العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ

يجب أن تنتهي «الحرب الباردة» بين «المركز» و«الجمعية»

في ندوة «تقييم أداء المؤسسات الحقوقية»... العكري:

اكتسحت قضية «الخلاف القديم» ما بين الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، ومركز البحرين لحقوق الإنسان ندوة «تقييم أداء المؤسسات الحقوقية»، التي نظمتها منتديات البحرين، في نادي العروبة، أخيرا، وشارك فيها نائب رئيس المركز عبدالهادي الخواجة، وعضو الجمعية عبدالنبي العكري، الذي فجر موضوع الخلاف بقوله «يجب أن تنتهي الحرب الباردة بين الجمعية والمركز»، ولم يشارك العكري كممثل للجمعية بل ممثلا لنفسه على حد تعبيره، كما شارك الباحث الإسلامي كامل الهاشمي، والمحامي محمد أحمد.

وسأل محمد العلوي، العكري عن سبب رفض الجمعية النشطاء الاسلاميين، وفضل العكري عدم الرد على ذلك لئلا يدخل في «مهاترات» كما سماها.

وردا على مداخلة أحد الحضور الذي جاء فيها «يُؤخذ على المركز ميله للمعارضة، ويُؤخذ على الجمعية ميلها للحكومة» قال العكري «إن المنظمة الحقوقية همها تعزيز حقوق الانسان، ولا تعادي أحدا، وتتعاون مع كل الأطراف من أجل الحصول على الحقوق».

معوقات المركز

وذكر الخواجة بشأن الخلاف «لا مشكلة لدينا مع الجمعية، وندعوهم لحضور فعالياتنا، والاختلاف وارد، ولكل منا اسلوبه في العمل». وحذر من «اختراق الجمعيات الحقوقية من قبل الحكومة». وبين أن من بين المعوقات التي تواجهه في المركز معوقات داخلية منها «نقص الموارد البشرية الكفؤة وعدم التفرغ وشح الموارد المالية» كما ذكر أن هناك معوقات خارجية تتمثل في «الظرف التاريخي: إذ تم تأسيس المركز في حالة تحول سياسي وقانوني، وعلى رغم ان ذلك يجعل دور جمعيات حقوق الانسان مصيريا إذا استطاعت ان تقوم بدور فاعل، فإنه أيضا يجعل العمل يفتقد إلى الارضية الثابتة، ويجعل الموضوعات الطارئة كثيرة وعميقة وتفوق بشكل كبير امكانات الجمعيات التي تفتقد إلى الموارد البشرية والمالية وقلة عدد المنظمات الحقوقية العامة والمتخصصة، وعدم قيام مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات القائمة بما يتعلق باختصاصها من موضوعات وقضايا حقوق الانسان. مثال على ذلك الجمعيات المهنية والعمالية، وجمعيات المرأة والطفل. وهي بحاجة إلى التوجه إلى ذلك أولا ومن ثم جعل ذلك من الاولويات بما يستدعي من موارد مالية وبشرية مدربة، وعدم انتشار المعرفة بثقافة حقوق الانسان، سواء لدى عموم افراد المجتمع، او لدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ولدى العاملين في المجال الاعلامي وكذلك لدى أصحاب القضايا أنفسهم. وهذا يصعب عملية التعاون بين هذه الجهات وبين منظمات حقوق الانسان، ويسهل على السلطة أن تفرض قناعاتها وتضع السقف والمقاييس وبالتالي يسهل عليها القيام بحملات تشويه وضغط نفسي ضد ناشطي حقوق الانسان، ما يسهل عليها حصارهم وضربهم بعد ذلك، والوصاية من قبل بعض الشخصيات أم الجمعيات السياسية، على رغم ان بعض هذه الجهات تقوم بأدوار مباشرة أو غير مباشرة تخدم تعزيز حقوق الانسان، فإنه من الصعب إقامة علاقة معها على اساس من التوازن والاستقلال، فبعض الشخصيات والجمعيات تفهم العلاقة المتطورة بأنها العلاقة الابوية أو علاقة التبعية، وهي لا تفهم جيدا مبدأ التعددية والتنوع والتكامل بين مؤسسات المجتمع المختلفة».

التحشيد ليس دور الحقوقيين

وذكر العكري في ورقته انه «وجدت الجمعية والتي كانت تتخذ من غرفة بنادي العروبة مقرا لها، خلية نحل وانضم إليها العشرات، ولعل أول ما أثار إعجابي هو هذا التنوع في نوعية الأعضاء العاملين والمرشحين من السنة والشيعة من الإسلاميين والديمقراطيين، من المحافظين والليبراليين، من النساء والرجال ومن مختلف الأعمار والمهن». (بعض حضور الندوة شككوا في ذلك، مبينين رفض عضويتهم كونهم اسلاميين)، وأكمل «لكن هذه الفورة الجميلة لم تستمر طويلا فسرعان ما دب الخلاف في الهيئة الإدارية المؤقتة، وانتقل بسرعة إلى القواعد وانشقت الجمعية إلى معسكرين متواجهين، وانتقل الخلاف إلى صفحات الصحف تشهيرا وتجريحا، وكذلك إلى الجمعيات السياسية المتنافعة، ثم انتهت إلى أروقة المحاكم في مسلسل محزن تتردد صداه في كل بيت. ولم تنتهِ الأزمة إلا بعقد الجمعية التأسيسية لانتخاب هيئة إدارية جديدة في 24/3/2003، إذ اختار بعضهم تشكيل مركز البحرين لحقوق الإنسان، فيما شكل آخرون بعضهم عمل في صفوف الجمعية - الدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية، لتبدأ حرب باردة بين الجمعية والمركز تصل آثارها إلى المنظمات العربية والدولية التي ناصرت قضية البحرين، لتجد نفسها غارقة في تفاصيل الخلاف المؤسف».

وواصل «والسؤال هو هل كان هذا الخلاف عرضيا أو للأسباب القانونية التي طرحها الشاكون المعارضون أم أنه يخفي أمراضا في مجتمع البحرين ظهرت إلى السطح بعد أن رفع القمع المسلط على الجميع والذي وحدهم قسرا، وإشاعة حرية التعبير التي مكنت مختلف الأطراف أن تعبر عن مكوناتها؟». وانتقد في معرض حديثه «الطائفية التي مازال يعاني منها البلد». كما استنكر «التحشيد الذي تلجأ اليه المؤسسات الحقوقية».

مساوئ قانون الجمعيات

أما المحامي محمد أحمد فتطرق إلى قانون الجمعيات، وانتقده بشدة إذ قال «القانون كان ومازال أحد أكبر المعوقات في وجه حركة المجتمع البحريني في جميع المستويات السياسية والاجتماعية والحقوقية، اذ تتعدد اشكال القيود التي يفرضها القانون تبعا لطبيعة الاحكام التي تقررها مواده، ففي شأن تأسيس أية جمعية تنص المادة (3) على إن «كل جمعية تؤسس مخالفة للنظام العام أو للآداب أو لسبب او غرض غير مشروع أو يكون الغرض منها المساس بسلامة الدولة او بشكل الحكومة او نظامها الاجتماعي تكون باطلة». وتابع «ثم تأتي المادة (5) وتفرض شكلا من أشكال الوصاية على القائمين على تأسيس الجمعيات إذ تقضي الفقرة الاخيرة منها بأن تسترشد الجمعيات في وضع نظامها بلائحة نموذجية يصدر بها قرار من الوزير المختص».

كما أشار الى أنه «سيرا على المنوال ذاته تقضي المادة (11) على انه «للجهة الادارية المختصة حق رفض تسجيل الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة لخدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في ميدان النشاط المطلوب أو إذا كان إنشاؤها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها»، والمادة (18) تعد تعبيرا آخر عن العقلية التي حكمت واضعي هذا القانون فهي تنص في فقرتها الأولى على انه «لا يجوز للجمعية الاشتغال بالسياسة»، ولعل هذا النص هو الذي أسس لمنطق الاشتغال والانشغال الذي أظن انه مازال عالقا في الكثير من الأذهان».

الإمام علي وحقوق الانسان

أما الهاشمي فبين في ورقته أنه «يتأصل بناء الحس الحقوقي ويتجذر عند علي (ع) إلى الحدّ الذي يجعله قلقا على المساس بحقوق الآخرين، حتى في اللحظات التي يسلبه الآخرون أبسط حقوقه في العيش والحياة، فيوصي قومه في اللحظات الأخيرة من حياته بعد أن أصابه الخارجي بسيفه: «يا بني عبدالمطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا يُمَثَّلُ بالرجل فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: «إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور» - نهج البلاغة، الكتاب 47.

وأكمل «يتكلم علي (ع) من وحي الرسالة والتاريخ، ومعاناة التجربة والألم ليصرخ فينا كأمة لن تنال التقديس والاحترام، ولن تحظى بالتقدير والإجلال مادامت تنتقص فيها الحقوق، أو تعطى مهلهلة منغصة بالمكرمات، أو حتى بعبارات الشكر والثناء، فيخاطب عامله على مصر بالقول: «واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك، حتى يكلمك متكلمهم غير متعتع، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول في غير موطن: «لن تقـــدس أمــة لا يؤخــذ للضــعيف فيــها حقه من القوي غير متعتع» - نهج البلاغة، الكتاب 53

العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً