يرى سفراء لهم وزنهم في المجتمعات الدولية أن مسئولية المحافظة على سلامة الوطن هي مسئولية جماعية وتقود إلى الازدهار الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية التي هي ركيزة أساسية في تقدم الدول وخصوصا النامية منها ومن ضمنها البحرين، ولذلك فإن أية مناوشات حتى لو كانت صغيرة فإنها تضر بصدقية كل الدول التي تبحث عن مراكز لها في خريطة العالم الشاسعة وتبعد المستثمرين عنها، ولذلك فإن المحافظة على مركز المملكة المالي والمصرفي والترويج له مسئولية جماعية يجب أن يتحملها كل شخص يعيش على هذه الأرض الطيبة.
فإذا رغبنا في تطوير الاقتصاد وتوفير فرص أكثر للعمل والحد من البطالة التي تنخر في المجتمع فمن الأفضل أن نتجه إلى التدريب المناسب ونختار برامج التعليم بدقة حتى لا تتخلف البحرين عن ركب التطور والتقدم الذي يشهده العالم في جميع المجالات، وأن نكون سفراء لبلدنا في الداخل والخارج وعدم التشجيع على العبث الصبياني الذي يهدم كل ما تحاول الدولة بناءه ويفقدها ميزة خاصة تتمتع بها البحرين، التي تعتبر بلدا مضيافا يؤمه القاصي والداني.
فإذا عرفنا أن وكالات الأنباء - وهذا يشمل محطات التلفزة والانترنت والأخبار وغيرها - عادة تبحث عن الأنباء المثيرة (وفي بعض الأحيان) يتم تضخيمها لتتناسب وأذواق المستمعين والقراء بالإضافة إلى المسئولين عنها، فإن أي حدث بسيط يمكن أن يقلب الموازين ويؤدي إلى نتائج عكسية لا يعلم مداها إلا الله.
وفي وقت أنعم الله علينا أفضل من كثير من الدول التي تتحدث وتتشدق بالديمقراطية بفضل الإصلاحات التي تمت في الآونة الأخيرة، فمن الواجب الوطني الترويج لهذه الإصلاحات داخليا وخارجيا، وأن نكون سفراء لبلدنا (وهذا واجب وطني) والابتعاد عن كل ما يشوه سمعتها ومن ضمن ذلك بعض الأعمال التي نحن في غنى عنها مثل حرق متجر أجنبي أو مهاجمة أشخاص أجانب يعملون في المملكة.
أطلعني أحد السفراء أن حدثا بسيطا جرى في البحرين في الفترة الأخيرة تلقى على إثره عدة اتصالات من مختلف أنحاء العالم، أصحابها متلهفون لسماع ماذا يحدث في البحرين! وإذا علمنا أن المستثمرين يهمهم في المرتبة الأولى أن تكون البلد المراد الاستثمار فيها مطمئنة آمنة، فإن أعمالا بسيطة - والتي لا تقودنا إلى ما نطمح إليه - تدمر ما يخطط له المستثمرون وبالتالي نحرم بلدنا من مشروعات نحن في حاجة إليها، وعلى القابعين في مكاتبهم خارج البحرين الذين يبعثون بكتبهم إلينا سواء عن طريق الانترنت أو أية طريقة أخرى أن يعوا أن الدنيا تغيرت وأن أخبارهم لم تعد تجد لها صدى، اللهم إلا في آذان الأعداء الذين لا يريدون خيرا لهذا البلد، وأنصحهم بأن يتخذوا طريقة أخرى لخدمة مجتمعهم إن هم أرادوا مخلصين أن تنعم هذه الجزيرة بالأمن والأمان.
نعرف جيدا أننا لم نصل إلى المرحلة التي نطمح إليها، ولكن هذه بداية طيبة ويجب استغلالها وعدم التفريط فيها وترك كل ما يسيء إلى البحرين وأهلها، لأن التقدم لا يأتي إلا عن طريق العمل الجماعي، والمثل يقول «ألف بناء ما يقدرون على مخرِّب واحد»، ولكن إذا كان هذا المخرِّب لا يريد الخير لنا جميعا فيجب أن نقف في وجهه ونمنعه من تنفيذ مآربه. والله من وراء القصد.
عباس سلمان
العدد 636 - الأربعاء 02 يونيو 2004م الموافق 13 ربيع الثاني 1425هـ