في العام الماضي كانت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي هي حديث الساعة بين البحرينيين، وفي هذا العام يتردد الحديث عن نقص في متطلبات المياه بمقدار مليوني غالون يوميا في فترة الصيف، وهو ما يعني أن المناطق ستعاني من انقطاع المياه خلال الأشهر المقبلة.
الاحصاءات تتحدث عن ازدياد في الطلب على الكهرباء سنويا، لا يقل عن 8 في المئة، وفيما إذا شرعنا في مشروعات اقتصادية كبرى فإن الثمانية في المئة قد تصبح عشرين في المئة. وهذه المتطلبات الحياتية تعاني منها كل الدول النامية ولا سبيل لحلها إلا من خلال التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى. ونحن بانتظار الاعلان عن خصخصة أو تحرير جزء من سوق الطاقة على مستوى في المستويات (ربما على مستوى الانتاج لجزء يسير مما تحتاج إليه البحرين).
والطاقة الكهربائية بحاجة إلى الغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة، وهي الوسيلة المفضلة لدينا حاليا. والغاز له مصادره المحلية التي ستنتهي قريبا ونحن بحاجة إلى استيراد. إما من قطر (وهي الأقرب) أو من إيران، وهذه مشروعات استراتيجية كبرى تحتاج الى خطة خاصة بها.
المياه المنتجة بصورة فرعية من محطات إنتاج الكهرباء قد تساعد في توفير بعض المتطلبات، ولكن نحن بحاجة إلى خطة وطنية بعيدة المدى لتوفير ما نحتاج إليه من المياه بمختلف الوسائل.
أوروبا لم تستطع التطور الا بعد ان حلت مشكلة الطاقة، الصين والهند وحاليا تشرعان في تشييد محطات نووية لانتاج الطاقة بصورة سنوية بمعدل محطتين سنويا (كلفة محطة نووية واحدة لإنتاج ألف ميغاوات تبلغ حوالي مليار ونصف مليار دولار). وأميركا تحاول منع إيران من إكمال مشروعها النووي السلمي لأنها تعلم أن إيران لا تستطيع أن تتطور إلا إذا امتلكت الطاقة المطلوبة للتطوير الصناعي. فاليابان تعتمد حاليا على الطاقة النووية لتوفير قرابة أربعين في المئة من متطلباتها وهي الآن بصدد تشييد 12 محطة نووية أخرى لتوليد المزيد من الطاقة الكهربائية.
على مستوى البحرين، نحن بحاجة إلى خطة تناسبنا للعشرين سنة المقبلة بحيث لا نشتكي سنويا من وصول الطاقة إلى أقصى مداها. وفي كل مرة نشير إلى المشكلات الناتجة عن انقطاع التيار الكهربائي أو المياه تسوء العلاقة مع وزارة الكهرباء والماء، ربما لأن هناك من يعتقد أن الحديث عن هذه المشكلات شأن خاص.
المشروعات الجديدة، مثل المدينة الشمالية والمرفأ المالي وجزيرة أمواج وغيرها، جميعها بحاجة الى المزيد من الكهرباء والماء والغاز. وهناك خطة لزيادة عدد المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وهذه أيضا بحاجة إلى المزيد من الطاقة والمياه. الدراسة الحالية التي يقوم بها مجلس التنمية الاقتصادية ترصد كل هذه المتطلبات، ولكنها بحاجة إلى وعي عام ولمزيد من النقاشات والحوارات العامة لكي نتساعد جميعا في تدشين الخطة بعيدة المدى لتوفير جميع متطلبات البحرين الاقتصادية من الكهرباء والماء والغاز
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ