العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ

الشراكة من أجل التقدم يجب أن تكون شاملة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مجموعة الدول الثماني اتفقت على وثيقة اسمتها «شراكة من أجل التقدم ومستقبل مشترك مع منطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا». غير أن هذه الوثيقة تتحدث عن الشراكة بين الدول الثماني فقط، أما ما يسمى بدول الشرق الأوسط الكبير (المصطلح الأميركي الجديد الذي يضم أفغانستان وباكستان) وشمال إفريقيا (دول المغرب العربي) فما هي إلا مجموعات من البشر مازالت لا تستحق أن يتم التعامل معها على أساس الشراكة.

الشراكة تعني أن الأطراف تؤمن بالمساواة بينها، أو بعلاقة لها أكثر من طرف وافق على الدخول في مشروع معين. وهذا أمر تستثنيه الوثيقة الصادرة عن مجموعة الدول الثماني التي تنظر إلى نفسها على أنها دول متطورة سياسيا واقتصاديا، بينما نحن مجرد دول فقيرة اقتصاديا، أو فقيرة في المفاهيم السياسية وبالتالي فما نحن إلا «طالبو لجوء»، نلجأ إلى القوي الذي سيهدينا إلى الطريق القويم.

إن شعوب المنطقة أصابها الوهن بسبب السياسات غير الملائمة للعصر التي اتبعتها الحكومات، وهذا الضعف تسبب في أن يصبح موضوع الإصلاح شأنا خارجيا بعد أن مُنعت الوسائل الداخلية للإصلاح. على أن الكثير من الناس سيجدون أن بعض البرامج الإصلاحية التي تتحدث عنها مجموعة الدول الثماني أفضل بكثير مما نحن فيه. ولذلك فإن النقاش يدور حول البحث عن أفضل ما هو مطروح للتفاعل معه من دون فقدان هويتنا واستقلالنا.

وهذا لا يتم إلا من خلال مفهوم الشراكة التي توازن بين مصالح الأطراف الداخلة في المعادلة. والمشاركة تتطلب التحاور والتعامل مع من لديهم الصلاحية والقوة في الطرح. وهذا يعني الانفتاح على القوى الفاعلة على المستويين الرسمي والأهلي.

وإذا لم توجد فرصة للشراكة (لأننا أقل من هذا المستوى على رغم أن الحديث يتعلق بمصير بلداننا) فإننا نبحث عن الحوار الجاد الذي يغلِّب المبادئ على المصالح وليس العكس.

بلداننا مرتبطة بقضايا رئيسية لا يمكن التنازل عنها وأهمها القضية الفلسطينية، وبلداننا تحركها قوى شعبية يثق بها الناس ممثلة بالحركة الإسلامية، ولذلك فإن أي حوار يحاول تغافل القضية الفلسطينية أو تجاوز الحركة الإسلامية فإنه ليس جادا ولن يؤدي إلى نتيجة عملية. الحركة الإسلامية - بمختلف ألوانها - تسيطر على الشارع العربي والإسلامي، والحوار معها وإشراكها في الشأن العام هما البداية الصحيحة لحكومات المنطقة، وللقوى الدولية.

لقد أثبتت الحركة الإسلامية عقلانيتها عند دخولها الساحة السياسية، وهذا نجده في كل بلد من بلداننا. في المغرب مثلا، هناك حزب إسلامي يشارك في الحياة السياسية (حزب العدالة والتنمية)، وهذا الحزب بلغت به العقلانية أن قرر حرمان نفسه من الفوز الساحق في الانتخابات البرلمانية. ففي الانتخابات الأخيرة طرح الحزب 55 مترشحا فقط (مقاعد البرلمان أكثر من 300) وانتصر في معظم المناطق التي أنزل مترشحيه فيها وأصبح الحزب الثالث. ولو كان يود الحصول على المرتبة الأولى لما كان عليه إلا أن ينافس في كل المقاعد وسيحصل على ثلاثة أرباع المقاعد أو أكثر.

عقلانية الإسلاميين في المغرب هي نتيجة مشاركتهم وفتح الحوار معهم. أما الذين يحاولون إبعاد الإسلاميين (سواء كانوا حكومات أو دولا كبرى) فلن يجنوا مما يعملون شيئا، لأن الواقع يتحرك في الاتجاه الذي لا يودون. الديمقراطية تعني السماح للناس في ادارة شئونهم حتى لو كان الخيار على غير ما ترغب به مجموعة الدول الثمان

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً