العدد 642 - الثلثاء 08 يونيو 2004م الموافق 19 ربيع الثاني 1425هـ

الجمعيات السياسية والتطييف

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

القارئ لأهداف معظم الجمعيات السياسية سيجد أن مسألة الطائفية تحظى باهتمام ليس بقليل من هذه الأهداف، فغالبية الأنظمة الأساسية للجمعيات تؤكد دعم الوحدة الوطنية، ومحاربة الطائفية. في الوقت الذي تباينت فيه ممارساتها على أرض الواقع.

ثمة قضية مهمة ترتبط بالأدوار والمسئوليات التي قامت بها الجمعيات منذ العام 2001 عندما تأسست جمعية العمل الوطني الديمقراطي باعتبارها أول تشكيل سياسي في دول مجلس التعاون الخليجي. ففي سبتمبر/ أيلول المقبل سنحتفل أجمعين بمرور ثلاث سنوات كاملة على السماح بتأسيس التنظيمات السياسية في البحرين بشكل علني. ويظل التحدي الأهم هو معرفة حجم ما تحقق من إنجازات مقارنة بالأهداف التي وضعتها هذه الجمعيات لأنفسها.

فمحاربة النعرات الطائفية المتفاقمة كانت من أبرز أهداف الجمعيات، ولكنها باعتقادي لم تحقق الحد الأدنى من محاربة الطائفية، بل كانت سببا رئيسيا في تفاقم النزعات الطائفية داخل المجتمع. ليس هذا تحاملا على الجمعيات السياسية التي زادت من حيوية وكثافة التفاعلات المختلفة داخل النظام السياسي، وإنما استقراء للوضع الذي أفرزته ممارسات هذه الجمعيات مجتمعة.

في البداية يمكن رصد التكوين الطائفي في طبيعة عضوية الجمعيات - على رغم كونها مفتوحة لجميع المواطنين - على انها على مستوى الممارسة تختلف كثيرا فهناك ثلاثة أنواع من العضوية داخل الجمعيات السياسية: الأولى عضوية مقتصرة على طائفة واحدة فقط. أما النوع الآخر فهي عضوية شبه مقتصرة على الطائفة بمعنى أن تكون من طائفة معينة مدعومة بعدد محدود من الطائفة الأخرى لإضفاء المزيد من الصدقية على النهج السياسي للجمعية. والنوع الثالث - الذي أعتقد أنه الأفضل - تكون فيه العضوية مشتركة من الطائفتين، فالانتماء والولاء يكون مرتبطا بالأيديولوجيا على رغم «تعويمها» منذ نهاية الثمانينات الماضية.

لقد أضفى الشكل القائم لأنواع العضوية في الجمعيات صورة نمطية على الجمعيات، وهو ما خلق وجهات نظر متباينة لدى المواطنين إزاء هذه التنظيمات الوليدة علنا في المجتمع. كما إن هذا الوضع ساهم في عزوف جموع كثيرة من المواطنين عن الانخراط في العمل السياسي.

في المقابل سعت الجمعيات لفتح ملفات وقضايا وفق مفاهيم طائفية صرفة، بحيث تقوم فيها بدور المدافع عن حقوق الطائفة المستضعفة، والمناضل من أجل مصالحها، ولن أقول على حساب الوطن، لأن الجمعيات استطاعت ببراعة أن تؤكد أن مصالح الطائفة هي مصالح الوطن وفق مفهوم الاختزال الذي تحدثنا عنه في المرات الماضية. فإلى الآن لم نر حملة من الجمعيات السياسية لرفع رواتب المواطنين، وإلى الآن لم نشاهد حملة من الجمعيات نفسها لتدشين مشروعات إسكانية جديدة، وكذلك الحال بالنسبة إلى قضايا أخرى تهم المواطن البسيط الذي لا تهمه مسألة الدستور أوالتجنيس بقدر ما تعنيه مسألة القوت اليومي لكي يعيش.

بالتالي فإن عضوية الجمعيات السياسية والقضايا والملفات التي تناولتها خلال الفترة السابقة أصبحت أداة من أدوات التطييف داخل النظام السياسي بعد أن كانت أدوات التطييف مقتصرة على ممارسات السلطة فقط خلال العقود الماضية. ولا يمكن معالجة هذا الإشكال إلا بتغيير الثقافة السياسية البحرينية التي أدت إلى هذه الممارسات داخل الجمعيات السياسية

العدد 642 - الثلثاء 08 يونيو 2004م الموافق 19 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً