العدد 640 - الأحد 06 يونيو 2004م الموافق 17 ربيع الثاني 1425هـ

الطرح الأوروبي للشرق الأوسط

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأوروبيون لديهم فكرة أخرى بشأن إصلاح الشرق الأوسط؛ فهم يرفضون تسمية «الشرق الأوسط الكبير»، ويفضلون تسمية «المبادرة الموسعة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا». فالآوروبيون يعتقدون أن «عملية برشلونة» - التي بدأوها العام 1995 بين الاتحاد الأوروبي والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط (الجزائر، قبرص، مصر، «إسرائيل»، الأردن، لبنان، مالطا، المغرب، السطة الفلسطينية، سورية، تونس وتركيا) - بدأت تنجح على بعض المستويات، لاسيما في مجال التحرير الاقتصادي، والتجارة الحرة ومنع الجريمة والحد من الهجرة غير الشرعية.

ويقول الأوروبيون إن الآليات لديهم جاهزة وإن المؤشرات الأخيرة تدل على أن بعض الدول التي استجابت لمطالب الإصلاحات الاقتصادية تشعر الآن بالضغط للاستجابة لمطالب الإصلاحات السياسية. ولذلك فإن الأوروبيين يودون توسيع «عملية برشلونة» لتشمل دول الخليج وإيران والعراق والسودان، وبالتالي فإن الفكرة هي «مبادرة موسعة».

«عملية برشلونة» التي بدأت العام 1995 تحاول تقليد «عملية هيلسنكي» التي وقعتها دول أوروبا الشرقية مع دول أوروبا الغربية العام 1975 والتي ربطت آنذاك بين تحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي.

وكانت «عملية هيلسنكي» هي البداية الفعلية للتغييرات الجوهرية في أوروبا الشرقية، والتي حدثت بعد ذلك بخمسة عشر عاما. والأوروبيون يعتقدون أن العملية ذاتها ستؤتي نتائج على المدى البعيد مشابهة لما حدث في أوروبا الشرقية.

«عملية برشلونة» لها ثلاثة أبعاد: سياسية، واقتصادية، واجتماعية. البعد السياسي يركز على حل المشكلة الأمنية والسياسية بين الدول التي وقعت الاتفاق، والبعد الاقتصادي يركز على تحرير التجارة مقابل الحصول على مساعدات أوروبية، والبعد الاجتماعي يركز على تنشيط المجتمع المدني ومناهج التعليم ومكافحة الأفكار الارهابية والخطيرة مثل العنصرية. وتتضمن «عملية برشلونة» حث الدول على اعتماد مبدأ «التعددية»، ولكن من دون برامج واضحة تتصل بالحكم مباشرة.

«عملية برشلونة» تختلف قليلا عن «عملية هيلسنكي»، لاختلاف طبيعة الدول الداخلة في الاتفاق. الأوروبيون يركزون على «العملية» بغض النظر عن النتائج ومتى ستتحقق هذه النتائج، كما يركز الأوروبيون على «المشاركة» أكثر من الأميركيين، ولكن هذه المشاركة ليست قوية كقوة «عملية هيلسنكي».

كما أن الأوروبيين يركزون على قضايا التنمية أكثر، ونجد أثر ذلك واضحا على بعض الدول العربية في شمال إفريقيا التي حققت انفتاحا اقتصاديا، ولكنها مازالت مغلقة سياسيا، ولكن الأوروبيين يقولون إن ذلك مجرد مقدمة وإن ضغطهم السياسي يتبع مباشرة، ولو أن ذلك على طريقة الدبلوماسية الخافتة في كثير من الأحيان.

الأوروبيون أيضا يختلفون عن الأميركان في إيمانهم بضرورة الانفتاح على الحركات التي تسيطر على الشارع السياسي، ولذلك فإنهم يتحاورون حتى مع جهات محسوبة على حزب الله في لبنان (وهو الأمر الذي مازالت أميركا تقف ضده)، كما أنهم خصصوا موازنة وإدارات وسفراء للحوار مع العالم الإسلامي، وهي ظاهرة جديدة بدأت تنشط حديثا.

بعض الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا تحديدا) تعتقد أن لها خصوصية مع بعض البلدان (بريطانيا ودول الخليج). ولذلك فهي تتصدر بعض النشاطات على الاتحاد الأوروبي، ولكن إذا تم الاتفاق على مبادرة موسعة، فجميع أنشطة الدول الأوروبية ستتم إعادة توجيهها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 640 - الأحد 06 يونيو 2004م الموافق 17 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً