العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ

وقفة وفاء لـ «أبو أمل» في الذكرى الثالثة لاستراحة المحارب (1 - 2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عندما دقت أمل النعيمي جرس تنبيه بتذكيرنا بيوم 4 أبريل/ نيسان في الذكرى الثالثة لاستراحة المحارب أبي أمل، وجدتني وبشكل عفوي اقترح على رفاق أبي أمل في «وعد» الاحتفاء بأبي أمل في هذه الذكرى. لذا فالترتيبات لإقامة هذا الاحتفاء قاصرة بالتأكيد، ولكن يعز علينا أن تمر هذه الذكرى دون توجية تحية للمناضل الكبير «سعيد سيف» القائد الوطني عبدالرحمن النعيمي.

من الصعب عليَّ الحديث عن رفيق النضال لأكثر من أربعة عقود في مختلف المواقع والساحات. ومهما قلت فلن أوفي المناضل أبا أمل حقه.

كما لا يفوتني أن أحيي المناضلة أمّ أمل، فلقد كانت السند القوي لأبي أمل ولقد عانت ما عانت وتحملت ما تحملت، والمهم هو أن أبا أمل سواء أكان في مهمة خطرة بعيدا عن العائلة أو مغيبا في السجن، فقد كان يعتمد على أم أمل، ليس فقط في السهر على العائلة، بل والتعامل مع ما هو مطلوب بالتعامل مع رفاق أبي أمل وأصدقائه وأعدائه أيضا بحكمة ورباطة جأش وصبر وأناة.

كما لا يفوتني أن أوجه تحية لعائلة أبي امل الصغيرة وعائلة النعيمي الأوسع وكثير من المناضلين والأصدقاء الذين شاركوا أبا أمل مسيرة نضال مسيرة الحياة المتدفقة بحلوها ومرها، حيث يتم صنع التاريخ وتغيير الواقع سعيا وراء الحلم الجميل لأبي أمل، عالم تحرير الأرض وحرية الإنسان على امتداد العالم على مدى أفق النعيمي الجميل الواسع.

مرت ثلاث سنوات على استراحة المحارب القسرية.

ثلاث سنوات لم تغيب أبا أمل عن الحضور لا في صفوف رفاقه ولا أصدقائه، لا في البحرين وحدها، بل في فلسطين، في الخليج العربي، في الوطن العربي، وعلى امتداد كل رقعه وصلها صوته، ولدى كل الناس الذين عرفوه أو سمعوه أو قرأوا له، إنه يزداد حضورا وتوهجا.

عندما فاجأه المرض في المغرب، تقاطر محبوه من المغاربة ومن البحرين، ومن قطر على المغرب. وعندما نقل إلى مستشفى الملك فيصل في الرياض، وأضحت الرياض قبلة لمحبيه من مختلف البلدان ويحضرني هنا قول الشاعر:

وما حب الديار شغفني قلبي

ولكن حب من سكن الديار

وعندما عاد أبو أمل إلى الوطن، أضحى بيته مزارا يوميا ليس فقط للبحرينيين، بل للعديدين ممن يزورون البحرين من أصدقائه وبعضهم يأتي إلى البحرين لزيارته فقط.

وأم أمل في هذه الرحلة المضنية على امتداد السنوات الثلاث صابرة محتسبة، لا تشكو، هي الحارسة الساهرة على شريك العمر وحبيب الروح أبي أمل. هذا هو دأبها منذ اقترنا في مسيرة الحياة المتدفقة.

أم أمل هي بلسم الروح لكل هؤلاء الجزعين من رفاق وأصدقاء أبي أمل ممن يزورونه أو يستفسرون عنه بالهاتف أو بوسائل أخرى، هي من يُهوِّن عليهم ويمنحهم الثقة، هي من يمدهم بالأمل في أن أبا أمل سينهض من إغفاءته القسرية.

عائلة أبي أمل المتماسكة والمتحابّة، تجسيد لكل ما هو جميل في العلاقات الأسرية، منها استمد أبو أمل التصميم والإسناد له في نضاله الشاق والخطر، مساندة عائلة النعيمي في هذه المحنة التي نتمنى جميعا أن تزول هي استمرار لإيمانها بأن ما يقوم به أبو أمل مشرف للعائلة ومشرف لشعبه ووطنه يستحق التضحية والتفاني.

نعم لم يزد أبا أمل غيابُه القسري إلا حضورا وتوهجا. وهنا يجب التأكيد أن حضور أبي أمل يقوي مع الزمن من خلال ما جسده في مسيرته النضالية، من خلال عطائه النضالي والفكري في مختلف المواقف.

نستحضر موقف أبي أمل، في مختلف القضايا نستحضر رأي أبي أمل هو موجود بيننا بمواقفه وسلوكه وفكره وآرائه.

هنا أود التنويه إلى خطأ الذين يرددون لو كان أبو أمل موجودا ما حدث كذا ولحدث كذا باعتباره صمام أمان عن الانحراف والتخاذل ولضمان المبدئية والشجاعة، لكن أبا أمل وهو في قمة عطائه كأمين عام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي، قرر ألا يرشح نفسه لدورة ثالثة كأمين عام لـ «وعد» فيما هو محل إجماع مناضلي «وعد»، ورغم إلحاحهم عليه، فقد أراد أن يجسد بالفعل ما يؤمن به من تداول للسلطة، وإيمان بالتجديد وهكذا سلم الأمانة للمناضل إبراهيم شريف، الأمين العام لـ «وعد» وترشح لرئاسة اللجنة المركزية. لم يستنكف أن يقوم بهذه المهمة البعيدة عن الأضواء والكثيرة المتاعب.

نعم نفتقد أبا أمل في «وعد» وفي التيار الديمقراطي وفي تحالف المعارضة وفي ساحات النضال لشعب البحرين بأسره، ولقد ذكر ذلك الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، عندما رفض أبو أمل التجديد له كأمين عام لـ «وعد» وبالتالي ممثلها في المعارضة الوطنية بقوله «سوف نفتقد أبا أمل كثيرا، سوف نفتقد المناضل صعب المرأس الذي لا يتردد أن يواجهنا بأخطائنا».

هذا الإحساس بالخسارة ردده عدد من المناضلين العرب من مختلف البلدان العربية من المحيط إلى الخليج، من الكويت حتى المغرب، والذين لبّوا على عجل دعوة «وعد» 31 مارس/ آذار 2007 للاحتفاء بالمناضل أبي أمل أثناء مشاركتهم في أعمال المؤتمر القومي العربي الذي انعقد في مملكة البحرين.

هذا الشعور بفداحة غياب النعيمي يقابله شعور بحضوره الطاغي يتردد في المحافل الوطنية والخليجية والعربية والدولية.

ليس أصدقاؤه ومحبوه هم من يفتقدونه، حتى خصومه ومن ألحقوا به الأذى يفتقدونه، فهو خصم شريف وشجاع يستوجب احترام هؤلاء الخصوم. كُثرٌ منهم يخجل من إساءته لأبي أمل، ولذلك يخجل من زيارة بيت أبي أمل، لكن عددا منهم يسر إليك: «بلّغْ تحياتي للعائلة وأتمنى له الشفاء».

كيف يكون الوفاء لأبي أمل وكيف يمكننا أن نجزيه بعض حقوقه؟

السبل متعددة والاجتهادات كثيرة، ولكل مجتهد نصيب...

لكنني هنا سأذكر واحدا منها فقط:

لقد تشرفت بتكليف من المكتب السياسي لجمعية «وعد» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008م باختيار من أراه لتشكيل فريق عمل «لجمع تراث أبي أمل»، وفي أول اجتماع للفريق قررنا أن نعتبر أنفسنا لجنة جمع تراث أبي أمل وتشكلت اللجنة من السادة: عبدالحميد مراد، موسى الموسوي، شرف الموسوي، رضي الموسوي، هاني الشيخ وعبدالنبي العكري، وانضمّت إليها لاحقا السيدة أمل النعيمي، ولقد شرفني أعضاء اللجنة برئاستها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:37 م

      إخوتي وأحبتي السنّة

      تأملوا هذا المقال النابع من القلب لأستاذنا الفاضل عبد النبي العكري، واقرأوا كل كلمة صادقةٍ من مناضلٍ من شيعة آل البيت (ع)، كتبها بحق رفيق دربه المناضل السنّي عبدالرحمن النعيمي شافاه الله، تأملوا الوحدة والإخاء الذي كان ولازال يجمع بين هذه الكوكبة المنيرة من أبناء البحرين الشرفاء الذين جمعهم حب البحرين وطناً يجب عليهم الذود عنه، وحب ابنائه إخوةً لهم في الدين والوطن ولهم عليهم حق الدفاع عن حقوقهم.بالله عليكم: أين نحن اليوم من هؤلاء؟ فلنحاسب أنفسنا أحبتي، ولننبذ الطائفية البغيضة من أجل البحرين

اقرأ ايضاً