(المتنبي)
القلعة المقصودة هنا، ليست قلعة الشرطة المعروفة، وإنما هي «قلعة البحرين» الأثرية... والتي تعددت مسمياتها مثل قلعة عجاج، أو قلعة البرتغال (أو البرتقال - في لفظ الصغار)، أما معناها فقد بقي شامخا لم يتغير على مرِّ العصور، في أذهان أهل البحرين، والسكان المجاورين لها، وأجيالهم المتعاقبة.
ولقلعة البرتغال، في ذاكرة طفولتي وطفولة أجيال البحرين، موقع لا يُنسى، وذكريات محببة إلى النفس، أصبحت جزءا لا يتجزأ من فضول الطفولة عند التزويغ من المدرسة، أو للدخول إلى عالم من الماضي غريب ومثير. فمن فوق أبراجها العالية، كنت أشعر وكأنني أطلُّ على العالم كله. ومن خلال الفتحات المشقوقة في أبراجها بعناية، كانت تتراءى لي القدرة الفائقة على التلصص ومراقبة القادمين، وإلحاق الأذى بأي مهم لو أردت... وكانت الأحجار التي تتساقط أو تضطرب تحت قدميّ، تبدو وكأنها تتثاءب كمن أفاق من سبات طويل. وحينما كنت أتفيأ ظلال الأبراج الكبيرة المتآكلة، كان يبدو لي الزمن وكأنه غول لا يشبع وهو ينهش من تلك الأبراج يوما بعد يوم.
أما الكبار من أهل البحرين خلال الثلاثينات وما قبلها، فكانوا يؤمّون القلعة لتمضية الوقت، أو ربما لاكتشاف كنز مخبوء. فقد كان من المعروف أن بعض الأجداد كانوا يعمدون إلى تخبئة مقتنياتهم الثمينة في باطن القلعة، كلّما داهمهم غزو من الخارج... وهكذا فعل الشيخ يوسف البحراني على ما يبدو - وهو من أكبر أئمة الفقه في البحرين خلال القرن الحادي عشر الهجري - حينما جاء الغزو العماني في عهده، فلجأ إلى دفن كتبه المرجعية القيّمة، في القلعة.
ثمّ إني شغلت بهمِّ «قلعة البحرين» طيلة سنوات حياتي بعد ذلك، وكأن هاتفا في نفسي يقول: إن وراء هذه الأكمة ما وراءها... حتى جاءت البعثة الدنماركية الأثرية للتنقيب في أوائل الخمسينات، لتكشف القناع عن هذه القلعة، وتفاجئ الأوساط الأثرية العالمية باكتشاف باهر لم يكن في الحسبان.
وكنت أداوم على زيارة القلعة أثناء عمل بعثة التنقيب، وأعجبت بالروح المعنوية العالية لهؤلاء الباحثين رجالا ونساء. فقد كانوا يساعدون عمال الحفر بأنفسهم، وحينما يجدون شيئا ما، يتوقف العمال ويتولى المختص منهم تنظيف البقعة بيديه وأصابعه خوفا من إحداث الضرر بذلك الشيء... وكلما تطلعت إلى خيامهم البسيطة المنصوبة في جوف القلعة، وتذكرت وحشة الليل البهيم فيها، أو نظرت إلى وجوههم وقد لوّحتها الشمس، وإلى ملابسهم المتسخة، وأظافرهم المجرّحة، تذكرت قول حاتم الطائي، في وصف ينطبق على حالتهم آخر النهار:
وراحوا جميعا ينفضون أكفّهم
يقولون قد أدمى أظافرنا الحَفْرُ
وكذلك استمر الهوس عندي بالقلعة طيلة سنوات العمر، إلى أن تبنّت الحكومة مشروعا لترميم القلعة، وصيانتها إذ كنت أتابع تلك الجهود المخلصة، وأتشاور أحيانا مع المهندسين المسئولين بشأن الحفاظ على الشكل الأصلي للقلعة، بمراجعة ما هو متوافر من المصادر البرتغالية. واغتنمت زيارتي للبرتغال في صيف العام 1972 لزيارة دار الوثائق والمخطوطات في (الكونغرس) بمرافقة القائم بأعمال سفارة البرتغال في القاهرة آنئذ، بوشتوش وزميله سفير البرتغال في لبنان، وبالتشاور المستمر مع رئيس معهد الدراسات الشرقية في لشبونة الأب البروفيسور دار سيلفا ريجو ومساعدة أنطون دياس فارينها. وقيل لي آنذاك إن دار الوثائق تحتفظ بالتصاميم الأصلية للقلاع البرتغالية. وقد اطلعت على تلك التصاميم والمخططات للقلاع التي أنشئت في الخليج في عُمان وهرمز ورأس الخيمة وفي المحرق أيضا... ولم أجد بينها مخططا لقلعة البحرين... ولعلّ معنى ذلك أن القلعة كانت موجودة عند الغزو البرتغالي بقيادة أنطون كوريرة-دي بهرم، وأن البرتغاليين اكتفوا بترميمها لجعلها صالحة لهم كمقر يحتمون فيه.
كما أني فهمت من شرح الأب دا سيلفا ريجو ومساعدة فارينها الذي استأنفت معه حديثا مواصلة البحث عن الوثائق والمخطوطات، أنه توجد في البرتغال مصادر كثيرة من الوثائق والمخطوطات والكتب والمؤلفات باللغة البرتغالية، تتكلم عن البحرين وتاريخها وتسجل ما جرى فيها من حوادث، كما تحتوي على وصف للسكان والبيئة الطبيعية، والعلاقات التجارية والاجتماعية، والسفن وصيد الأسماك، واستخراج اللؤلؤ، وإحصاءات لثروات البحرين ودخلها السنوي، وما تدفعه من ضرائب إلى الغزاة إلخ... وكل تلك المعلومات مهمة للبحرين ولا شك... لكنها تنتظر من مملكة البحرين الاهتمام باقتنائها وترجمتها لاستخلاص المعلومات منها كي تصبح في متناول أهل البحرين والمهتمين والدارسين على السواء.
ثمّ نعود - بعد هذا الاستطراد - إلى حديث البعثة الدنماركية للتنقيب، التي سجلت كشفا جديدا، حينما وجدت أن قلعة البحرين تم بناؤها على سقف مستوطنة بشرية موغلة في القدم تمتد إلى ما وراء حدود القلعة... ووجدوا بعد إجراء الحفريات، أن المستوطنة كانت تضم معابد وممرات وحمامات وأسواق ترجع كلها إلى عصر السومريين وحضارة (دلمون) القديمة التي تعود إلى العصر البشري البرونزي منذ 4500 عام وما قبل ذلك.
وفوق تلك الشريحة من طبقات الأرض، وجدوا شريحة أخرى تعود إلى فترة (تايلوس) في العصر الروماني، وفوق ذلك شريحة ثالثة ذات مرحل ترجع إلى العصور الإسلامية... أي أنهم قد اكتشفوا (كنزا) تاريخيا ثمينا توفّرت بفضله معلومات تاريخية مهمة عن علاقة الحضارة السومرية بالخليج وبوادي السند. كما تم الحصول على معلومات تخص المجتمعات البشرية الضاربة في القدم واحتمالات تاريخية متعددة لتفسير لغز أكبر المقابر البشرية في التاريخ القديم، والموجودة في البحرين.
وبتوالي التنقيبات بعد ذلك، تمت اكتشافات عدة مهمة في باربار، والحجر، والتلال الدلمونية، والساسانية، وفي أنحاء متفرقة في البحرين، ما يجعل من هذه الجزيرة - على صغرها - لؤلؤة في تراث التاريخ البشري، ومتحفا حيا تجب المحافظة عليه وصيانته من العبث والتشويه، بما في ذلك، مشروعات الصيانة الشكلية، ذات الطابع التجاري الرخيص.
روت كتب السير في البحرين، عن الشيخ عبدالحسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي الجعبي (نسبة إلى قرية «جباع» وهي إحدى قرى جبل عامل) أن الشيخ المذكور، كان في مكة المكرمة، مهاجرا من جبل عامل قاصدا الجوار فيها إلى أن يموت... ثم إنه رأى في المنام - وهو بمكة - أن القيامة قامت، وأن أرض البحرين رفعت وما فيها إلى الجنة... فلما رأى هذه الرؤيا، آثر الجوار في البحرين، والموت في أرضها، فجاء إلى البحرين. وأقام صاحب الرؤيا في البحرين حتى توفي فيها سنة 918 هجرية ودُفن في قرية «المصلى» المعروفة وقبره معروف فيها إلى اليوم. وللعلم، فإن الشيخ المذكور هو والد الشيخ محمد بن الحسين المعروف بالبهائي (أو بهاء الملّة) الذي ذهب إلى أصفهان وأصبح شيخ الإسلام فيها، والذي رثى أباه بقصيدة مشهورة مطلعها:
يا جيرة هجروا واستوطنوا هجرا
واها لقلبي المغنَى بعدكم واها
ثم يضيف قائلا:
يا ثاويا بالمصلّى من قرى هجر
كسيت من حلل الرضوان أضفاها
ربوع فضل، تباهي التبّر تربتها
ودار أنس، تخال الدّر حصباها
وأقول: إن هذا الحلم، قد يكون مجرد حلم... ولكن هناك في سجلّ الغابرين، كتابات بسمارية، وروايات وأساطير منذ عهد السومريين (كملحمة جلجامش مثلا) كلها تنص على أن أرض «دلمون» مقدسة، وأن فيها يوجد سر الخلود، وأنها واحة للطمأنينة والسلام... إلى غير ذلك... ولا نعلم بالتأكيد مصدر ذلك الاعتقاد، ولكن آثار قلعة البحرين، والألوف المؤلفة من المقابر التاريخية، والمعابد المتعددة، قد تنطوي على أسرار لاتزال مجهولة، فيما يتعلق بحضارة «دلمون» ومعتقدات أهلها...
فلندع إذن المجال مفتوحا للباحثين والمنقبين والدارسين، من كل مكان يمارسون اختصاصهم للكشف عن المزيد... ولنتفق جميعا نحن أهل البحرين حكومة وشعبا، باعتبارنا ورثة هذا التراث العالمي والقيّمين عليه، ولاسيما في هذا العهد الميمون، عهد الانفتاح والتجديد، على أمر واحد: وهو ضرورة المحافظة الرصينة والمسئولة، على تاريخ البشرية ممثلا في المعالم الأثرية في البحرين، وقلعة البحرين خصوصا.
وفي هذا الصدد، تأتي مبادرة جلالة الملك المعظم في محلّها... وهي مبادرة تحظى ولا شك، باهتمام خاص من لدن صاحب السمو رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو ولي العهد الميمون، إذ تمّ الإيعاز إلى وزارة الإعلام، ووزيرها النشط، ومساعديه في إدارة الثقافة والتراث، لتنفيذ مشروع طموح يهدف إلى إحياء آثار القلعة، بتنظيم احتفالية كبيرة خاصة بمناسبة مرور خمسين عاما على بدء الحفريات الأثرية في قلعة البحرين.
لهذا، فلعلّني لا أبالغ إذا قلت إن المهتمين بالتراث من أفراد ومؤسسات في داخل البحرين وفي خارجها وعلى نطاق عالمي، يتطلعون اليوم بشغف عظيم إلى مشروع جلالة الملك المعظم، يحدوهم الأمل في أن يتم إنجاز هذا المشروع على الوجه الصحيح الجدير بمكانة البحرين وتطلعها العهد الجديد، لإنجاز حضاري كبير. ومن بين أهم تلك التطلعات، الملاحظات التي أتشرف بأن أضعها بين يدي المسئولين عن المشروع:
الملاحظة الأولى: الحرص على تنفيذ مقترحات واستشارات منظمة «اليونسكو» المسئولة عن اعتماد وتسجيل آثار البحرين ضمن التراث العالمي، وخصوصا فيما يتعلق بالمحافظة على البيئة الأصلية في الموقع، والبت في قرار استملاك الأراضي المحيطة بالموقع، وإعادة تخطيط المشروعات الإسكانية والاستثمارية بحيث لا تتعارض مع مشروعات تأهيل الموقع ليصبح مَعلما تاريخيا ومركزا ثقافيا تستفيد منه أجيال البحرين في الحاضر والمستقبل، ولا تحجب منظر القلعة، أو تتداخل مع ساحلها البحري الرائع. ولابد بالإضافة إلى ذلك، مراعاة متطلبات الرفق والتعاطف التراثي بين الموقع وما حوله ولاسيما القرى المجاورة له، لتصبح بمثابة العمق التراثي التاريخي البشري للمشروع.
الملاحظة الثانية: إن مشروع تأهيل موقع القلعة للزائرين والدارسين والسائحين يجب أن يتصف بالجدية وحسن الاختيار، وبعد النظر. ولتحقيق ذلك فمن الواجب استبعاد إغراءات النظرة التجارية الضيقة ذات المردود المادي. واستبدالها بنظر بعيد، يأخذ في الاعتبار القيمة المعنوية لمكانة البحرين وسمعتها في كيفية محافظتها على التراث الإنساني بشكل جيد. ويجب أن ينصب الحافز الأساسي على «التراث» نفسه، وليس مجرد تشجيع الحملات السياحية. إن مبدأ حفظ التراث له أصول ومتطلبات تختلف في طبيعتها وأسلوبها عن الغرض السياحي المحض... فالغرض السياحي يأتي كفرع للغرض الأصلي وليس العكس... وبهذا الصدد، فإننا نأمل أن يكون القول المنسوب إلى السيد الوكيل في وزارة الإعلام - وفحواه «إن المشروعات ستكون سياحية أكثر منها أثرية»... (كما ورد في صحيفة «الوسط» 617) - نأمل أن يكون ذلك مجرد تعبير غير مقصود، ولا يمثل سياسة معتمدة للوزارة هذا مع احترامنا الشخصي للسيد الوكيل، ومن دون المساس بصلاحياته في اتخاذ القرار المناسب.
ومن المعلوم، أنه توجد نظرتان مختلفتان إزاء المقصود بإحياء التراث: الأولى تستهدف استغلال التراث بما هو سياحة وتجارة، والثانية تؤسس لمفهوم التراث بما هو ثقافة ومعرفة وذخر للأجيال. وبينما تنصب الجهود بحسب المفهوم السياحي على إنشاء وسائل لجذب السائحين من تسلية وترفيه، ممزوجة ببعض البهارات الفنية الهزيلة... فإن المفهوم المعرفي للإحياء التراثي يقوم على تأسيس المعرفة، بما يتطلب ذلك من متحف متخصص، ومسرح، ومكتبة تاريخية، وصالات للندوات والدراسة والبحوث والأنشطة الثقافية، مع توفير وسائل البحث السمعية والبصرية والإنترنت، التي تتواصل على نحو مستمر، مع مثيلاتها في الخارج، وهي مرفوعة الرأس.
في حديث للوزير المغربي محمد بن عيسى، وهو الرائد لمشروع «موسم أصيلة الثقافي» أوردت صحيفة «الوسط» البحرينية في العدد 598 شيئا من ذكريات الوزير ذات مغزى في حديثنا هذا، عن الصراع بين المفهومين السياحي والتراثي، نقتطف منها للفائدة والعبرة، هذه الفقرات، إذ يقول على إثر إعلان مشروع «أصيلة» العام 1978: «... وفجأة دُعيت لاجتماع مع بعض الناس، لا أعرفهم يريدون تنظيم مهرجان أصيلة الدولي. أناس كانت لهم مقاصد خاصة ولهم موازنة هائلة... كانت غايتهم جلب أكبر عدد من السياح تحت شعار «أصيلة مدينة للبيع»... رفضنا الفكرة... قلنا لهم هدفنا ليس تجاريا ولا نسعى إلى جلب السياح، بل لابد أن نهيئ المدينة... ثم قلنا لابد من استئذان أهل المدينة، وهذا ما أثار حفيظة كثير من المسئولين، واعتبروا هذا كلاما خطيرا حين قلنا لا يمكن تجاهل السكان...». ثم يضيف: «أتذكر أنني ذهبت ومددت نفسي في باب المدينة القديمة وقلت: ليمرّوا على جسدي وأنا حيّ، ولكن لن يدخلوا المدينة القديمة...»، ثم يذكر كيف دعاه رئيس الوزراء، وأخبره أن الحكومة اختارت أصيلة لاستقطاب السياح... وأنه أجاب على ذلك قائلا: «لا يمكن إقحام المدينة في هذا المشروع، وأن أصيلة لها حرمها ومقابرها وشيوخها وبعض ناسها لم يغادروها مطلقا...»، ثم ينهي حديثه بمسيرة النجاح الذي حققه في تحويل المشروع السياحي، إلى «موسم أصيلة الثقافي» الذي يحمل في طياته الملامح الأصلية لتفعيلة دينية وصوفية مغربية على غرار «موسم الأولياء في المغرب».
وبمناسبة هذا القول من مذكرات الوزير المغربي، نتمنى لو أن وزارة الإعلام عندنا تتبنى ضمن سياستها في صيانة الآثار، شعارا مماثلا لشعار أصيلة يقول أيضا كما قال الوزير المغربي: «هذه القلعة ليست للبيع»... بما ينطوي عليه هذا العنوان من معنى مجازي، يستهدف إنقاذ «آثار البحرين» من براثن الإغراء السياحي التجاري... حتى تطمئن قلوب كل المنشغلين بشأن «قلعة البحرين».
الملاحظة الثالثة: والأمر الثالث الذي يتعلق بمشروع القلعة، هو المبادرة الملكية السامية بشأن تنظيم احتفالية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من هذا العام، وذلك بمناسبة مرور خمسين عاما على اكتشاف حضارة دلمون في البحرين، منذ بدء التنقيبات في آثار القلعة من قبل البعثة الدنماركية. وفي الأصل كان هنالك مشروع متكامل مقترح للاحتفالية باليوبيل الذهبي، يتضمن احتفالية رئيسية برعاية جلالة الملك المعظم، وحضور ملكة الدنمارك، ووفود عالمية، لافتتاح المتحف الأثري، والوثائقي، ومسرحية، وأمسية فنية، وندوة علمية على مدى ثلاثة أيام، وموعدا لعقد مؤتمر عالمي للآثار في البحرين، يتم فيه إعلان ضم آثار البحرين إلى التراث العالمي، تحت رعاية منظمة «اليونسكو» ترافق كل ذلك حملات توعية شعبية عامة... إلخ.
ولكن يسود الاعتقاد في الأوساط الأهلية المهتمة بهذا الحدث، أن الوزارة ربما تكون صرفت النظر عن المشروع المتكامل لليوبيل الذهبي، كما ورد في الأصل، والاستعاضة عن ذلك بمشروع متواضع قد لا يفي بالغرض المطلوب. وأشير هنا على سبيل المثال، إلى ما نشرته صحيفة «الوسط» (العددان 617/ 618) من تعليق اختصاصي الآثار في البحرين علي أكبر بوشهري، وفحواه «أن برنامج وزارة الإعلام (فيما يختص بقلعة البحرين)، ترفضه منظمة اليونسكو» وإلى رد وكيل الإعلام عليه. كما أود الإشارة أيضا إلى وجود مشاعر من الإحباط لدى عدد من الأفراد والمؤسسات الأهلية المعنية بالتراث لعدم إشراكها في مشروع الاحتفالية والاستماع إلى أفكارها.
ومهما تكن الظروف، فإننا نتمنى لوزارة الإعلام المسئولة عن الثقافة والتراث، التوفيق والنجاح لتحقيق هذا الحدث الحضاري، كما نتمنى منها أيضا ألا تكون بمعزل عن الشعب، وذلك بدعوتها للأفراد والمؤسسات الأهلية المعنية بالتاريخ، والثقافة والتراث والدراسات التاريخية، والمسرح والفنون ومن يعنيهم الأمر، إلى المشاركة الفعالة في هذه الاحتفالية، جنبا إلى جنب، لكي تصنع بأيدي الجميع، وتحمل على صفحتها الناصعة ختما شبيها بأختام «دلمون» مكتوب عليه: «صنع في البحرين»
إقرأ أيضا لـ "تقي محمد البحارنة"العدد 634 - الإثنين 31 مايو 2004م الموافق 11 ربيع الثاني 1425هـ