العدد 643 - الأربعاء 09 يونيو 2004م الموافق 20 ربيع الثاني 1425هـ

5 مسارح ودار للأوبرا... حلم بينهما برزخ من المستقبل

حلم كبير ظل يراود أذهان المهتمين والمتابعين للشأن المسرحي، ذلك الحلم الذي وجد فيه الكثيرون قضاء على جزء كبير من أوجاع وآلام المسرحيين، وهو انشاء خشبة مسرح وطني تكون له الأهلية والأدوات والتجهيزات اللازمة للنهوض بالحركة المسرحية، فكيف لو تحقق هذا الحلم بأكثر من طيف، وكيف لو أن هذا الحلم الكبير انشأ بمصاحبة حدث أكبر وتظاهرة فنية عالمية، ليس لها مثيل على أرض الخليج قاطبة وهو دار للأوبرا! مناسبة هذا القول، ذلك المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الاعلام نبيل يعقوب الحمر الذي أشار فيه الى توجه الحكومة الجاد في انشاء دار أوبرا ومسارح تتوزع على جميع محافظات المملكة! ولا شك في انها خطوة كبيرة تستحق التوقف عندها في هذا الاستطلاع الذي نستعرض فيه مجموعة من الآراء المتباينة من قبل المثقفين والمسرحيين وأهل الاقتصاد والسياحة... يقول المخرج الشاب خالد الرويعي «ان التصريح الأخير بهذا الخصوص وهو انشاء أكثر من مسرح وطني في المملكة سيكون - ان تحقق - بمثابة تحقيق لجهود ومطالبات المخلصين من المسرحيين والمثقفين طوال السنوات الطويلة السابقة، ولا شك أنه جاء نتيجة تراكمات من الاخفاقات والآلام الكبيرة التي عاناها المسرحيون والتي تحاول اليوم وزارة الاعلام تجبيرها، لذلك نتمنى ألا يكون هذا الكلام مجرد تخدير وأن يتحول المشروع الى أرض الواقع، وألا يكون قد جاء نتيجة لأن مهرجان الخليج للفرق المسرحية الذي سيقام في العام المقبل في البحرين، وكم يكون الأمر جميلا لو حدت وزارة الاعلام حدو المؤسسة العامة للشباب والرياضة حين انتهت من انشاء حلبة البحرين في وقت قياسي فتحاول وزارة الاعلام الانتهاء من بناء هذه المسارح في وقت قياسي».

بينما يضيف الفنان المسرحي محمد الصفار بمرارة «أعتقد أنها مجرد وعود ليس الا، طالما سمعناها من قبل، فشأن المسرح البحريني طال الحديث عنه وكثر كلام الوزارة بخصوصه، والا فما معنى انشاء دار للأوبرا في حين أن المسرح يعاني كل المعاناة، فما هو مقدار حاجتنا نحن الى دار للأوبرا، وهل نحن مستعدون فعلا من خلال إمكاناتنا وكوادرنا البشرية لها؟! ففيما عدى صوت هدى عبدالله الأوبرالي الذي للأسف لم يتم استثماره بشكل جيد، لا أرى في الساحة أي صوت أوبرالي. لذلك أقول إننا محتاجون أكثر للتأسيس الى المفاهيم الفنية، واتاحة الفرص للفنانين في الحصول على وظائف، فالموسيقيون الذين يدرسون الموسيقى في مصر مثلا لا يجدون وظائف لهم، وغيرهم يعانون أكثر».

ويؤكد ذلك المخرج المسرحي ابراهيم خلفان بقوله «مهم جدا أن يكون للناس وللمملكة طموحها بهذا الخصوص ولكن الأهم من ذلك هو تحقيق هذه الطموحات الكبيرة على أرض الواقع، فهي جديرة بحل الكثير من مشكلاتهم، فهذا الكلام الذي يسوق بخصوص دار للأوبرا ومسارح متعددة كلام سمعناه أو سمعنا على شاكلته الكثير، منذ السبعينات وحتى اليوم، فما هو حاصل لدينا أننا نهتم بأمثال هذه المشروعات المتفرقة وبهذا الشكل من الطرح من دون أن نصل إلى أرضية مشتركة، فالمشكلة التي نعاني منها تتمثل في غياب استراتيجية واضحة من قبل الوزارة بخصوص المسرح، لذلك تلجأ الوزارة إلى الحلول المؤقتة، كاعطائها المسارح مبلغا من المال لتتجدد المشكلة من جديد من دون حلول جذرية، فكم يكون مهما تحقيق هذه الحلول».

وهنا لا يجد المخرج المسرحي مصطفى رشيد أن الفرصة بالنسبة إلى المسارح الأهلية ستزيد بفعل هذه الأوبرا ويدلل على ذلك بقوله «لا أتصور أن دار الأوبرا المزمع انشائها ستكون لها تلك الخصوصية والمساندة الكبيرة للمسارح الأهلية وللمسرحيين، فالمسارح الأهلية لن تحظى بقبول على صالتها بسبب الضوابط والأطر التي ستضعها ادارة الثقافة عليها، فمشروع ضخم مثل هذا المشروع لابد أن تكون له ضوابط تحكمه ويلزمنا وقت طويل حتى يكون هناك نصيب لهذه، هذا من ناحية، أما فكرة انشاء مسرح في كل محافظة فهي فكرة تبدو مبالغا فيها فنحن لا نمتلك حتى خشبة مسرح واحد وطالما طالب بها المهتمون بالشأن المسرحي، فكيف ببناء مسرح في كل محافظة، لذلك نحن لن نطالب بأكثر من مسرح به من الإمكانات ما يحقق المساندة والمساعدة للفنانين والمسرحيين عله يكون مطلبا غير عسير يمكن تحقيقه».

ولا يخرج كلام المخرج المسرحي ياسر سيف عن ذلك وان اضاف مؤكدا «لا شك أن عدم وجود مسرح للمملكة يمارس به المسرحيون أنشطتهم ومسرحياتهم يشكل عقبة بسبب عدم وجود خشبة مسرحية، إذ إنها مشكلة حقيقية تواجهنا نحن العاملون والمهتمون بالمسرح، ويكون الأمر محرجا أكثر عندما تأتي الى البحرين فرق مسرحية خليجية بهدف تقديم مسرحياتهم فيفاجأوا بأننا لا نمتلك خشبة مسرح، وجراء هذه الحاجة الملحة إلى خشبة مسرحية أعتقد أننا لسنا بحاجة الى دار للأوبرا نبذل معها جهودا كبيرة بقدر الحاجة الى الاهتمام بالمسرح، فاذا قمنا بالمقارنة بين مشروع الأوبرا وبين مشروع المسرح، فسنجد أن الكوادر الأوبرالية ليست متوافرة لدينا فكأننا نعمل ملعبا لكرة القدم ونجهزه بأفضل الأجهزة والأدوات من دون أن يكون هناك اللاعبون أنفسهم، في حين أن الحركة المسرحية متقدمة وكوادرها موجودة وبالتالي هي أولى بهذا الاهتمام».

ولكن الفنان المسرحي والموسيقي الشاب محمد قاسم حداد لا يؤيد الطرح السابق، فهو يرى أن دور الأوبرا قائمة أساسا على الفرق العالمية ويقول موضحا «لا توجد دار أوبرا في كل العالم قائمة على الطاقات المحلية، ذلك أن وجود دار للأوبرا معناه حفلات مسرحية وأخرى موسيقية تقدم فيها الموسيقى والأوبريتات والسنفونيات والكونشيرتو وموسيقى الحجرة الى جانب المسرحيات واستضافة المهرجانات، اذا فدور الأوبرا قائم على استضافة الفرق العالمية في كل هذه الفنون، لذلك بامكاننا هنا في البحرين ومع دار الأوبرا هذه استضافة الفرقة البولشية وأوركسترا الهارمونيك الألماني أسوة بدور الأوبرا العالمية».

مدير ادارة البحوث بالديوان الملكي علي عبدالله خليفة يعود من جديد ليؤكد أن المسرح البحريني يعاني من فقر شديد في خشبات المسرح «نحن نعاني لا شك من فقر مدقع في القاعات والصالات المسرحية، فما هو ملاحظ أن الأعمال المسرحية تقام على صالات المدارس، اذ على رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها ادارة الثقافة بوزارة الاعلام، فإن الأمور تفرض التأسيس لبنية تحتية قوية للمسرح البحريني، ولكن لا يعني ذلك أن المشكلة تحل هنا، فالقضية أكبر من ذلك، اذ ما الفائدة المرجوة اذا توافرت خشبات المسرح من دون أن يكون هناك ابداع مواز لها، فالقضية فيما أتصورها قضية ابداع قبل كل شيء، وعلينا في الوقت الذي نطالب فيه بالمسرح أن نعد له ما يناسبه من ابداع».

ويرى رئيس قسم الاعلام والسياحة بكلية الآداب جامعة البحرين حسام الرفاعي أن دار الأوبرا المزمع انشاؤها في البحرين قادرة على تحريك السوق السياحية بقوة «ان دار الأوبرا تعتبر في كل بقعة من بقاع العالم من المنشآت السياحية المهمة، التي تستقطب وتزيد وتسرع بحركة السياحة، وهو أمر نلحظه مثلا مع دار أوبرا زيونخ ودار أوبرا باريس فكل هذه الأوبرات تشكل عناصر جذب سياحية في بلدها، لذلك تستطيع مملكة البحرين تحقيق نجاح سياحي كبير اذا استطاعت استغلال هذه التظاهرة الثقافية المهمة، وذلك بأن تجند لها مجموعة تستطيع التسويق بشكل جيد، فوجود دار للأوبرا معناه حضور كل من يحب هذه الفنون على أرض البحرين وفي ذلك انتعاش اقتصادي كبير».

وكذلك رأى رئيس جمعية مكاتب السفر والسياحة محمد العالي الذي يقول «البحرين تمتلك تاريخا حضاريا يمتد الى أكثر من خمسة آلاف عام، وتلك ميزة كبيرة، من مميزات البلد السياحي، فكيف لو أضيف اليها هذا المشروع الكبير، مؤكد أن السياحة ستنتعش في البحرين وستساهم دار الأوبرا بقوة في تحريك السوق السياحة من خلال السياحة الثقافية والفنية».

والباحث الاقتصادي عبدالله الصادق يتمنى ألا يتحول هذا المشروع الثقافي الكبير الى مشروع تجاري لأن ذلك يفقده انتماءه الحقيقي، يقول الصادق «أتصور أن فكرة انشاء دار للأوبرا ومسارح في المملكة هو حدث ثقافي أكثر منه اقتصادي، وأرى أن الجهة المعنية به هو ادارة الثقافة، التي تمتلك معظم الدول نسخة منها، تهتم بكل ما يشغل الفكر والثقافة، من أجل اهتمام أكبر بفئة الشباب واستثمار لطاقاتهم، فمما لا شك فيه أن وجود كل هذه المسارح في المملكة مع دار للأوبرا قادر على خلق حال خاصة من التميز والابداع والاستثمار الجيد لعقول وطاقات الشباب الموهوب، لذلك أتمنى أن يستمر هذا المشروع بصورته الثقافية وألا يتحول الى هدف تجاري يفقده كل هذا العطاء»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً