العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ

«كليفتي»... انطلاقة حرة تقاوم السوق

أول فيلم مصري رقمي

اعتبر نقاد وعاملون في السينما المصرية أن فيلم «كليفتي» للمخرج المصري محمد خان - الذي عرض أخيرا بمركز الابداع بدار الاوبرا المصرية مرتين متتاليتين نتيجة كثافة الحضور في حفل العرض الاول - تجربة مهمة جدا في انطلاقة حرة تجاوز فيها تجربته السينمائية السابقة ناقلا الواقعية في السينما المصرية خطوة جديدة إلى الامام.

وعلق الناقد السينمائي في مجلة «روز اليوسف» الاسبوعية طارق الشناوي بأن قيمة الفيلم الحقيقية في أنها «قدمت مخرجا قام بإنتاج فيلمه بكلفة قليلة كي يقاوم شروط السوق الانتاجية التي حادت عن مستوى تقديم سينما جدية وممتعة».

وتابع: «فالفيلم الذي حمل اسم (كليفتي) وهي كلمة يونانية تعني اللص قام خان من خلاله بتقديم عمل مختلف عن أفلامه السابقة أكثر سخونة وحرية في التعبير ورأيت فيه حسا اجماهيريا على رغم أن نجميه رولا محمود وباسم السمرة وجهان غير معروفين. لقد قدم سمرة أفضل أعماله مع خان وكان محظوظا في عمله مع مخرج بمستوى خان نقل تجربته خطوة كبيرة بعد تجربته مع يسري نصرالله».

وأضاف «باسم سمرة أكد في هذا الفيلم أنه ممثل جيد جدا وغريب ألا يلجأ إليه المخرجون وخصوصا بعد فوزه بجائزة دولية اعتبرته أفضل ممثل في فيلم (المدينة) متفوقا على عدد كبير من الممثلين الكبار في مهرجان قرطاج قبل بضعة سنوات».

وأشار الشناوي إلى أن «تصوير الفيلم في شوارع القاهرة ووسط المدينة وعرضه شخوص العمل من ضمن مستويات متعددة من شخصية (كليفتي) في صورة تنقل الواقع الاجتماعي فاللص خفيف الظل (سمرة) مثل طبقة من طبقات اللصوصية سهلت عملية نقل الكاميرا في شوارع المدينة الحية والمزدحمة وكذلك مثل شخصية والد الفتاة (أحمد كمال) كمستوى آخر من الشخصية إلى جانب اللص الذي لا يتورع عن قتل طفل حتى يستطيع الاستيلاء على مفروشات إحدى الشقق السكنية».

وأضاف «كذلك علاقات شبان وسط القاهرة الذين يعملون مع السياح في وسط المدينة ونقلهم طبقة أخرى من طبقات هذه الشخصية في انخراطهم في حياة تقوم على حساب الأجانب في تقديم خدمات لا معنى لها. كل هذه المستويات استطاع خان أن يقدمها عبر صلة الوصل التي استخدمها خلال انتقالات سمرة في علاقاته المتعددة والمتداخلة في كل هذه المستويات الاجتماعية».

إلى جانب ذلك، هناك «شخصية الفتاة (رولا محمود) التي تسعى إلى الزواج وهي تدرك أن العمر يجري بها وتطرح كل المغريات التي يمكن أن تسهل هذا الزواج».

ومن جهتها قالت الناقدة السينمائية في صحيفة «الأهرام العربي»: إن «بطل الفيلم الحقيقي هو شريط الصوت الذي تبع الفيلم فقد أعادنا إلى أصوات أبناء البلد إلى شوارع مدينتنا بشكل واقعي جميل نقلت واقعا مرا نعيشه بطريقة لا رتوش فيها إذ اليسعى كل إلى يجاد طريقه في الحياة بدءا من أطفال الشوارع عبورا في تصنيع الخمور المضروبة وعدم دفع فواتير المحلات بسبب الاوضاع الاقتصادية السيئة. لقد نقل لنا صورتنا كما هي».

ورأى الشناوي أن «مخرجا موهوبا بمستوى خان لم يكن يملك أي بديل سوى اللجوء إلى الانتاج ولتقليل الكلف كان لابد له من استخدام الكاميرا الرقمية وخصوصا ان السوق والتلفزيون لم يسفرا سوى عن خيبة أمل كبيرة لخان وغيره من المخرجين الجادين في السينما المصرية».

واعتبرت أنه «نجح في إعادة السينما المصرية إلى واقعيتها بعد أن هربت من مواجهة هذا الواقع إلى المناطق السياحية في شرم الشيخ والغردقة وغيرهما من المدن والقرى السياحية التي لا تعبر عن الواقع... هذا الفيلم أعاد إلينا صورة نحتاج إليها الآن لأيامنا المقبلة».

وأكدت أن خان «استخدم الصوت والزحام بشكل رائع جدا إذ تتمازج الاصوات تعبيرا عن الملامح ضائعة».

وقدم خان فيلمه بكاميرا رقمية مستعرضا تجربته في استخدامها، معتقدا أنها «الطريق التي يمكن لها أن تحرر المخرجين من قساوة شروط الانتاج والتردي الحاصل وخصوصا أن التصوير كان جيدا ومعبرا عن مجالات الحرية التي يمكن أن يتمتع بها المخرج والفنانون».

وعبّر عدد من النقاد والمخرجين عن سرورهم لنجاح المخرج في نقل تجربته الحرة بهذه الطريقة. وقال المخرج داوود عبدالسيد: «شعرت وأنا أشاهد الفيلم بهبوب نسمة بحرية جميلة في يوم صيفي لأنه خطوة جيدة في تجربة محمد خان السينمائية».

وأضاف «لقد احسست أن خان رجع الى ذاته في الفيلم بعد فترة عمل فيها مخرجا فقط أكثر منه فنانا وخصوصا في فيلم (أيام السادات)».

واعتبر أن «خان يقدم صناعته بحرية (...) وعلى الفنان أن يصنع ذلك برقة خان أحيانا وخصوصا من حيث فكرته الأصيلة عن الإنسان الوحيد في المدينة».

وأعرب السيد عن اعتقاده أن «تجربة خان في الانتاج التي حررتها الكاميرا الرقمية تفتح آفاقا امام عدد كبير من المخرجين المتمردين على شروط السوق الاستهلاكية المتردية وفي ظل افتقاد منتجين حقيقيين يسعون وراء سينما جدية».

وأشار إلى أن «شرط نجاح التجربة ايضا هو وجود دوائر متخصصة لتسويق مثل هذا النوع من الأفلام المصورة بهذه الطريقة الجديدة».

ومن جهته، عبّر الناقد في أسبوعية «صباح الخير» عصام زكريا عن إعجابه بالفيلم وطريقة تصويره، قائلا: إن «العين ستتعود على هذا النوع من الأفلام كما تعودت سابقا على التصوير التقليدي للسينما».

واعتبر أن «الفيلم من أبرز ما صنعه خان لانه دفع بالواقعية في السينما المصرية خطوة إلى الأمام على مستوى الأداء التمثيلي والحوار وعلى مستوى التقاط الواقع وتفاصيله».

وقال: إن خان «نقل العلاقة مع الجيران وتلصصهم على بعضهم والخناقات بشكل واقعي بعيدا عن الاستعراضية التي قدمت في الافلام المصرية الاخرى».

وتابع: «كما استطاع أن يوجه بطلة الفيلم رولا محمود لتقديم أداء ناجح في مشاهد ظهرت فيها مجهدة وجائعة ومتعبة تريد دخول المرحاض وكذلك واقعية التزيين لفتاة من وسط شعبي لا يزيد على الكحل السائل من العين (...) وهذه التفاصيل خدمت الواقعية في العمل وتخرج عن المألوف لدى بطلات السينما المصرية».

وقدم خان في الفيلم صورة بانورامية عن القاهرة وخصوصا وسط البلد من خلال باسم سمرة اللص الخفيف الظل ضمن رؤية تلتقط الواقع الاجتماعي والاقتصادي في بيئته الشعبية بطريقة قدمت رؤية للوضع الاجتماعي القائم الآن من حيث البحث عن لقمة العيش والانهماك في العمل والازدحام في الشوارع.

كما أنه يصور ايضا لقطات لأطفال الشوارع وطريقة عيشهم والحب وعلاقة الشباب الباحثين عن عمل مع السياح الاجانب وإقامة علاقات متعددة لبطل الفيلم الذي يفاجأ بالنهاية بعد خروجه من السجن بعد أن يجد أن الفتاة التي أحبها خلال تجواله تزوجت من غيره

العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً