بالقبلات الحارة والدموع السخينة انفض دور الانعقاد الثاني من عمر مجلس النواب، وبقي له دوران مكتوبان في قدره المحتوم، ولا يريد أحد منع المشاعر الإنسانية أن تعبر عن نفسها، ولا يراد لهذا المشهد أن يكون أحد مشاهد المسلسلات المصرية، فوراء هذه الدموع ما وراءها من ملفات أخفق فيها النواب بامتياز، وأهمها ملفا التأمينات والتقاعد والتجنيس، وغزارة هذه الدموع ورسائل الاعتذار المبطنة هي بحجم مسئولية كل نائب عن هذا الإخفاق، لكنها لا تغني عن الحقيقة والوقائع الراسخة على الأرض شيئا.
النواب سيذهبون بعد أيام إلى استجمام عميق خارج البحرين، ويقينا هم يريدون تناسي الإخفاقات التي ذهبت بما لديهم من رصيد شعبي. والسؤال الأهم: بأية طريقة يريد النواب تناسي هذه الإخفاقات؟ هل على طريقة «أنا ومن بعدي الطوفان»، أم أن التناسي سيكون من أجل التخفف منها لتقديم أداء أفضل في دور الانعقاد الثالث؟ وإذا سمح النواب بالجواب عنهم، فسيقال لهم: إقراركم للتعديلات على قانوني التقاعد والتأمينات كفيل بأن يؤرقكم ليل نهار، ولا يخفف من مسئوليتكم أمام الله والناس والتاريخ، وكذلك الصفقات السرية بينكم وبين الحكومة فيما يتعلق بتقرير لجنة الخدمات. إذن... فتخففكم من هذه الإخفاقات وتبعاتها في حكم المستحيل. قد يستشعر المرء عمق الحرج الشديد الذي وقع فيه نائب مثل النائب محمد خالد، حين رهن بشته لدى «الوسط»، وطالب بإحراقه إن أخذته في الحق لومة لائم، كونه رجل دين، ويؤسس إلى التعاطي مع القضايا السياسية قواعده الجماهيرية على هذا المعيار، إلا أن السياسة لا ترحم، وهذه الدرجة من الحرج مع كونها مربكة وليست مسعفة، وتؤكد الفشل أكثر من النجاح، إلا أن فيها درجة من الرهافة لم يرقَ لها النواب مع كل إخفاقاتهم. لكل ذلك، فعطلة النواب لن تكون مريحة حتى لو أرادها البعض كذلك
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ