دعا الرئيس الباكستاني بيرفيز مشرف العالم الإسلامي إلى إعلان تنصله من التطرف وشق طريق التحديث والإصلاحات. ودعا في مقال خص به صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» إلى أن يعمل العالم الإسلامي والغرب سوية من أجل وقف حمام الدم في العالم. وناشد مشرف الولايات المتحدة الأميركية خصوصا أن تتعامل بوعي وإنصاف عند مساهمتها في وضع حلول للنزاعات السياسية التي تسببت في ظهور التطرف الإسلامي والإرهاب. وقال مشرف: ليس الإسلام ديانة وراء التطرف وإنما النزاعات السياسية وطالب المسلمين في أنحاء العالم أن يعبروا عن التسامح وأن يبدوا استعدادهم للإصلاح والتحديث.
عرض الرئيس الباكستاني استراتيجية من شقين: الأول ويقضي بأن يتنصل العالم الإسلامي من التطرف والشق الثاني أن يتعامل الغرب وخصوصا الولايات المتحدة مع النزاعات السياسية بصورة منصفة وأن يساعد الغرب العالم الإسلامي في تحسين أوضاعه. وقال مشرف انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تعرض مسلمون في مناطق كثيرة لتصفية عرقية سواء في البوسنة أو في الشيشان أو في كشمير أو في فلسطين. وكان ينبغي أن يجري حل النزاعات في هذه المناطق بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لكن هذا لم يحصل وما حصل كان غض النظر عن هذه النزاعات إلى أن استفحلت وتفاقمت وتحولت من نزاعات سياسية إلى صدامات مسلحة أبرزها الجرح الأفغاني. هذا الجرح (على حد تعبير الرئيس الباكستاني) استقطب آلاف المتطوعين المسلمين للقتال في أفغانستان ومنه انطلقت شرارات في مختلف الاتجاهات وتسببت في ولادة تنظيم (القاعدة) وذلك في الوقت الذي احتدت فيه نار الانتفاضة ووحدت الصف الإسلامي إلى أن انفجرت قنبلة 11 من سبتمبر/ أيلول العام 2001 وما تبع ذلك من رد فعل عسكري أميركي ضد(القاعدة) والطالبان في أفغانستان. أشار الرئيس الباكستاني الى أن الخطوات كافة التي قامت بها الولايات المتحدة إن كانت ضد (القاعدة) أو الطالبان وكذلك موقفها من الانتفاضة حرض المسلمين في أنحاء العالم عليها وهذا دليل واضح على أنه ليس الإسلام الذي جعل المسلمين يناهضون الولايات المتحدة وإنما النزاعات السياسية التي شعر المسلمون أن الولايات المتحدة والغرب لا يتعاملان بإنصاف تجاهها.
وتوجه الرئيس الباكستاني في مقاله برسالة مباشرة إلى المسلمين في أنحاء العالم وكتب يقول: ينبغي علينا أن ننظر اليوم إلى أنفسنا. من نحن وإلى ماذا نتطلع وإلى أين نسير؟ أرى أن الجانب الإسلامي في استراتيجيتي هو التحديث والإصلاح. لنا ماض عظيم وحصل الإسلام في العالم على سمعة رائعة وظهر كدين يحث على التسامح وخصوصا مع أتباع الديانات الأخرى. لم يحمل الإسلام السيوف ليدفع الناس للإيمان به بل ترك لهم حرية مطلقة باختيار الدين الذي يناسبهم وعلى رغم هذا اعتنق كثيرون الإسلام.
العالم الإسلامي اليوم بعيد عن مبادئ الإسلام وقد غرقنا في مشكلات اجتماعية وأخلاقية واقتصادية وبينما تطور الآخرون وحصلوا على علم أفضل بقينا نحن على الأرض وأوقعنا أنفسنا في مقت وحال يائسة. ينبغي أن نرى الحقيقة بأعيننا. أمامنا طريق يجب أن نسيره فقد حان وقت التغيير وتنمية قدراتنا. هذا الطريق ليس عبر الدخول في نزاعات وإنما تبدأ مسيرته في تبني الاستعداد للتحديث والإصلاح ونشر الديمقراطية والعدالة وأن يصبح للمسلمين دور في تحديد مسار العالم الذي نعيش فيه.
إن منظمة المؤتمر الإسلامي هي الجهة التي نلتقي تحت مظلتها وينبغي أن نستخدمها في مواجهة تحديات القرن واعتبر أن تشكيل لجنة من كبار الشخصيات لإعادة بناء منظمة المؤتمر الإسلامي خطوة جيدة في الطريق السليم. كما ينبغي على العالم والقوى النافذة فيه أن يدركوا أنه ليس بالوسع تحقيق السلام من خلال استعراض القوة والنزاعات بل من خلال الإنصاف وتحقيق العدالة وينبغي علينا بصفتنا مسلمين القيام بدور رائد كيلا يتهمنا أبناء أجيالنا القادمة بأننا نحن قادة العالم الإسلامي اليوم قد تسببنا في دفع العالم إلى الجحيم
العدد 637 - الخميس 03 يونيو 2004م الموافق 14 ربيع الثاني 1425هـ