«السِّلم» و«السلام» مطلبان أساسيان لبني الإنسان في كل زمان ومكان. وإذا وجدت ثمة من يقف ضد هذين المطلبين، فاعلم أنه عدو لنفسه قبل وبعد أي شيء آخر.
«السِّلم» و«السلام» عنوان كبير تندرج تحته كل معاني الخير والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وعلى جميع الأصعدة. هناك من الزعماء من يضع خططا إصلاحية لشعبه لكي يستنشق نسمات الحرية بعد طول عناء، إلا أن بعض أصحاب المصالح الذاتية من «البطانات» يأبى إلا أن يقف في طريق هذا الإصلاح بكل ما يستطيع، وبمختلف الوسائل. وإذا جئنا إلى الصعيد الاجتماعي لأي بلد، فاننا واجدون أن خطوات الإصلاح تقابلها «الحواشي» بالتخريب المتعمد، لتبقى الأمور على حالها: بغضاء في النفوس، ومرض في القلوب، وإرهاب بالألسن والأقلام، وبالأيدي إذا تطلب الأمر.
صحيح أن عملية التغيير لا تتحقق بين عشية وضحاها، لأن التغيير المنشود يجب أن يكون نابعا من أعماق النفس، كما ينص قرآننا العظيم في قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرواما بأنفسهم» (الرعد: 11). ذلك أن التغير والتغيير يحتاجان إلى معاناة شديدة وصراع مع النفس والشيطان والهوى والمصالح المختلفة. إنه «الجهاد الأكبر» الذي لابد منه لتنقية النفس الامارة بالسوء.
في اعتقادي أن سبلا متعددة كفيلة بتحقيق السلام المرجو، لعل من أهمها وأبرزها فتح باب الحوار من قبل الأطراف المعنية، بعد تعلم «آداب الحوار» والالتزام بها، بحيث يحاسب كل طرف نفسه على كل كلمة يتفوه بها أو يكتبها، أو يرسلها عبر وسائل الاتصال المختلفة، واضعا - كل طرف - نصب عينيه قوله جل شأنه «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» (ق: 18).
ليس مستحيلا تحويل الاحلام إلى حقائق، فكل شيء سهل ويسير حين يغير أحدنا نظرته للحياة والناس من حوله، وينظرلوشائج القربي والدين والوطن كشيء مقدس يجب الحفاظ عليه ورعايته وصونه من التلوث بأدران النفس ووسوسات الشيطان الرجيم الذي يحول بين المرء وقلبه، بل قد يحول بين العبد ومعبوده بأية صورة من الصور.
وهنا نتوقف لنعيد العربة إلى مسارها الصحيح المشبع بالأمل، المقرون بالعزم الأكيد على التصحيح والتغيير نحو الأفضل والأجمل، وبغير ذلك نكون مستحقين أن يقال لنا كلما أصبحنا وأمسينا: «سلاما»... «سلاما
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ