أزعم ان صفحة «تراث»، أعادت النظر في مسألة تراكم العلاقات والتواصل بينها وبين القارئ من جهة، وبينها وبين الشعراء أنفسهم من جهة أخرى. في البداية كان التعاطي والتواصل معها ضربا من الخروج على النسق. نسق العلاقات بين الشعراء الشعبيين ومحرر الصفحة، النسق القائم على المجاملات وموهبة العلاقات العامة، وهو واحد من الأمور التي نزعم اننا كرسناها وحافظنا على خصوصيتها في هذه الصفحة. بالتأكيد ان الجواز للوصول الى هذه الصفحة هو النوعي من النصوص لا النوعي من العلاقات، النوعي من المختلف لا النوعي والمختلف من تلك العلاقات، فثمة وشيجة بين الاثنين لا يمكننا انكارها إلا أن من الخطأ اقحام الثانية في الأولى. لم نكن متعجلين لا ستقطاب أسماء وشعراء بحرينيين الى الصفحة يجدون فيها فخا قد يعرضهم كما يتوهمون لمساءلات لا حصر لها، بقدر حرصنا على أن تكون الصفحة مجسا ومرآة لما يبدعون، فالخيارات والانتقاء هنا صعبان صعوبة السهر على قراءة النصوص والمفاضلة بينها وتحديد المساحة التي يمكن أن تشغرها والخلفية والاخراج الفنيين اللذين يحتاجانها... كل ذلك يستغرق منا الوقت الكثير، ولكننا استطعنا وبفضل تقييم الزملاء الشعراء ومتابعتهم لما ينشر في الصفحة ومستوى اخراجها وتوزيعها للقصائد. أقول استطعنا استقطاب عدد من الأسماء الفاعلة والمؤثرة في الساحة. وأحدث تلك الأسماء الزميل الشاعر محمد المقابي، وهو واحد من الأسماء التي رصدت وتابعت تجربتها منذ وصولي الى مملكة البحرين بعد رحلة اغتراب دامت لأكثر من 23 عاما، وهي تجربة جديرة بالتنويه والاشادة لما تحمله من كم هائل من القدرة على التنوع علي مستوى الموضوع والوزن، وقبله كانت مساهمات الزملاء على الصيادي ومحمد الصيادي وفيصل المريسي وقبلهما الشاعر الرائع اياد المريسي وحديثا عبدالعزيز المداوي، وقبلهم جميعا الشاعرة المتألقة ظما الوجدان والشاعرة أمينة الشيخ.
أعود للحديث عن الشاعرة ظما الوجدان، لأهمية حضورها الخليجي قبل المحلي، فهي لم تلق هنا من الاهتمام والرعاية والأضواء قدر ما لقيته على المستوى الخليجي، وينتج عن ذلك غصة تظل عالقة، ويبدو انها ستظل مزمنة اذا ما استمر التعامل مع شعرائنا ومبدعينا بأسلوب التجاهل والاستهجان والتهميش ذاته.
ومرة أخرى الى الشاعرة المشاكسة أمينة الشيخ، وهي واحدة من الأصوات التي تحتاج منا جميعا في الصفحات المعنية بالشعر الشعبي والنبطي كل اهتمام ورعاية هي وغيرها من الأصوات التي بدأت تخطو خطوات ملحوظة، اذ اننا نكبر بتلك الأصوات مثلما هي تكبر بنا، فاذا ما تجاهلناها سنعمد ومن دون قصد الى تجاهل الجهد الذي نبذله في سبيلها وبمعنى آخر سنعمد الى اجهاض مشروعاتنا والحكم عليها بالفشل من دون أن نحتاج الى من يحكم عليها بذلك من خارج دائرتنا!.
ويظل مشروعنا غير مكتمل ما لم نستقطب حالا من التوازن مبعثها الأصوات النسائية، إذ تشكل عمودا فقريا لأية حركة إبداعية بغض النظر عن اللون أو التوجه الذي هي بصدده. فحرصنا على الأصوات النسائية نابع من ايماننا بدورها الفاعل والمؤثر والمحرك والمتمم لأية تجربة تسعى لابراز نضجها واستيعابها لمختلف الأطياف.
تواصلت معنا مجموعة من الأصوات النسائية الخليجية وهي أصوات رائعة ومهمة بحق، وتظل جزءا من بانوراما المشهد الشعري في الخليج عموما وفي دولها خصوصا، ولكننا بحاجة أكثر الى تواصل الأصوات النسائية هنا في مملكة البحرين لنقدم صورة نزعم انها تعني الحركة الشعرية هنا بالدرجة الأولى من دون أن يعني ذلك انفصالا عن الحركة الشعرية ضمن الدائرة الشعرية الخليجية الأكبر.
ويظل اتفاقنا مع أهم وأكبر موقع للشعر عموما والنبطي خصوصا واحدا من أهم النوافذ التي نطل من خلالها على قائمة طويلة من الشعراء في الخليج. وأعني به موقع: ٌٌٌّّّ.فقفُّ.كٍُ والذي يضطلع بتفاصيله الزميل الشاعر سالم المري.
أسماء كثيرة نحنُّ اليها، اضافة الى الأسماء التي ذكرناها بداية المقال، ويظل الملحَّ والحاضر دائما يونس سلمان، بانسانيته الكبيرة قبل نصه الكبير، وعبدالله حماد الشرس في النص والاختلاف، وفي حال من التوازن والاعتدال على مستوى علاقاته الانسانية، وابراهيم المقابي الذي اختلفنا معه في التعاطي مع ذات المسألة «الاتفاق - الاختلاف»، ولكنه لا يمكننا تجاوز نصه، نصه المختلف تماما عن أبناء جيله، بل يكاد يكون واحدا من كبارهم، شاء من شاء وأبى من أبى، من دون أن ننسى كبيرهم الذي علمهم الوزن لحدان بن صباح الكبيسي، وذلك الضالع في البساطة والنقاء خلف العنزي، وقرينه لافي الظفيري، وما أدراك بالظفيري، وقبل أن نختم هذه الفقرة ننوه بحضور ونص الزميل حمد حمود.
يبقى أن نسجل كلمة عرفان لكل الاخوة الزملاء والشعراء في دول مجلس التعاون الخليجي، في المملكة العربية السعودية، محمد الرطيان، فهد عافت، تركي المريخي، ضيدان بن قضعان، هاني الظاهري، سليمان السناني، وخالد السناني وغيرهم، وفي الامارات محمد المر بالعبد، ماجد عبدالرحمن، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (فزاع)، علي الخوار، وسيف السعدي، وغيرهم، وفي قطر، جهز العتيبي، وموسى الخليفي، وفي عمان حميد البلوشي، وفي الكويت، سالم المري، ابراهيم الخالدي، خالد المريخي، حامد زيد، سالم سيار، وغيرهم
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 645 - الجمعة 11 يونيو 2004م الموافق 22 ربيع الثاني 1425هـ