العدد 636 - الأربعاء 02 يونيو 2004م الموافق 13 ربيع الثاني 1425هـ

الحوار الوطني بين الأطراف السياسية... كيف يكون؟

كثرت الدعوات في الفترة الأخيرة إلى الحوار الوطني، والسؤال: من المسئول عن غياب هذا الحوار؟ هل هي الحكومة أم المعارضة؟ ولماذا كلما مرت بالوطن احتقانات سياسية تبرز إلى السطح السياسي جماعة ترفع الدعوة إلى الحوار الوطني؟ هل لأننا بحاجة إلى تأصيل ثقافة الحوار الوطني في مسلكياتنا ومنظومتنا الثقافية والسياسية سواء في موقع المعارضة أو الحكومة؟ ولماذا يعتبر البعض أن الحوار الوطني غائب في أدبياتنا السياسية الوطنية؟ هل بسبب عدم وعي أهمية وضرورة الحوار الوطني في حراكنا السياسي؟ أم بسبب غياب الحوار الوطني عن قاموس الحكومة والمعارضة؟ لماذا دائما ننتظر المبادرات تخرج إلى السطح، ومِن ثم تقرر هل هو حوار وطني أم لا وطني؟ هل الوطنية في الحوار الوطني تعتمد على الولاء السياسي للحكم، أم تعتمد على حماية المواطن والوطن من مصالح الفئة والذاتيات والمحسوبيات والفساد العام؟

نحن نعلم أنه كلما زادت التحولات المجتمعية في الوطن ثقافيا وسياسيا واقتصاديا زادت حمى السجالات والحوارات السياسية بين الأطراف المختلفة، هنا يبرز دور الحوارات والمؤتمرات الوطنية في حل القضايا الشائكة والساخنة، والتي من خلالها نعرف ما هي مساحة التقاطعات والتباينات في مسألة بناء الوطن والمواطن بين المعارضة والحكومة. وأين يكون موقع هذا الحوار منها وما هو دوره وشروطه؟ وهل هو من الثوابت الوطنية التي لا يمكن أن نتجاوزها؟ وهل هو متوافر كأدوات وآليات حضارية حتى وإن اختلفت المواقف في شكل التعبير السياسي عن الحقوق أو بشأن ماهيتها؟ وهل يبقى الحوار هو الأصل في العمل السياسي الوطني، وهل سيكون هو اللاعب الأساسي في البناء الوطني في مرحلة التجاذبات السياسية؟ وبأية طريقة سيقود الوطن في ساحة مليئة بالألغام؟

فإن كان الحوار الوطني يتحرك في المسائل الحيوية والجدلية والساخنة على مستوى تأصيل الديمقراطية وتطبيق حقوق الإنسان والتنمية الحضارية للمواطن، فهي ظاهرة صحية وديمقراطية وتستحق الدعم والتأييد، بل يجب هنا أن نفعل كل ما بوسعنا لكي نساهم في تشجيعه وتنميته حتى يكون عرفا جديدا يضاف إلى أعرافنا السياسية في المجتمع المتنوع سياسيا، أما إذا كان هدف إقامة الحوار من أجل الحوار أو من أجل تغليب الأهواء الحزبية والمنافع الفئوية، فلاشك في أن مصيره هو الفشل، لأن حماية القضايا الوطنية بحاجة إلى تلغيب ثقافة الوطن على مصلحة الحزب والأشخاص، والابتعاد عن المشاحنات والتسقيط الاجتماعي والتخوين الوطني.

بقي هنا أن نعرف نقطة مهمة بالذات في تعاطي الجانب الرسمي مع المعارضة، باعتبار أن المعارضة طرف أساسي في العمل السياسي المعاصر، إذ الحوار الوطني مطلوب وضروري مع المعارضة، باعتبار أنها تمثل شريحة عريضة في المجتمع البحريني، وهذا طبعا يعطيها شرعية الحضور في أي حوار وطني، لأن ترتيب وضع الوطن من الداخل من دون دور للمعارضة باعتبارها طرفا في الشراكة السياسية والتنمية الثقافية والترتيب الاقتصادي هو مضيعة للوقت ورجوع إلى الخلف، لما تمثله من واجهة سياسية للكثير من الجمعيات الأهلية والمدنية.

من هنا يجب أن تتاح للمعارضة مساحة كبيرة من التحرك والمراقبة والمساءلة والمناقشة في الحوارات الوطنية لأنها شريك سياسي مهم في الوطن، لا أن تعامل كعدو فيتم إخراجها من الملعب السياسي بأية طريقة كانت.

كاتب بحريني

العدد 636 - الأربعاء 02 يونيو 2004م الموافق 13 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً