العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ

سبل تطوير سلوك الأبناء عن طريق نتائج أفعالهم

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

إننا باعتبارنا آباء نهدف من العقاب الذي يعتبر نتيجة لسلوك الطفل غير الصحيح أن نوقف ذلك السلوك، ونشجع الأسلوب البديل الذي يجعله يتصرف بطريقة صحيحة.

إذا استطعنا الوصول إلى هذا الهدف من خلال (عقاب قصير المدة) نطبقه على أبنائنا نتيجة لسوء سلوكهم، فإن الوقت المتبقي المخصص للعقاب علينا أن نستغله في اختبار تصرفات أبنائنا المعدلة الصحيحة، من خلال تعاوننا معهم لكي نصل إلى السلوك المقبول.

مثال على ذلك، إذا أرسلت الأم ابنها باسل البالغ من العمر سبع سنوات إلى غرفته لمدة خمس دقائق فقط لتحرمه من مشاهدة برنامجه الذي يحبه لأنه كان يضايق أخته أثناء مشاهدته، وشعرت الأم أن ابنها استفاد من هذا العقاب القصير... بأن تحسن أسلوبه... فإن ذلك أفضل من أن يظل باسل في غرفته ساعتين مثلا كعقاب له... أليس الأحسن أن تختبر الأم سلوك ابنها الصحيح الذي تريد أن يطبقه مع أخته بدلا من أن يضيع وهو محبوس في غرفته.

إن المهم في تربية الأبناء هو تحقيق الأهداف التي يضعها الآباء لتعديل سلوك أبنائهم وتحسينها وإحساسهم بأن هذا التطوير هو مسئوليتهم لا مسئولية آبائهم.

كما أن (تحديد الوقت في تطبيق العقاب الناتج عن سوء السلوك) مهم جدا... على الأم مثلا أن تحدد وهي تعاقب ابنها باسل، هل ستعاقبه لمدة خمس دقائق أو عشر دقائق أو أكثر؟ المهم أن تحدد الوقت الذي ستحبس خلاله الأم طفلها في غرفته ليرتدع عن السلوك السيئ، لأن الطفل سيظل حائرا طوال فترة عقابه إذا لم يحدد له الوقت الذي يستغرقه العقاب. كما انه كلما مرت عدة دقائق سيسأل والدته هل انتهى وقت عقابه، وقد يلح كثيرا إلى درجة تغضبها فتزيد خلال غضبها فترة حبسه من دون ذنب.

إن أكثر الأساليب المؤثرة في عقاب الأبناء لتعديل سلوكهم هي التي (لها بداية ولها نهاية واضحة محددة)، لأن عدم الوضوح وعدم التحديد يدعو الطفل إلى المماطلة وإزعاج الوالدين ولا يؤدي إلى الهدف التربوي المقصود منه تعديل سلوك الطفل.

كما ان لوم الطفل وتذكيره بتصرفه الخاطئ من قبل لا يشجعه على تحسين سلوكه، لذلك من الأفضل إتاحة الآباء فرصة جديدة لأبنائهم ليبدأوا من جديد بسلوك صحيح لا أن يقوموا بتذكيرهم بسلوكهم الخاطئ وهو أن يحاولوا تطوير سلوكهم. ولكي نتمكن من تطبيق هذا الأسلوب سأذكر هذا المثال ويمكن للآباء تطبيقه بطرق مختلفة.

منال طفلة في التاسعة، قالت لوالدتها إنها ستذهب إلى المتنزه المجاور لبيتهم بعد المدرسة وستعود الساعة 6 مساء.

وافقت الأم، لكن منال لم تعد في الوقت الذي حددته، فذهبت الأم إلى المتنزه ووجدتها مازالت تلعب غير مبالية بالوقت، فأعادتها إلى البيت ومن دون غضب قالت لإبنتها وبحزم: «غدا لن تذهبي إلى المتنزه بعد المدرسة، عليك أن تعودي إلى البيت مباشرة ولا خروج لك لأنك لم تعودي في الوقت الذي حددته لي... وعشاؤك أصبح باردا، كليه وهو بارد لأنني لن أسخنه لك».

وقبلت البنت العقاب الذي استحقته نتيجة عدم التزامها بوعدها. ومنذ ذلك اليوم أصبحت منال تعود إلى البيت الساعة 6 بعد أن حرمت يوما واحدا من الذهاب إلى المتنزه. لكن وعلى رغم التزامها بموعد عودتها ظلت والدتها تذكرها بعدم التأخر كل يوم حتى لا تعود إلى تأخرها السابق، أي أن الأم لم تمتدح الجانب الإيجابي من تصرف ابنتها وهو التزامها بالعودة في الوقت المحدد، وركزت على الجانب السلبي وهو تأخرها السابق... وهذا أسلوب خاطئ في التربية لأن الأم لم تشجعها على ذلك ولم تعتبره بداية منعشة لشخصيتها التي أصبحت ملتزمة وتستطيع أن تختار الأفضل لها وتكون مسئولة عن اختيارها وعن نفسها.

أحيانا تكون (النتائج الطبيعية لسلوك الطفل) تكفي لتعليمه السلوك الصحيح.

وليد طفل في الخامسة من عمره، كان يأكل آيسكريم في أحد المحلات مع أسرته، أخذ يلوح به وهو في يده مقلدا الطائرة وهي في طريقها إلى الهبوط... لم يعجب تصرفه والده فنظر إليه نظرة غاضبة، لكن الطفل تجاهله وتمادى في لعبه، وفجأة سقط الآيسكريم من يده فوق الأرض... والداه تركا نتائج أفعاله الطبيعية تؤدبه ولم يشتريا آيسكريما غيره له... وتعلم من حرمانه من الآيسكريم ألا يعود إلى أفعاله هذه مرة أخرى... كان بود والديه أن يقولا له: «ألم نقل لك أن ذلك سيحدث» ويلقيا عليه محاضرة بأن عليه ألا يفعل مرة أخرى ما فعله اليوم مادام يحمل الآيسكريم في يده، لكنهما لاحظا أن أية جملة سيقولانها سيأخذان بها المسئولية من على كتف ابنهما وسيفسد تأثير الواقع الذي اختبره... لأنه في المستقبل سيفكر جيدا قبل أن يتلاعب بالآيسكريم في يده.

إن النتائج الطبيعية تنبع من الحدث أو الموقف وترسل رسائل فعلية إلى الأطفال لأنها تجعلهم يتحملون مسئولية ما قاموا به من نتائج مباشرة وتجعل الأطفال ليسوا في حاجة إلى تدخل الآباء لأن تدخلهم يفسد قيمة ما تعلموه... إلا بعض الآباء يجد سهولة في تطبيقه وبعضهم يجدون صعوبة... لكن عليهم مع ذلك ألا يتدخلوا ويديروا الموقف... إذا حدث لك ذلك كأب جرب أن تحد من مشاركتك... فمثلا إذا كسر طفلك اللعبة قل له «مادامت اللعبة كسرت، فأنت لا تستطيع أن تلعب بها»

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً