لا أبالغ إذا ما قلت إن عشرات القضايا التي تصلني كل أسبوع تشكو حالها وواقعها... متنوعة في آلامها ومن الطائفتين أيضا وأمام زحمة هذه المشكلات والقضايا يسألني الكثير من المواطنين متعجبين من بعض مقالات التفاؤل التي أكتبها ويزدادون عجبا لأنني لم أيأس وأصر على تكرار بعض المشكلات كوسيلة لإيجاد حل لها. أقول لهم وبكل صدق اني لا أيأس من طرح الهموم وكلما حلت قضية أشعر بثمرة كبرى أصبحت في صالح المواطنين وفي صالح الوطن. انني مؤمن بأن حل القضايا لا يكون بالتصريحات الصحافية العابرة ولكن بمتابعة الملف إلى أن يتم انجاحه، وخصوصا إذا كان هناك في الوزارات من المسئولين من يحملون وطنية كبرى. يجب أن نؤمن بقاعدة «بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة» واللقمة لا تسقط من السماء، وهنا من المتنفذين لو وجد لقمة ستسقط من السماء سيتلقفها ويوجد بعض المديرين وبعض المسئولين هكذا ولكن تبقى قدرتك على أن تنازع من أجل هذه اللقمة وإلا فلن يسأل عنك أحد. يسألني آخرون هل أنت مؤمن بأن هناك إصلاحا؟ أقول: نعم أنا مؤمن بأن هناك إصلاحا ولكن يجب أن تعمل بوعي وبذكاء وبهمة عالية لاستغلال هامش الحرية المتاح لكسب أكبر عدد من الفوائد لقواعدك الشعبية وللمواطنين وثق بأن هناك مسئولين يعملون على زرع الإحباط ولو كان هامش الحرية متاحا لطرحت عشرات الأسماء ممن اصطدمت معهم وأنا أحاول إنجاح بعض الملفات. فبعد تفتيشي على القضايا والبحث أجد شبكات متداخلة، كل فرد فيها يحمي مصالح الآخر، سواء في مناقصات بناء أو بيع أو تأجير، وأشكالها متنوعة. بعض الوزارات اكتشفت فيها أسماء لجمعية إسلامية تكاد تتحول كل الجمعية إلى موظفين في الوزارة لأن مدير التوظيف هو لصيق بهذه الجمعية، وتعال وانظر إلى الشهادات والمستوى الأكاديمي... كل هذه الأمور لم تكتمل ملفاتها لكني في عملية جمع وذات يوم سأسلط الضوء على بعض هذه الملفات وغيرها حتى نستطيع أن نقوم بعملية الإصلاح. هذه الشبكات بلاشك لا يعجبها المشروع الإصلاحي لأنه سيحد من صلاحيتها، لهذا نجد أن هناك الكثير من المتذمرين من هذه الكتابات، لأنها ذات يوم ربما تصل إلى أن تتصادم مع مصالحهم وهكذا. إذا سكتّ عن استحقاقاتك الوطنية فانك لن تحصل عليها والحصول عليها يحتاج إلى أدوات ضغط منها الصحافة. اللعبة اليوم في كل العالم هي لعبة الأرقام والوثائق والحقائق وليس الكلام الإنشائي أو الصراخ لأنه باختصار شديد لا أحد سيسمعك وكثير من المسئولين يراهن على موت الملف عندما يعرض مرة وينتهي في اليوم ذاته، ولكن النَفَس الطويل في متابعة الملف مسألة مهمة. هناك تغيرات حدثت، حاول أن تستثمرها للحصول على المكاسب. لقد بقيت أكثر من عام وأنا أكتب عن عدة قضايا تهم المواطنين على أمل حلها، بعضها حُلَّ والبعض الآخر مازال، ولكن علينا ألا نيأس... سمعنا كثيرا عن زهور ماتت في ريعان شبابها في سترة، هذه الجزيرة الطيبة... كتبنا كثيرا عن الموضوع، حتى قامت شركة بتلكو بالتبرع بسيارة اسعاف. فرحنا كثيرا، ووصلتني بعض الرسائل من بعض أهالي المنطقة فرحين بالتبرع، بدوري قدمت شكرا عبر الصحافة إلى الشركة، فهي ساهمت في إيجاد السيارة وفي دعم أيضا مشروع الإسكافي. والآن وصل خبر مفاده أن وزارة الصحة جهزت سيارة اسعاف، وبلغت كلفة تجهيز السيارة 15 ألف دينار وتم إعداد فريق من المسعفين والسواق مكوّن من 5 مسعفين طبيين و5 سواق. طبعا الأهالي يشكرون الوزارة والشركة وكلها خطوات إصلاحية توفيقية تصب في صالح الوطن، أما بالنسبة إلى وزارة الداخلية، فالأخبار تقول إن هناك إرادة جدية في سياسة البحرنة لهذا تمنيت على المواطنين الذهاب لتسجيل أسمائهم في الوزارة حتى يتم التوفيق للإحلال، ولاشك أن ذلك سيدفع باتجاه المصالحة النفسية ما بين المواطنين والوزارة وهذا يدفعني إلى طرح قضية مواطنة اطّلعت على ملفها المؤلم، فأبوها كان يعمل في الوزارة ذاتها وتعرض لإصابة أودت بحياته، ومازالت دمعتها محتبسة في عيونها، وذلك لأمرين، الأول: انها مازالت تكابد شظف العيش، فهي عاطلة على رغم امتلاكها شهادة جامعية وزوجها أيضا عاطل، لقد طرقت كل الأبواب ومازالت تحمل أمل التوظيف على يد الوزارة أو أية وزارة تتبنى توظيفها باعتبار أن أباها رحل عن الحياة وهو بلباسه الرسمي يعمل في الداخلية... لديها من الأبناء ثلاثة وكان أبوها يعمل برتبة نائب عريف برقم عسكري هو ,,2381. زوجها كان يعمل في شركة ولما انتهى عقده سرح من الشركة. هي لا تطلب شيئا مستحيلا أن تعمل هي وزوجها ولكم أن تتصوروا حالها المأسوية، فهي عاطلة على رغم شهادة البكالوريوس التي تحملها، وزوجها عاطل ويعولان ثلاثة أبناء. هناك تفاصيل أكثر إيلاما ومأسوية عن وضعها الاقتصادي لن أذكرها وكل أملنا في وزارة الداخلية وبقية الوزارات أن تنقذ هذه العائلة وخصوصا أن أب هذه المرأة رحل عن الحياة وهو يعمل من أجل الوطن. بعد قراءتي الملف تكلمت مع العائلة ولا أكتمكم مدى المأساة الدامعة التي تستشعرها من ثنايا الحديث وهي تتكلم عن حجم المعاناة التي تعيشها. أنا على يقين بأن هناك من سينتشل هذه العائلة مما تعيشه وذلك بتوظيفها. (العنوان لدى الصحيفة)
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ