كم كان حلما كرويا جميلا، لقاء النادي الكاتالوني برشلونة والنادي الملكي ريال مديد، فقد تمكن من شد أنظار العالم إليه، ومتابعته لحظة بلحظة دون أن تفوته لقطة قد تكون عابرة من كرة ميتة.
والأجمل من ذلك هو أننا أصبحنا نشاهد أولادنا الصغار والكبار يعرفون أدق التفاصيل عن نجوم الفريقين ونجوم الفرق الإنجليزية والإيطالية والألمانية، ما يفوق معرفتهم عن نجوم كرة القدم البحرينية. أو المسئولين الكبار في الدولة، وهو أمر طبيعي جدا ولا غرابة فيه، ويذكرني بالاستبيان الذي طرح على طلاب المدارس الثانوية الأميركية، إذ كان الكثير منهم يجهل اسم الرئيس الأميركي ولا يعرف موقع شبه القارة الهندية، فهل هي تقع في قارة آسيا أم أوروبا، في حين أجمع الطلاب على معرفة أسطورة كرة السلة جوردان وكان الاسم الحاضر في كل الأوراق.
وبالعودة إلى المباراة وما سبقها من استعداد جماهيري كبير فاق الوصف سواء كان الجلوس مع الأهل أو في «الفرجان» أو على أرصفة المقاهي كمجموعات، جعلني أشعر بالسعادة لكون الرياضة أصبحت معشوقة الجميع، تشغل تفكيرهم وأوقاتهم بدلا من التسكع في الطرقات أو قضاء وقت الفراغ في شيء مقيت، وقد وصف لي أحد الآباء حال عائلته قبل المباراة فقال «خيم على البيت سكون غريب فترة ما بعد الظهر شبيهة بترقب صفارة الإنذار التي تعلن عن قدوم شيء مهم وخطير. فكل واحد من الأولاد والبنات قبع في غرفته وتمدد على سريره متمنيا النوم ولو لساعة حتى لا يباغته النوم لحظة انطلاقة المباراة.
ومن منظوري الشخصي أقول بأنه لا يوجد أحد من الرياضيين لا يشجع فريقا بعينه، لأن العاطفة من دون أن تشعر تجعلك تتعاطف مع فريق ما، يرتدي اللون الذي ترتاح له، ويضمن لك تحقيق إنجاز تتفاخر به. يدخل على القلوب الفرحة بين فترة وأخرى. وهو أحد أهم أهداف ممارسة الرياضة، لأنها أداة تنفيس عما يجيش في داخلنا من مشاعر، نحن بحاجة ماسة للتنفيس عنه، مثل الانفعال غير الإرادي والحماس والتشجيع العفوي، والقفز في الهواء والفرحة غير الطبيعية، ونقيض ذلك الشعور بالحزن لخسارة فريقك والإحساس بالاكتئاب ولو للحظات تشعر فيها بطعم المرارة في فمك.
وعلى رغم ذلك التحليل النفسي الطبيعي للفوز والخسارة وحب فريق على آخر أجد نفسي أمقت التعصب الأعمى الذي يزج بالناس إلى مناوشات لا طائل منها وتسبب في كثير من المشكلات التي تضر بالروح الرياضية التي نطالب أن نتحلى بها والتي خلقت من اجلها الرياضة.
لذلك أقول، لماذا لا نحب ميسي مثل ما نحب رونالدو؟ ولماذا يعمينا في كثير من الأحيان عشقنا للبرازيل أو الأرجنتين حقيقة قوة ومكانة المنتخب الإسباني القادم بقوة لكأس العالم المقبلة؟ ولماذا لا نحاول أن تتسع عدسة عيوننا لكل ألوان الفرق الأخرى لأن فيها نجوما تستحق أن نشاهدها ونتابع مستواها المتطور.
لكن السؤال الأخير أطرحه... هل الشعور الذي خالجني في تلك الفترة وجعلني أعبر عنه في هذا المقال هو أمر طبيعي أم هو نوع من أنواع التعصب للرياضة بعد أن أصبحت «لقمة عيش!»؟ عموما... كان الكلاسيكو الإسباني ناجحا وممتعا بكل المقاييس واستطاع أن يشد أنظار العالم إليه وهو نتيجة نجاح أندية إسبانيا في استقطاب أفضل نجوم كرة القدم. لذلك أقول في الأخير «مبروك للكاتالونيين، وهاردلك للمدريديين .
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 2776 - الإثنين 12 أبريل 2010م الموافق 27 ربيع الثاني 1431هـ
على راسي يا استاذ
فعلاا .. الرياضة الآن وبمنظومتها واهدافهاا ليس لأننا نتابع اناس يجرون وراء كرة .. هذه ثقافات هنالك سياسة تقتحم شيء يوحد العالم
مبروووك لنا يا كتلونيين