العدد 642 - الثلثاء 08 يونيو 2004م الموافق 19 ربيع الثاني 1425هـ

قوة عظمى من دون سياسة خارجية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قمة الدول الثماني تعتبر محطة رئيسية في السياسة الدولية لأنها تجمع الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة للاتفاق على قضايا عدة، من بينها «الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط». وهذه القمة كانت محورا للتخرصات الصحافية منذ تسريب مشروع أميركي لما أسمته الإدارة الاميركية بـ «الشرق الأوسط الكبير» الذي يمتد من المغرب غربا إلى افغانستان شرقا، بحسب التعريف الأميركي الجديد.

منذ التسريب الصحافي والإدارة الأميركية تبدو على عجل من أمرها لاستصدار سياسة خارجية جديدة تعتمدها بمساندة القوى الصناعية الكبرى بشأن أخطر منطقة في العالم، وهي المنطقة التي كتب الله لنا أن ننتمي إليها وأن تحتوي على ثروات مهمة كما تحتوي على أسوأ النظم السياسية وأسوأ انواع العلاقات بين الدول، وهو الأمر الذي ادى إلى هدر الثروات وتضييع حقوق أهلها وتقليل شأنها على المسرح الدولي.

القمة المنعقدة في أميركا مهمة جدا وتمت دعوة عدد من الدول الشرق أوسطية إلى حضور الاجتماعات الخاصة بالاصلاح في الشرق الأوسط، وسط تضارب في الآراء والطروحات. فالاميركان طرحوا مشروعا ضخما بعد ان كانوا لا يهتمون بأي شيء خارج حدودهم، اللهم إلا إذا كان اللوبي اليهودي يهتم بالأمر وبالتالي تتحرك الإدارة الاميركية على ذلك الاساس، أو ان الأمر يتعلق بالنفط، فتنطلق صفارات الانذار لتحرك امكانات القوة العظمى الوحيدة في عالم اليوم لتنهال على هذه الدولة أو تلك بالضرب الموجع والموجه الكترونيا، مستخدمة أسلحة متطورة تجربها على رؤوسنا ورؤوس من يعصيها.

غير أن الولايات المتحدة اكتشفت ان قوتها المتعاظمة مع الايام لا تنفعها كثيرا ما لم تتوافر لديها سياسة واضحة المعالم تنطلق على اساسها في منطقة الشرق الأوسط.

إلا أن المشكلة الكبرى هي ان الشعب الاميركي لا تهمه السياسة الخارجية، وعلى رغم كل التطور في الإمكانات فإن الكثير من الاميركان لا يعرفون اين تقع البلدان التي يسمعون عنها في الأخبار وهذا بطبيعة الحال يفترض أن الاميركان يستمعون إلى الأخبار الدولية ويقرأونها، ولكن الواقع يشير إلى أن الأقلية فقط هم الذين يهتمون بالأخبار، وهم الذين يديرون الشأن الخارجي بحسب توجهات هذا اللوبي أو ذاك.

أميركا العظمى لا تستطيع ان تطرح سياسة ذات معنى واضح لان سياستها محكومة من قبل مجموعات المصالح التي تستطيع توجيه السياسات بحسب وجهات نظر ضيقة. فاللوبي اليهودي يستأثر بالقرار الأميركي فيما يخص الشرق الأوسط، ولا يبدو ان هناك امكانا للخروج من هذا النمط في التعامل مع قضايا الإصلاح السياسي، إلا اذا فصلت القضية الفلسطينية عن موضوع الاصلاح.

البعض يطرح ان بامكان العرب والمسلمين ان يلعبوا الدور نفسه الذي يلعبه اللوبي اليهودي، ولكن هذا القول لا ينظر إلى الظروف التي مكنت اليهود من تسنم دور كبير في تحديد السياسة الأميركية، وان هذه الظروف غير مواتية للعرب والمسلمين بالدرجة التي تؤثر على إعادة صوغ سياسة عادلة للشرق الأوسط.

أميركا قبل انعقاد قمة الثماني من دون سياسة خارجية والاحتمال الأكبر ان تبقى كذلك، من دون سياسة خارجية، بعد الانتهاء من قمة الدول الثماني. هذه نظرة متشائمة وقد يثبت خطأها وهو ما نأمله، ولكن المؤشرات تقول ان السياسة الاميركية ستبقى مجزأة وموزعة بحسب مجموعات المصالح التي لا يستطيع الاميركي العادي التأثير عليها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 642 - الثلثاء 08 يونيو 2004م الموافق 19 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً