قمة الدول الصناعية الكبرى (8G) تنعقد في جورجيا في الولايات المتحدة الأميركية اليوم، الثامن من يونيو/ حزيران بحضور عدد من الدول العربية التي ستتمكن من الاطلاع على أفكار الأميركان والأوروبيين واليابانيين بشأن مشروع الإصلاح في الشرق الأوسط. الإدارة الأميركية طرحت في مطلع هذا العام فكرة «الشرق الأوسط الكبير» الذي يشمل جغرافية ممتدة من المغرب إلى أفغانستان وتحدثت عن ضرورة فصل موضوع الإصلاح السياسي عن قضايا عالقة (مثل قضية فلسطين) وعن ضرورة اعتماد سياسة جديدة في العلاقات مع دول الشرق الأوسط تقوم على قرب هذه الدولة أو بعدها من الأجندة الإصلاحية التي تطرحها الإدارة الأميركية.
من المتوقع أن تقبل أميركا بعدد من الملاحظات الأوروبية على مشروعها، بدءا بتغيير التسمية. فهناك اعتراض على استخدام مسمى «الشرق الأوسط الكبير»، والتسمية المفضلة لدى الأوروبيين هي «المبادرة الموسعة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، ويقصدون بالتوسيع هنا توسيع ما يطلق عليه «عملية برشلونة» التي تضم عددا من الدول الأوروبية والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
موضوع الجغرافيا لم يحسم بعد، فالأميركان مازالوا يعتبرون أفغانستان وباكستان ضمن الجغرافيا الجديدة بينما يرفض كثير من العرب ذلك باعتبار الفرق بين العوامل السياسية والاستراتيجية لهذه الدول.
على أي حال فإن الفرق في الطرح الأميركي والأوروبي سيطفو على السطح خلال هذه الأيام، ويهمنا جميعا معرفة ما يدور بين هذه القوى لأن ما سيتفقون عليه سيؤثر علينا في الفترات المقبلة. الأميركيون سيركزون على عدة أمور منها ما يأتي:
1- يتحدث الأميركان عن الإصلاح الديمقراطي، وأن هذا الموضوع أصبح جزءا من أجندة الإدارة الأميركية في المنطقة بصورة جادة، وهذا لن يتغير سواء كان الجمهوريون أو الديمقراطيون من يتولّون الإدارة.
2- موضوع فلسطين سيكون على الأجندة الأميركية من دون ربط مباشر. فالأميركان يدعون لتطبيق خريطة الطريق التي تتحدث عن قيام دولة فلسطينية، ولكن مع إضافة وعود جورج بوش الأخيرة بشأن ضرورة تعديل الحدود بحيث لا تكون حدود الدولة الفلسطينية ما قبل 1967 وإنما أقل من ذلك، وأن لا يسمح بعودة الفلسطينيين إلى الأراضي التي تطلق عليها الإدارة الأميركية اسم «إسرائيل».
3- ان الإصلاح الديمقراطي في الشرق الأوسط سيكون تدريجيا، ولكن يجب أن تكون هناك شواهد فعلية على أن كل دولة لها علاقة بأميركا تتحرك على عدة موضوعات مثل حكم القانون، نزاهة القضاء، مناهج التعليم، تنشيط المجتمع المدني، انتخابات نزيهة، تجارة حرة، الشفافية ومكافحة الفساد... الخ.
4- ان أميركا ستعزز علاقاتها مع أصدقائها من الحكام الذين يوافقون على عدد من الاصلاحات المطروحة، وسيتم تدشين بعض من الدبلوماسية العلنية (بدلا من الحديث معهم بصورة سرية) بشأن الموضوعات التي تعتبرها أميركا ضرورية.
الملاحظ أن الجانب الدعائي للمشروع هو الطاغي، فالأميركان يتحدثون عن تخصيص 150 مليون دولار للعام المقبل من أجل دعم مشروعات إصلاحية، في الوقت الذي تطلب إصلاح أوروبا مشروعا بالمليارات (خطة مارشال) بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت أميركا تعمل على أساس «الشراكة» مع أوروبا. أما المشروع الحالي فهو أبعد ما يكون عن الشراكة، وما يصرف عليه لا يعادل ما كان يصرف في يوم واحد في أوروبا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ