نقف جميعا متحدين بتأييدنا للعراقيين والحكومة العراقية المؤقتة ذات السيادة الكاملة، وهم يسعون الى إعادة بناء دولتهم. ان العراق يحتاج الى الدعم القوي من المجتمع الدولي كي يحقّق قدرته في ان يكون بلدا حرا ديمقراطيا ومزدهرا، يعيش بسلام مع نفسه وجيرانه ومع العالم الاوسع. ونرحب بالموافقة الجماعية لمجلس الامن على القرار 1546 في شأن العراق، ونشاطر تأييد المشاركة المستمرة والموسعة للامم المتحدة في العراق بعد نقل السيادة، وفقا لما تسمح به الظروف. ونتعهد بتقديم الدعم والمساعدة للعملية الانتخابية التي تفضي الى انتخابات عامة للجمعية الوطنية الانتقالية في موعد أقصاه 31 يناير/ كانون الثاني 2005. ونرغب جميعا في ان تنجح القوة المتعددة الجنسية في العراق، وفقا لقرار مجلس الأمن 1546، في مهمتها بالمساعدة على استعادة الأمن وادامته، بما في ذلك حماية وجود الأمم المتحدة، ودعم المساعي الإنسانية وإعادة الاعمار. ونعبر عن التزامنا المشترك، ونحض الاخرين دعم اعادة انعاش الاقتصاد في العراق، مع تركيز الانتباه على المشروعات التي تحظى بأولوية وحددتها الحكومة المؤقتة. ونرحب بنجاح مؤتمر «التمويل الدولي لإعادة الإعمار» الخاص بالمانحين الذي عقد اخيرا في الدوحة، ونلتزم عقد لقاء قبل المؤتمر المقبل في طوكيو في وقت لاحق السنة الجارية لتحديد كيف يمكن لكل واحد منا ان يساهم في إعادة إعمار العراق؟ ويكتسب خفض الديون أهمية حاسمة إذا كان الشعب العراقي سيمنح الفرصة لبناء دولة حرة ومزدهرة. وينبغي تقديم الخفض بالارتباط مع برنامج لصندوق النقد الدولي، وان يكون كافيا لضمان أدامته آخذا في الاعتبار التحليل الاخير الذي أجراه الصندوق. وسنعمل معا، داخل نادي باريس، ومع الدائنين غير المنتمين الى نادي باريس، لتحقيق هذا الهدف في 2004. وللمساعدة على إعادة بناء الصلات التي تربط العراق بالعالم، سنستكشف سبلا لإقامة صلات مباشرة مع الشعب العراقي، مع أفراد ومدارس ومدن، فيما يخرج من عقود من الديكتاتورية والحرمان ليدشن الانبعاث السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدولته.
8- إن «الشراكة» التي نطلقها اليوم تستند الى حصيلة سنين من الدعم لجهود الاصلاح في المنطقة عبر برامج تعاون ثنائي ومتعدد الاطراف. وتعتبر «الشراكة الاوروبية - المتوسطية» (عملية برشلونة) و«مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط» و«مبادرة الحوار الياباني - العربي» أمثلة على التزامنا القوي تجاه دعم التنمية الديمقراطية والاقتصادية. ونحن ملتزمون على نحو مماثل تحقيق تقدم كهذا في أفغانستان والعراق عبر جهود الإعمار المتعددة الأطراف التي نبذلها. وستستند «الشراكة» التي نقترحها الى مشاركتنا المتواصلة في المنطقة.
9- يتطلب حجم التحديات التي تواجه المنطقة التزاما متجددا للاصلاح والتعاون. فلا يمكن الاّ بتوحيد جهودنا تحقيق تقدم ديمقراطي. ونرحب وندعم ما تقوم به حكومات ومؤسسات ووكالات متعددة الأطراف اخرى تهدف الى المساعدة بتنمية المنطقة.
10- وسيحتل موقعا محوريا في هذه «الشراكة» الجديدة «منبر من أجل المستقبل» الذي سيرسخ جهودنا في حوار مفتوح ودائم. وسيوفر المنبر اطارا على المستوى الوزاري، يجمع بين وزراء الخارجية والاقتصاد وغيرهم من الوزراء في مجموعة الثماني والمنطقة في نقاش متواصل للاصلاح، مع مشاركة قادة الاعمال والمجتمع المدني في حوارات موازية. وسيلعب المنبر دور وسيلة للانصات الى حاجات المنطقة، وضمان ان تستجيب الجهود التي نبذلها بشكل جماعي لهذه الهموم.
11- تركز الجهود التي نلتزم بها اليوم في «الشراكة» على ثلاثة مجالات:
أ - في الحيز السياسي، ينطوي التقدم في اتجاه الديمقراطية وحكم القانون على تثبيت ضمانات فاعلة في مجالي حقوق الانسان والحريات الأساسية، الذي يعني بشكل خاص احترام التنوع والتعددية. وسيفضي ذلك الى التعاون والتبادل الحر للأفكار وتسوية الخلافات بشكل سلمي. كما ان إصلاح الدولة والحكم الصالح والتحديث مكونات ضروروية لبناء الديمقراطية.
ب - في الحيز الاجتماعي والثقافي، يلعب التعليم للجميع وحرية التعبير والمساواة بين الرجال والنساء، بالإضافة الى إمكان الوصول الى تكنولوجيا معلومات عالمية دورا حاسما في التحديث والرخاء. إن وجود قوة عمل افضل تعليما عامل أساسي لتأمين مشاركة فاعلة في عالم معولم. وسنركز جهودنا على خفض الأمية وزيادة فرص التعليم، خصوصا بالنسبة الى الفتيات والنساء.
ج - في الحيز الاقتصادي، يتصدر خلق الوظائف اولويات بلدان كثيرة في المنطقة. ومن أجل توسيع الفرص وتشجيع الظروف التي يمكن فيها للقطاع الخاص ان يخلق وظائف، سنتعاون مع حكومات وقادة أعمال لتشجيع نمط الاعمال الحرة وتوسيع التجارة والاستثمار وزيادة فرص الحصول على رأس مال ودعم الاصلاحات المالية وتأمين حقوق الملكية وتشجيع الشفافية ومكافحة الفساد. وسيكون تشجيع التجارة بين بلدان المنطقة إحدى أولويات التنمية الاقتصادية للشرق الاوسط الكبير وشمال إفريقيا.
12- تشكل «الشراكة من أجل التقدم ومستقبل مشترك» حافزا لعلاقتنا مع منطقة الشرق الاوسط الكبير وشمال إفريقيا. وكتعبير عن التزامنا، نصدر اليوم «خطة لدعم الاصلاح» أولية تعرض الأنشطة الحالية والمقررة لبعث الحياة في هذه «الشراكة»
إقرأ أيضا لـ "الشيخ حميد المبارك "العدد 647 - الأحد 13 يونيو 2004م الموافق 24 ربيع الثاني 1425هـ