لا يمكن للنتائج الطبيعية أن يكون لها تأثير على تطوير شخصية الطفل إلا إذا تحمل الطفل نتيجة أخطائه... وإلا فإنه سيهمل مرة أخرى وأخرى ولن يشعر بالمسئولية نحو أشيائه الخاصة.
«ابتسام» طفلة في الثامنة من عمرها اشترت لها أمها معطفا ثمينا، وذهبت لتلعب مع صديقتها في المنتزه، عادت ابتسام مساء وهي تبكي قائلة: «أمي... لقد ضاع معطفي... وضعته على الكرسي.. وانشغلت باللعب مع صديقاتي... التفت فلم أجده».
عاتبتها أمها وشعرت بالغضب على ابنتها... كيف أهملت معطفها الثمين فقررت عدم شراء معطف آخر لها.
بكت الابنة كثيرا لأنها تريد من والدتها شراء معطف آخر... لكن هل التزمت الأم بموقفها؟ كلا... وهنا أخطأت فيما فعلت... لأنها لم تترك الخطأ الذي ارتكبته ابنتها يعلمها النتيجة الطبيعية لما فعلته من سلوك خاطئ... وهو حرمانها من معطف آخر حتى تتعلم كيف تحافظ على أشيائها الخاصة.
هل حافظت ابتسام على المعطف الجديد الثمين؟ مع الأسف... لا... فقد أضاعته مرة أخرى في المنتزه مرة أخرى وعادت إلى أمها تبكي... تريد معطفا آخر.
هنا وقفت أمها معها موقفا حازما وجعلت النتائج الطبيعية لإهمالها تعلمها كيف تحرص على أشيائها... رفضت شراء معطف جديد لها... وألحت الابنة وبكت لساعات... لكن الأم أصرت على موقفها الحازم... وكذلك والدها... وهنا تكمن أهمية الاتحاد في الرأي بين الوالدين في التربية.
وفكرت الأم في فكرة أخرى تعلم الابنة كيف تستفيد من ذلك الدرس... فماذا فعلت؟
قررت شراء معطف رخيص لابنتها وقالت لها:
«سأرى مدى محافظتك علي هذا المعطف... إذا أثبت أنك ستتحملين مسئولية المحافظة عليه... فانني سأشتري لك معطفا جيدا بعد فترة من الاختبار».
فهمت ابتسام الدرس الناتج عن إهمالها... وحافظت كثيرا على محفظها... وبعد عدة أشهر اجتازت ابتسام هذا الاختبار... واشترت لها والدتها معطفا مناسبا وجميلا... واهتمت به ابتسام وحافظت عليه كثيرا... بعد أن استوعبت الدرس التربوي المطلوب. ماذا يفعل الوالدان إذا نسي الأبناء واجباتهم المدرسية أو فلوس وجباتهم المدرسية؟
ليس من واجب الوالدين القيام بهذه الواجبات عن ابنائهم... أو ترك أبنائهم بفلوسهم ليشتروا بها غذاءهم في المدرسة... لانهم لن يطوروا شخصياتهم إلا إذا تحملوا هم نتائج أعمالهم... وقاموا بواجباتهم بأنفسهم.
«ليال» طفلة في العاشرة من عمرها لديها عادة سلبية وهي... أنها كثيرا ما تنسى فلوس وجبتها للمدرسة... وأحيانا واجباتها المدرسية بعد أن تنجزها... وكانت والدتها كثيرا ما كانت تذهب إلى المدرسة لكي تعطيها ما نسته من طعام أو واجب مدرسي. لاحظت مدرسة ليال هذه العادة السيئة لديها على رغم اجتهادها في الفصل... فطلبت من الأم أن تتوقف لمدة أسبوعين عن العودة إلى المدرسة لتعطي ابنتها ما نسته من أشياء... وشرحت المدرسة للأم أن ذلك لمصلحة ابنتها حتى تتحمل مسئولية نسيانها.
وافقت الأم ومعها الأب على ذلك ابتدءا في تطبيقه.
بعد عدة أيام نست ليال فلوس وجبتها المدرسية... وتذكرتها عندما عادت أمها إلى البيت... واتصلت بها قائلة:
«أمي... لقد نسيت فلوسي التي أشتري بها غذائي... هل يمكنك احضارها لي؟»
ردت الأم بحزم قاطع «لا... لا أستطيع.. لماذا لم تتذكري أشياءك... هذه مسئوليتك لا مسئوليتي»، بكت ليال وهي تتوسل «أرجوك يا أمي ائتيني بها لن أنسى بعد اليوم».
لم ترضخ الأم لتوسلات ابنتها ليال ولم تفعل ما أرادت... وكان ذلك درسا مفيدا لكي تتعلم ابنتها كيف تتحمل النتائج الطبيعية لإهمالها.
بعد عدة أيام نسيت ليال واجبها المدرسي... فسألت المدرسة إذا كان في إمكان والدتها أن تأتي به من البيت لأنها أنجزته لكنها نسيته.
ردت عليها المدرسة «لا... ليس الآن»
ومر الوقت وليال تتحرق مقهورة لان والدتها لم تتذكر واجبها لكي تأتي به قبل أن يحين موعد الحصة... وادعت الذهاب إلى الحمام لتتصل بأمها... لكن أمها رفضت أن تأتي بواجبها ردت عليها أمها أيضا أنها لن تأتي به وعليها تحمل نتيجة نسيانها... ولم تخضع لبكاء ابنتها وتوسلاتها... وتحملت ليال النتيجة الطبيعية لإهمالها لكي لا تعود إلى إهمالها المعتاد عادت الابنة حزينة من المدرسة لانها حصلت على صفر في المادة التي نسيت واجبها... ومنذ ذلك اليوم لم تنس واجبها للمدرسة ولا نقودها أبدا لانها تعلمت أن تتحمل من نسيانها ونتائجه الأليمة مسئولية أن تتذكر أشياءها الخاصة بأن تجهزها قبل أن تنام للذهاب في اليوم التالي إلى المدرسة.
إن الأم تستطيع أن تطبق هذا الأسلوب التربوي فيما يتعلق بالواجبات اليومية بالنسبة إلى أطفالها من تجميع ملابسهم المتسخة لغسلها... إذا لم يجمعوها وأتوا بها لها لا تغسلهم فيفاجأوا بعد عدة أيام بأن ملابسهم الداخلية أو بيجاماتهم بحاجة إلى تغسيل... فيتعلموا من إهمالهم ونتائجه الطبيعية بحرمانهم من الملابس النظيفة عندما يحتاجون إليها... أن يتذكروا أن واجب إعطاء أمهم ملابسهم المتسخة لغسلها مسئوليتهم.. وهكذا بالنسبة إلى واجباتهم الأخرى
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 645 - الجمعة 11 يونيو 2004م الموافق 22 ربيع الثاني 1425هـ