تشير الأرقام الصادرة عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني إلى أن حجم الدين العام ارتفع في العام 2003 بواقع 328 مليون دينار إلى 1,351,5 مليون دينار (3,6 مليارات دولار). بمعنى أن حجم الدين ارتفع بنسبة 32 في المئة وهذه بلاشك نسبة عالية لفترة سنة واحدة فقط. يذكر أن الحكومة استصدرت في بداية العام 2003 سندات في الأسواق المالية الدولية بقيمة 500 مليون دولار أي نحو 189 مليون دينار لتمويل أربعة مشروعات أهمها إنشاء حلبة البحرين الدولية لاستضافة سباق الفورمولا 1 في بداية شهر أبريل/ نيسان الماضي. يشكل الدين العام نحو 37 في المئة من حجم الناتج المحلي بالأسعار الجارية (أو أكثر من 40 في المئة بالأسعار الثابتة). وتعتبر هذه النسبة معقولة إلى حد ما (على سبيل المثال: حدد اتفاق مستريخت لدول عملة اليورو نسبة 60 في المئة من الناتج المحلي)، إلا أن المشكلة تكمن في انفتاح شهية الحكومة لأخذ المزيد من القروض من الأسواق الدولية مستفيدة بذلك من الوضع الائتماني الذي تتمتع به البحرين بدليل الزيادة في حجم القروض في العام الماضي. المعروف أن البحرين تتمتع بملاءات مالية جيدة من قبل مؤسسات التصنيف الدولية والتي بدورها تساهم في حصول الحكومة على قروض بشروط ميسرة وبمعدلات فائدة تنافسية في الأسواق الدولية، إذ أعطت مؤسسة ستاندرد أند بوز «A-1 للالتزامات طويلة الأجل وA-2» للالتزامات المالية القصيرة الأجل. أيضا تمنح وكالة موديز Baa1 لقروض البحرين، ويعد هذا تصنيفا ممتازا من المؤسسة الأكثر تشددا في منح الملاءات. من جهة أخرى دفعت البحرين ثمنا باهظا لخدمة الدين إذ بلغت الفوائد المترتبة على القروض في نهاية العام 2003 مبلغا قدره 49,4 مليون دينار (131 مليون دولار) أي بزيادة أكثر من 37 في المئة عن الفوائد التي تم دفعها في العام 2002. وعلى كل حال لابد من وجود تفسير لهذه الزيادة في ظل الانخفاض التاريخي لمعدلات الفائدة في الأسواق الدولية في العام الماضي؛ فحجم الدين ارتفع بواقع 32 في المئة بينما زادت الفائدة المدفوعة بنسبة تزيد على ذلك. يفيد تقرير أن الحكومة ربما قررت عدم ضمان قرض لصالح شركة بابكو يهدف لتنفيذ مشروعات للشركة وعلى رأسها إنشاء مصنع لإنتاج الديزل منخفض الكبريت، إذ إن التفسير لذلك يكمن في رغبة السلطات في إفساح المجال أمام أخذ المزيد من القروض من دون المساس بوضع الملاءة المالية للبلاد. يبدو أن رواية «أن الناس على دين ملوكهم» تنطبق بالضرورة على البحرين بشكل لا لبس فيه، إذ إن المواطنين يميلون لأخذ القروض شأنهم في ذلك شأن الحكومة. إذ تشير إحصاءات مارس/ آذار 2004 بأن القروض الشخصية شكلت ما نسبته 47 في المئة أي نحو 884 مليون دينار من حجم التسهيلات التجارية التي قدمتها المصارف التجارية.
يحدونا الأمل في ألا يكون ارتفاع الدين العام على حساب الأجيال القادمة، إذ إن ذلك مسئولية في أعناق القائمين على الشأن الاقتصادي للبلاد وعلى البرلمان المنوط به مراقبة الأداء المالي للقطاع العام من أجل الحفاظ على سلامة الوضع المالي للبلاد. لا يكمن الخطأ في عملية أخذ القروض بحد ذاتها بل في استخدامها، إذ إن المطلوب توظيف الأموال في مشروعات تنموية تدر فوائد جمة على الاقتصاد الوطني وخصوصا العمل للقضاء على أزمة البطالة الخانقة التي تقف في حدود 15 في المئة، إذ يقبع نحو 20 ألف مواطن في صفوف العاطلين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ