تفخر المملكة بأنها تحتل المركز الأول بين الدول العربية في التنمية البشرية (بحسب أرقام المنظمة الدولية) وأنها المركز المالي والاقتصادي الرئيسي في المنطقة أو بالأحرى المركز الأول، وهي كذلك أول دولة يستخرج منها النفط في المنطقة وأول دولة يدخل فيها التعليم بشكل نظامي وأول دولةتتم فيها انتخابات محلية من دول الخليج العربية وكل هذا شيء جميل وله حسناته ويشكر عليه أبناء هذا البلد المعطاء، ولكن الذي لا نتمناه أن يكون البلد رقم واحد في البطالة إذ اقترب أن يكون كذلك بحسب قول بعض الاقتصاديين.
وعلى رغم أن الحكومة تولي هذه المشكلة أولوية أو هي تحتل المركز الأول في سلم الأولويات، فإن مشكلة البطالة تتفاقم خصوصا بين الشباب، إذ يقول اقتصاديون إن البحرين في حاجة إلى توفير 100 ألف فرصة عمل للمواطنين خلال السنوات العشر المقبلة للقضاء أو الحد من تزايد المشكلة وخصوصا في ظل الاحتجاجات التي تشهدها البحرين بين العمال والباحثين عن العمل وارتفاع عدد العمال الأجانب في البحرين والذي يقدر عددهم بنحو 250 ألف أو نصف عدد السكان الأصليين!
من المفترض أن يكون بلد صغير مثل البحرين «جنة عدن» بسبب طبيعة حب أهلها للعمل منذ القدم، إذ تجد البحريني تعمل في جميع القطاعات عكس بعض سكان دول المنطقة الغنية بالنفط إذ تعتمد تلك الدول على الأجانب لتحريك عجلة الاقتصاد من جميع جوانبه، ولكن يبدو أن هناك خللا ما يحرمنا أن نصل إلى درجة الاكتفاء الذاتي في كل شيء، إذ لم نعد نستورد جميع ما نأكل ونلبس ونركب وإنما أيضا كل ما يتعلق بالعمل حتى المؤذنين في المساجد يتم استيرادهم! وهنا نسأل أين الخلل؟ هل هو في الدولة أم المجتمع أم العاطلين؟ لم يستطع أي وزير عمل في المملكة منذ عدة سنوات أن يحل مشكلة البطالة لأسباب نجهلها، ولكن يكاد أن يكون من شبه المؤكد أن المشكلة تحتاج إلى قرار سياسي حازم يحد من المشكلة إذا لم ينهها وخصوصا إذا عرفنا أن البطالة هي سبب رئيسي في جميع الجرائم السياسية التي تعصف بالمجتمعات المدنية وتجعلها طعما للطيور الجارحة.
معظم الاقتصاديين يقولون إن نوعية التدريس والتأهيل الذي يتلقاه الطلاب هو سبب رئيسي في الحد أو زيادة البطالة في أي مجتمع، ولكن سياسات الحكومات هي جزء مهم من العملية ولذلك تجد أن بعض دول المنطقة لديها الكثير من العمال الأجانب ولكن نسبة البطالة منخفضة فيها.
لا نريد أن نسيء أو نتعرض إلى أي بلد، ولكن أعتقد أن البحرينيين قادرون على شغل مناصب كثيرة يشغلها حاليا أجانب في القطاعين العام والخاص وتكون عقدة الأجنبي هو الأفضل، وبعض الأحيان الموثوق فيه وخصوصا في بعض المناصب الحساسة، أو رخص الأيدي الأجنبية وجشع بعض كبار التجار هي من الأسباب التي تزيد من البطالة في المملكة.
جانب آخر أعتقد أنه زاد من عدد الباحثين عن العمل هو «التجنيس»، أي إذا عرفنا أن البعض قدر عددهم بنحو 50 ألف شخص، فهل تم توظيفهم؟ أو كانوا يعملون وهم (بدون)؟ وعلى أي أساس تم السماح لهم؟ أو تم استيرادهم لأغراض خفية؟ كل هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات واضحة إذا أردنا أن نحل مشكلة البطالة، فهل من مجيب؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 643 - الأربعاء 09 يونيو 2004م الموافق 20 ربيع الثاني 1425هـ