العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ

الأزمة الطائفية العام 2020

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

استكمالا لموضوعي «بشأن اختزال مفهوم الوطن في الطائفة» و«التنشئة السياسية الطائفية» اللذين تناولتهما الأسبوع الماضي أود الإشارة إلى أن الحديث عن مسألة الطائفية الذي مازال المجتمع البحريني يتناوله بمثالية مفرطة. يعكس أزمة حقيقية تجابه بجهل عام خصوصا من قبل الكتاب وأصحاب الرأي وإن تمت مناقشتها فهناك من ينظر إليها بشكل «مصلحي» بحت، بمعنى: هل هذه القضية تتفق مع مصلحة طائفتي أم لا؟ وفي ضوء ذلك يتخذ حكمه ورأيه.

وقبل الحديث عن هذه الأزمة لابد من الإقرار بحق جميع أبناء الوطن - سواء كانوا مواطنين بالتقادم (أبا عن جد) أم تم تجنيسهم وفق السياسات الحكومية التي اتبعت خلال حقبة أمن الدولة سيئة الذكر - في مناقشة قضية الهوية الوطنية، والأحوال الاجتماعية التي تغيرت كثيرا بعد بروز نتائج حملات التجنيس الماضية بغض النظر عن شرعيتها أم لا.

والقضية الأهم اليوم من وجهة نظري تتمثل في المطالبات الشعبية، ومظاهر التحشيد وأسلوب الإثارة الإعلامية لتأكيد أن هؤلاء - أي المجنسين السُنة - قد زاحموا أبناء الوطن في مختلف الخدمات التي تقدمها الدولة أو حتى مؤسسات القطاع الخاص. بل وهناك قوى سياسية عدة تطالب بإلغاء الجنسية. وأعتقد أن هذا هو لب القضية، فعلاج التجنيس هو قضية اليوم، وليس بحث أسباب التجنيس ومحاسبة القائمين عليه، لأن الأخير لن يغير من الأمر شيئا.

وبالتالي فإن كيفية معالجة الأزمات الحالية والمستقبلية الناجمة عن سياسات التجنيس تبقى الهم الأساسي في قضية التجنيس. فللجميع أن يتصوروا عشرات الآلاف من أبناء المواطنين الذين حصلوا على شرف الجنسية البحرينية حديثا والذين ولدوا على أرض البحرين، وليس لديهم أدنى انتماء إلى وطنهم الأصلي بحكم البعد الجغرافي والزماني سيواجهون تحديات خطيرة في المجتمع، إذ سيكونون فئة غير مرغوب فيها لا قدر الله في مختلف المواقع، في الوظائف والمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية. وهذا الوضع سيخلق إشكالات عدة ستهدد الوحدة الوطنية للبلاد، ويقوم هؤلاء بحركات عنف سياسي على فترات متباعدة قد تكون أخطر بكثير مما صاحب انتفاضة التسعينات، لأن مشكلتهم ليست مع النظام، وإنما مع المواطنين الآخرين السنة والشيعة، وهو ما سيهدد الأمن الوطني والسلم الأهلي للمجتمع.

من هنا أرى أن هناك هوية انتقالية يعيشها هؤلاء المواطنون الذين حظوا بشرف الجنسية البحرينية، لأن هويتهم ليست مستمدة من منشأ آبائهم السابقين، وإنما ارتبطوا بالبحرين التي ولدوا فيها. ولكن لا يمكن القول حاليا إن هويتهم بحرينية لانعدام الرابط التاريخي، وخصوصا أن الهوية البحرينية مازالت غير واضحة في البلاد بسبب تفاقم الانتماءات الطائفية والمناطقية على حساب الهوية الوطنية.

ويبقى المحك في قدرة المجتمع البحريني أفرادا ومؤسسات في الدفع لخلق هوية بحرينية تشمل هؤلاء، وتحاول التقريب بين الطائفتين السنية والشيعية. حتى لا يأتي العام 2020 مثلا، ونتحدث عن ثلاث طوائف، هي: الطائفة الشيعية التي تشكل الغالبية من السكان، وتطالب بمزيد من الحقوق والمكاسب. أما الطائفة الثانية فهي الطائفة السنية محدودة العدد، ولكنها متنفذة بحكم تحالفاتها التاريخية مع البنى التقليدية للمجتمع. وتبقى الطائفة الثالثة الجديدة، وهي الطائفة «الدخيلة» التي تتكون من مواطنين ذوي أصول عربية وآسيوية.

ختاما أعتذر إن أسأت التعبير في موضع مما ذكرت، لأنها هي الحقيقة، وعلينا مواجهتها، حتى لا نظلم أنفسنا وأجيال الوطن القادمة. وليس هذا تبريرا لمواقف السلطة أو فئات الشعب، وإنما استقراء لمصلحة الوطن، ولنا في لبنان عبرة

العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً