وزارة المالية وزارة مليئة بالشقوق والثقوب وعندما انكسرت جرة هيئة التقاعد بان المكشوف وعكس مدى ضعف أداء الوزير... بعد كل ما حدث ليس بوسعنا - كما فعل بعض النواب - أن ندلق عطرا على الملف. ملف التقاعد احترق شعبيا، وليس هنالك داع إلى أن يغسل بالكولونيا رسميا أو برلمانيا حتى لا ينطبق علينا المثل العربي «لأمر ما جدع قصير أنفه». وقصة التجنيس وملاحقة ميساء العجوز في كل واردة ملَّها الناس فمن احترقت أصابعه في الملف لا يمكن أن يشير إلى المستقبل أو يحاكم الماضي بنظرة نمطية لا تخلو من عقد شوفينية.
أما وزارة الداخلية وعملية تطعيمها بالشخصيات الاصلاحية فهو عمل مبارك، وأخيرا ربما نقول إن إحدى القلاع الكبار بدأت تسمع للاصلاح، لكن ما نطرحه يبقى أمنيات طموحة نتمنى أن تبلور عمليا بسياسات بدايتها عقد مصالحة بين الوزارة والذاكرة البحرينية وأن تكون هذه القلعة مكانا مفتوحا لكل المواطنين، فحلمنا أن نرى طلابا من كلتا الطائفتين يلتحقون بالكليات العسكرية في السعودية أو الإمارات وخصوصا بعد أن حُرمت كل الوزارات المهمة من الطائفة الشيعية، فما عدنا نرى ضباطا ولا روادا ولا مسئولين على رغم أننا كل صباح نستحم بمواد المساواة الدستورية ونرقص فرحا بالوحدة الوطنية... الدولة الحديثة يجب أن تعمل على ازالة الفوارق لإذابة أي جليد حتى نخلق بحرينا بنكهة مانديلا، بحرينا فوق العرق والطائفة، بحرين المحبة والمساواة. وهذا هو بريق الأمل الذي نأمله في مشروع الاصلاح لذلك نهنئ وزير الداخلية، ونتمنى منه أن يقوم باستبدال الشرطة الآسيويين وغيرهم بشرطة بحرينيين. نقول إن وزارة الداخلية مقبلة على سياسة وزير شاب تبنى عليه الآن الكثير من الآمال، ولكن الأمل يحدونا بقلعة لا تقل خطورة وهي وزارة الاعلام فهذه الوزارة بدأت تعيش احتضارا في برامجها كما أن أجهزتها شاخت وتشكو العطب.
قلت لوزير الاعلام قبل أسابيع: أنا لا أتكلم إنشاء، اذهبوا الى المجتمع البحريني وقولوا له: هل أنت راض على ما يطرح في القناة والتلفزيون؟ هناك من شفر القناة. كلنا نتألم لما وصلت اليه وزارة الاعلام... سمعنا منذ زمن أن الاصلاح سيدخل الوزارة ولكن الوزارة إلى الآن «مكانك سر»، المشكلة أن الوزارة تعمل على البركة وليس عبر خطة استراتيجية مدروسة، لهذا نلحظ حال التخبط. نحن نتألم عندما نرى قناة كـ «الشرقية» وهي للتو بدأت تروق للمجتمع في حين أن قناة العائلة أصبحت بلا عائلة... يتيمة الطاقات؛ التي أصبحت إما مجمدة أو مهمشة أو هاجرت الى الخارج. لقد تابعت ما طرحه الوزير عن خطة تطوير الاعلام فازددت احباطا لأن الكلام مكرور وفي كل فترة يعاد صوغه من زاوية أخرى.
قال الوزير: «إن الوزارة وضعت خطة طويلة الأمد تستهدف النهوض بقطاعات الوزارة كافة»، كلام جميل، ولكن يا سعادة الوزير: ما هي هذه الخطة؟ سننتظر أشهرا ونتمنى أن نرى تغيرا في الأداء، والواقع هو الفيصل والحاكم على الموضوع.
هل سنرى برامج نوعية جديدة؟ أركز على: «نوعية»، فما فائدة الكم مع قلة الكيف؟ الوزير يقول: إن الوزارة مشحونة ببرامج محلية... كلام صحيح، ولكنها في غالبيتها ضعيفة وتستدعي الاشفاق. هل للوزير أن يوفق الى كتابة برنامج اجتماعي كما هو برنامج قناة 2 أو برنامج «سيرة وانفتحت» أو في السياسة كحوار «نقطة نظام» في العربية أو «6/6» الكويتي؟ سأبقى أتابع البرامج البحرينية، آملا أن أرى معالم هذه الخطة. الوزير يقول: «لن يكون هناك ابداع من دون حرية مبدعين»، إذا نتمنى من الوزير أن يعيد صوغ قانون تنظيم الصحافة. يقول الوزير: «ونادرا ما يمر أسبوع من دون أن يكون هناك نشاط فكري أو ثقافي فالوزارة وضعت نصب أعينها دعم مثل هذه الأنشطة». سعادة الوزير: أين هذه الأنشطة الفكرية التي تتحدث عنها؟ شككت في الأمر فسألت بعض المثقفين فقالوا: لا علم لنا، فقلت: ربما يقصد الوزير الأنشطة في العالم العربي عموما الا اذا كان يقصد خطب الجمعة فذاك شيء آخر. الوزير قال: «البحرين هي الدولة الأولى التي ادخلت التلفزيون الملون الى المنطقة وكانت تستخدم ارقى الأجهزة في مجال البث»، هذا كلام صحيح - وهذا ما يؤلمنا - لماذا شاخ تلفزيون البحرين؟ هل تعلم عن الأجهزة القديمة؟ كيف تستقر هذه «الخطة» المزمع تدشينها بأجهزة تكلَّست. نظام الدجيتل دخل كل القنوات ونحن مكانك سر حتى لو طورت الأجهزة فلا فائدة ما لم يطور الكادر البشري ويحتضن الموظفون البحرينيون وخصوصا القدامى ممن أفنوا زهرة أعمارهم في سبيل تطوير التلفزيون البحريني... الكادر الوظيفي للاعلام كادر لا يرقى للطموح ورواتب الموظفين رواتب زهيدة لا تشجع على البذل والطموح لذلك هرب بعض الفنانين الى الخارج وتحملوا الغربة... هناك اخطاء داخل التلفزيون والوزارة، هناك عملية تهميش أناس تشملهم الحظوة وآخرين مكانك سر، وسأطرح ذلك مفصلا. لماذا استغنيتم عن المراسلين والمكاتب الاعلامية في الخارج؟ ابحثوا عن التميز والنوعية ايضا لهؤلاء المراسلين. أما عن قناة «55» الناطقة بالانجليزية فنعرف أنها حين بدأت بثها كانت موجهة الى المقيمين الأجانب بالبحرين، ولكن لماذا تستمر في البث في عصر الفضائيات، ولماذا تحول إلى قناة فضائية؟ هل تعتقد يا سعادة الوزير أن الاجانب سيتركون متابعة الأخبار والأفلام والبرامج الاجنبية من كل القنوات الاخرى مثل: «سي. ان. ان» و«بي. بي. سي» و«SKY» ويأتون لقناتنا؟ بل لماذا تصرف عليها كل هذه الاموال ولا مشاهدين؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ