قليل هي الفئات التي توازي الكلام بالتطبيق، وكثيرا من تجدهم يبرعون في الخطابة، لكن الوظيفة الواقعية نقيض تماما، فتجد جماعة ملهمة بآداب وفنون الكلام المعرب والمصنف وفق قانون الأعراف اللغوية، لكن مقارنة فن الخطابة مع حسن السلوك والفعل الجميل... يكون الناتج صفرا على الشمال.

لذلك نرى البراعة اللغوية يمتطيها رواد الأدب وفئة النخبة المثقفة التي تعي المفردة ووضعها في المكان الصحيح والمؤثر على قلوب وعقول الجماهير المستقبلة (القارئ والمستمع والمشاهد) لرسالة المرسل، وان اختلف المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لشخصية المرسل.

لكن ليس دائما كل قول يكون تطبيقه ضمن دائرة الأعراف المرغوبة والمحبذة في المجتمع، وإن كان السلوك ترجمة فعلية للقول المضمر في نية الشخص المستورة أو العلنية المكشوفة، فالأقوال التي تصنف في قائمة التحريض وتشجيع التطرف والإرهاب محرّمة مسبقا قبل وجود نية الفعل بل ومحرمة شرعا، أما تلك التي تحمل مغزى الدعوة والحث والإرشاد والتوجيه بحسب نية وتوجه الحكومة ومدى تقييمها صيغة القول بالفعل المطبق... والرؤية المدعومة من جهات رسمية لرسم الخطط والأسس التي تشكل منبرا تصفه بأنه ملاذ لدعاة السلام. والآخر يلوذ به الإرهابيون ويفرخ التطرف ويهدد أمن المجتمع الوطني، وذلك بحسب المصالح والتغيرات الإقليمية التي تفرض على الدولة سياسة معينة في فترة تراها في طي الكتمان والنسيان، وفي حين آخر تجد تلك الاستراتيجية على قمة الأولويات. وتلك التوجّهات تصور لجماعة الشعب أنها القيم المثلى الواجب على المواطن الالتزام بها لبث روح الأمن والإخاء والتعاون في وطن يسوده السلام والعدل والمساواة، لكن المفارقة والكارثة تصل حينما تستخدم تلك الرسائل السامية لأغراض دعائية بغية تحقيق أهداف بأساليب ملتوية على حساب كرامة الجماهير والترويج لسياسة معينة، ونقل صورة تعاكس الواقع.

وإذا كانت صور الحياة والتناقض بين القول والفعل كثيرة... فإن أبرزها كانت صور تعذيب السجناء العراقيين في سجن أبوغريب... والحقيقة الدعائية لنشر الديمقراطية الأميركية في العالم