عقّب قانونيون على إصدار هيئة تنظيم الاتصالات أمس الأول (الأربعاء) وثيقة استشارة عامة بشأن مسودة اللائحة التنظيمية عن توفير الإمكانات التقنية لدعم متطلبات الأمن الوطني: «إن تلك الوثيقة مخالفة لنص المادة (26) من الدستور، التي تكفل حرية وسرية المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية».
وأكد حقوقيون لـ «الوسط» عدم جواز المساس بالحقوق التي قررها الدستور في المادة سالفة الذكر بقرار تصدره الإدارة أو السلطة التنفيذية، موضحين «انه يجب أن يصدر بذلك قانون من السلطة التشريعية».
الوسط – عادل الشيخ
عقّب قانونيون وحقوقيون على إصدار هيئة تنظيم الاتصالات يوم أمس الأول (الأربعاء) على صدور وثيقة استشارة عامة بشأن مسودة اللائحة التنظيمية حول توفير الإمكانيات التقنية لدعم متطلبات الأمن الوطني، وقال محامون: «إن تلك الوثيقة مخالفة لنص المادة (26) من الدستور، التي تكفل حرية وسرية المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية».
وأكد متحدثون لـ «الوسط» عدم جواز المساس بالحقوق التي قررها الدستور في المادة سالفة الذكر بقرار تصدره الإدارة أو السلطة التنفيذية، أيا كانت درجة ذلك القرار ولو كان مرسوما، لمنافاته مع صريح نص الدستور ويكون ذلك من باب اغتصاب السلطة، وليست له أية قيمة قانونية، بل يكون من قبيل الأعمال المادية منعدمة المشروعية.
وأوضحوا «بأعمال ما تقدم من قواعد على الوثيقة التي أصدرتها هيئة الاتصالات نجدها تنافي وبشكل صارخ مقتضى النص الدستوري المذكور وتكون من قبيل الأعمال المادية الفاقدة لمشروعيتها».
إلى ذلك، قال رئيس جمعية الشفافية البحرينية عبدالنبي العكري: «إن مراقبة أي خط هاتفي يجب أن يكون بقرار من القضاء، وهذا طبعا معروف في جميع البلدان».
وأشار إلى «المادة (26) من الدستور، التي تنص على حرية وسرية المراسلات والاتصالات، إذ تفيد المادة بأن (حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبينها القانون ووفقا للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه)».
وذكر العكري «ان قانون الإجراءات والعقوبات الجنائية يبين إمكانية وجود مراقبة للمراسلات، ولكن بأمر من القاضي، وأعتقد أن ذلك يطال النيابة العامة باعتبارها إحدى شعب القضاء، ولها الحق في إعطاء الإذن عند وجود تحقيقٍ في قضيةٍ ما».
وتابع «هذه هي الحالات التي من الممكن المراقبة فيها، والتي نظمها الدستور والقانون، أما وضع اتصالات جميع المشتركين في شبكة الهاتف تحت المراقبة أو اختيار مجموعة ومراقبتهم من دون غطاء قانوني فهو مخالفٌ للدستور».
المحامي عبدالله الشملاوي، أكد ما أفصح به العكري، وشرح وجهته القانونية بالقول: «نحن أمام نص دستوري يتكلم عن ضمانة وصيانة وحرية وسرية المراسلات بجميع أنواعها بما فيها المراسلات الإلكترونية، وقد جاءت تلك الحرية بشكلٍ يكاد يكون مطلقا، وكذلك الأمر بالنسبة لضمان سريتها، إذ لم يسمح النص الدستوري بالمساس بها، إلا وفقا لضرورات يبينها القانون».
وأوضح الشملاوي «هذه العبارة تشير إلى أمرين، الأمر الأول أن الضرورة هي كل ما يخالف المجرى العادي للأمور أي ما كان استثنائيا، ومعلومٌ عند علماء المنطق أن الاستثناء لا يُتوسع في تفسيره ولا يُقاس عليه، والأمر الثاني أن مناط ذلك الجواز الاستثنائي الذي يحد من حرية وسرية الاتصالات ينبغي - فوق كونه استثنائيا وحالة خاصة - أن يصدر به قانون، والقانون بحسب مفهوم المادة (70) من الدستور، هو تلك الأداة التشريعية التي تصدر من مجلس النواب أو مجلسي النواب والشورى، بحسب الأوضاع ويُصدق عليه الملك».
وقال: «ويتفرع على هذا المبدأ عدم جواز المساس بالحقوق التي قررها الدستور في مادته (26) المذكورة بقرار تصدره الإدارة أو السلطة التنفيذية، أيا كانت درجة تلك القرار ولو كان مرسوما، لمنافاته مع صريح نص الدستور ويكون من باب اغتصاب السلطة، وليست له أية قيمة قانونية، بل يكون من قبيل الأعمال المادية منعدمة المشروعية».
وانتهى الشملاوي «بإعمال ما تقدم من قواعد على الوثيقة التي أصدرتها هيئة الاتصالات نجدها تنافي وبشكل صارخ مقتضى النص الدستوري المذكور وتكون من ثمة من قبيل الأعمال المادية الفاقدة لمشروعيتها».
من جانبه، علّق المحامي فاضل المديفع بالقول: «طبقا للمادة (26) من الدستور البحريني المعدل، فإن حرية المراسلة البريدية والإلكترونية مصونة وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبينها القانون، ووفقا للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه، وعليه فإن حرية المراسلات ومنها الاتصالات السلكية واللاسلكية والإلكترونية بطبيعة الحال باعتبارها وسيلة من وسائل هذه المراسلات حرية شخصية مكفولة لكل فرد، وهي من الحريات العامة والأساسية والشخصية المكفولة للمواطن دستوريّا».
وأضاف «ويتفرع عن ذلك مبدأ صيانة سرية هذه الاتصالات ومن دون ضمان هذه السرية فإنه يصبح مبدأ حرية وسرية الاتصالات والمراسلات مفرغاُ من مضمونه ومحتواه، إذ إن التنصت ومراقبة الاتصالات والنفاذ إلى الشبكات من أية جهة كانت وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا إنما تحد بشكل جسيم من حرية الإنسان في إجراء مراسلاته واتصالاته».
وذكر المديفع «وإذا أضفنا إلى ذلك المبدأ القانوني العام الذي ينص على أنه لا يجوز لأحد أطراف العقد أن يفشي بأحد أسرار هذا العقد لطرف ثالث من دون إذن الطرف الآخر في التعاقد، كما أن المبدأ القانوني العام الذي يجرم ويعاقب كل شخص يفشي أسرارا متعلقة بشخص آخر تناهت إليه بموجب وظيفته، فلا يجوز لأية شركة اتصالات أن تفشي هذه الأسرار للغير أو لأي جهة إلا بإذن قضائي وفي حالة قيام دلائل جدية أمام القاضي على احتمال ارتباط تلك الاتصالات بارتكاب جرم معين، وبناء عليه وتطبيقا للنص الدستوري الواجب الاحترام والتطبيق والذي لا يجوز لأي جهة من الجهات أن تعمل بخلافه، فلا يجوز لشركات الاتصالات إفشاء أي بيانات أو معلومات خاصة بزبائنها أو السماح لأي طرف أو جهة بالنفاذ إلى شبكاتها العاملة للحصول على تلك المعلومات إلا بناء على إذن مسبق من القضاء صادر طبقا للقانون، إذ تنص المادة (93) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للنيابة العامة أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والصحف والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات، وأن تراقب المحادثات والمراسلات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كانت لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس».
وأردف «لو كانت الجناية أو الجنحة عقوبتها الغرامة فلا يجوز فيها المراقبة، ويشترط لاتخاذ أي من الإجراءات السابقة الحصول مقدما على إذن بذلك من قاضي المحكمة الصغرى، ويصدر القاضي هذا الإذن بعد اطلاعه على الأوراق، وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو المراقبة أو التسجيل بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على 30 يوما قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة».
واستدرك المديفع شارحا «فإذا ما خالفت أية شركة من شركات الاتصالات ما تقدم من قواعد فإنها تكون تحت طائلة العقاب طبقا للقانون ويحق للزبون في هذه الحالة مطالبة الشركة التي أفشت أسرار مكالماته بالتعويض المادي والأدبي المقرر قانونا عن الإخلال بما يفرضه العقد والقانون على شركات الاتصالات من عدم إفشاء أسرار الزبون أو الزبائن إلا في الحالات المبينة سلفا، فإذا ما شرع أي لائحة أو قانون أو تشريع بخلاف ما نص عليه الدستور في المادة (26) وأفرغ النص الدستوري من محتواه فإنه يكون محلا للطعن عليه بعدم الدستورية لمخالفته للمادة (26) وكذلك للمادة (31) من الدستور التي تنص على أنه لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
وقال: «فحد أي تشريع هو النص الدستوري فلا يجوز أن يكون أي قانون مفرغا لجوهر النص الدستوري أو متعديا على الحقوق أو الحريات العامة والشخصية والأساسية المنصوص عليها فيه، والتي كفلتها كذلك شرعة حقوق الإنسان، والعهود الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين والتي تعتبر جزءا من قوانينها الواجبة الاحترام والتطبيق».
<>هيئة الاتصالات: توفير التقنية لضمان النفاذ bالقانوني للجهات الأمنية
أصدرت هيئة تنظيم الاتصالات يوم أمس الأول (الأربعاء) وثيقة استشارة عامة بشأن مسودة اللائحة التنظيمية حول توفير الإمكانيات التقنية لدعم متطلبات الأمن الوطني.
وقالت الهيئة في خبرٍ لها بشأن ذلك: وفقا لنص المادة (78) من قانون الاتصالات، يلتزم المشغلون المرخص لهم بتوفير جميع الإمكانيات التقنية اللازمة لضمان توفير النفاذ القانوني للجهات الأمنية المختصة من خلال شبكات الاتصالات التابعة لهم. وفي اللائحة التنظيمية المقترحة، تهدف الهيئة، من بين أمور أخرى، إلى تنظيم الوسائل التي يمكن من خلالها تسهيل العمل وتفعيل جميع العمليات المنصوص عليها في المادة (78) من القانون.
وقال مدير إدارة الشئون التقنية والعمليات بالهيئة محمد محمود: «في إطار التعاون بين الهيئة والجهات الوطنية الأخرى، فإن الهيئة تتعامل مع المسائل المتعلقة بالنفاذ القانوني للجهات الأمنية إلى المعلومات وحفظ البيانات والمسائل الأمنية الأخرى ذات العلاقة في اللائحة نفسها، ونحن على ثقة بأنه ستتم دراسة هذه المسائل بشكل كافٍ من قبل جميع المشغلين المرخص لهم».
وقال مدير عمليات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالهيئة أحمد جابر الدوسري: «إن مسودة اللائحة التنظيمية المنشورة تتطلب إحداث تغييرات كبيرة على الشبكة الرئيسية للمشغل المرخص له، وبالتالي فإننا نحث جميع المشغلين على النظر في مسودة الوثيقة وتقديم ملاحظاتهم بحلول الموعد النهائي المحدد». وأضاف: «إننا نخطط لتنظيم ورشة عمل خلال الأسابيع القليلة المقبلة لمساعدة المشغلين المرخص لهم على فهم هذه اللائحة المقترحة والتجاوب معها»
العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ