العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

العزف على وتر الطائفية المقيت

منذ سقوط طاغية العراق المدحور، ونحن نسمع ونشاهد عبر الفضائيات وأجهزة الإعلام المختلفة، ارتفاع وتيرة العزف على وتر الطائفية المقيت، ويركز البعض على ترويج الطائفية المقيتة، وهم يتعمدون ترديد العبارات والكلمات التي تعمق الخلافات وتوسع الهوة بين فئات المسلمين، وعادة ما يكثرون من زج كل ما من شأنه أن يبقي جذوة نار الفتنة والخلاف متقدة ومشتعلة.

وأصبحت كلمتا (سنة وشيعة) تترددان على ألسنتهم ليل نهار، واخترع البعض عبارات وكلمات تصب في نفس المصب والاتجاه، فمنهم من اخترع كلمات لها رنين خاص ونبرات وعبارات براقة، تصدر من علية القوم أحيانا، كالهلال الشيعي والمثلث السني، وولاء الشيعة لدولة ما، وتلوكها الأبواق الدعائية لأجهزة الإعلام، وتروّجها عبر تلك الوسائل، التي بات يسيطر عليها حفنة من المهوسين والمسكونين بالهاجس الطائفي البغيض.

فما هو هدف هؤلاء المروجين للفتن وبث الروح الطائفية من تلك الدعاية المغرضة؟

وعلى رغم أن هناك الكثير من الأحاديث والأقاويل المأثورة التي تدعو وتحض وتشجع على المحافظة على وحدة واخوة المسلمين، فضلا عما جاء في كتاب الله العزيز من سور وآيات كريمة تؤكد وتشدد على هذه الأخوة الإسلامية، وتحث المسلمين على جمع وتوحيد كلمتهم ورص صفوفهم لأنهم يمثلون كيانا واحدا وجسدا واحدا، وهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، كما جاء في الحديث الشريف «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

والغريب في الأمر هو ما نشاهده اليوم من خروج بعض الجماعات على تعاليم الخالق سبحانه وتعالى وتنكرهم لنداء ودعوة الحق، التي أطلقها رسوله الأكرم (ص)، وتحاول تلك الجماعات المارقة، بكل ما أوتيت من قوة أن تشيع الفرقة والشقاق والخلاف بين أبناء هذه الأمة الواحدة، وتصدر فتاواها المنكرة، والتي عادة ما تتبناها جماعات منحرفة ضالة ومضلة، وتدعي كذبا وزورا بانتمائها لهذا الدين الحنيف، دين المحبة والتسامح والسلام، وتكفر البعض من طوائف المسلمين، وتبيح دماءهم وتحل أموالهم وتستبيح أعراضهم، وتحرض وتغرر بالجهلة والأميين من عامة الناس عليهم، لقتلهم وذبحهم والتنكيل بهم، لغاية في نفس يعقوب لا يعلمها إلاّ الله جل جلاله.

ولقد وصل الأمر بهؤلاء الجهلة إلى تحقيق أهدافهم العدوانية، وإلى ما خططوا وسعوا إليه؛ وذلك نتيجة لتفكك المسلمين وعدم توحيد كلمتهم، والأدهى من ذلك أن هناك من يتستر عليهم ويساندهم ويؤويهم ويمدهم بالمال والسلاح، لمواصلة بطشهم وعدوانهم، وتشجيعهم على التمادي في إراقة دماء المسلمين، وبث الرعب والخوف والفزع في صفوفهم، وإشاعة مظاهر العداء والكراهية بين أبناء الدين الواحد.

وفي ظل الأوضاع المتردية في العالم اليوم، نتيجة لغفلة المسلمين عن أمور دينهم وانشغالهم بأمور دنياهم، ظهرت بين صفوفهم جماعات تمارس القتل والذبح باستخدام الأساليب الإجرامية والوحشية والهمجية، وتفجير الناس باستخدام السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والقاذفات المدمرة، بهدف وقوع أكبر الخسائر في معدات وممتلكات وأرواح المسلمين الأبرياء.

أليس هذا الأمر الخارج على كل التعاليم الإسلامية، والإنسانية والأخلاقية يبعث على الخيبة والحسرة والألم والكسيرة، ويدل على ما وصلت إليه أمور المسلمين المؤسفة، من تمزق وتفكك وتشتت وانهيار وسقوط أصاب هذه الأمة وأذلها؟

وأصبح الجهلة والقتلة والمجرمون هم الذين يفتون وينظرون ويعبثون بمقدراتها ومصيرها، ويجرونها إلى مستقبل مجهول ونفق مظلم، سوف يؤدي بها في نهاية المطاف إلى السقوط في الهاوية، وهي تنظر لما يجري من حولها دون أن تحرك ساكنا.

وتلك الوحوش الكاسرة تتحكم بمصيرها وتقودها إلى الهلاك، وتفعل ما يحلو لها في وضح النهار دون أن تشحذ الهمم وتشد العزائم وتبعث الأمل في النفوس لمحاربة الخطر الداهم والشرر المستطير الذي يفتك بهذه الأمة ويهددها بالانهيار والسقوط.

وصدق رسولنا الأعظم حين صوّر ما سيؤول إليه حال هذه الأمة، وهي في غفلتها وتفرقها وتشتتها، حيث أصبحت الدول الكبرى تتكالب عليها، وتتحكم في مصيرها وتفرض عليها شروطها المذلة والمخزية، وهي تنصاع بإذلال وعبودية، مغلوبة على أمرها مطأطئة الرأس، وتقبل بكل الشروط والقيود، التي يفرضها عليها الطاغية والمستبد في تلك الدول الكبرى، والذي ينهب خيراتها وثرواتها، ويسلب حريتها وعزتها وكرامتها، في قوله (ص): «يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أوَ مِنْ قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».

أما حان لهذه الأمة أن تنهض من كبوتها وتستيقظ من سباتها العميق، وتتحدى كل الأخطار المحدقة بها؟ والتي تسعى للنيل من عزتها وكرامتها، ومحاربة كل من يحاول أن يتعرض لكيانها لتمزيقها وتفريق كلمتها، وتشتيت شملها وتفكيك جمعها ووحدتها، ومواجهة الخطر الداهم الذي يهددها، ووضع نهاية لكل من تسوّل له نفسه بث الفرقة والتفرقة، وإشاعة الفتن الطائفية، بهدف إثارة النعرات، وإشعال الحروب الطائفية، التي ستقضي على هذه الأمة وتزلزل كيانها.

وعلى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يوحدوا كلمتهم، وأن يرصوا صفوفهم، ويلموا شملهم، وأن يتوحدوا ويتحدوا، حتى يفشلوا مخططات الجهلة والأعداء على حد سواء.

محمد خليل الحوري


الكلمات الأخيرة

 

كان علي ذلك الشاب المغرور بنفسه والذي اعتاد دوما على قول كلمة أفٍّ لأمه المسكينة والتي نهى الله عن قولها للأم التي تعبت وربت وهذا هو الحال دوما وفي أحد الأيام كانت الأم مشغولة بطهو طعام الغذاء حينما تسلل علي إلى الخارج بهدوء ولكن الأم لاحظت ذلك فاتجهت إليه وقالت: ألا تشبع من هذا السم (وتقصد المخدرات) علي وهو يدخن السيجارة: لقد حذرتك لا تتدخلي في شئوني الخاصة أنت لستي أبي وخرج مسرعا وغاضبا، شعرت الأم وكأن سكينا انغرزت في قلبها وكما قال الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند

وكما يقال دوام الحال من المحال فبعد أيام عاد علي إلى المنزل مرهقا متعبا نحيلا وفقد الشهية للطعام وبعد أيام أصبح علي على فراش الموت بسبب جرعة زائدة تناولها مع أصدقائه على سبيل المتعة والتجربة تنبأ الأطباء بموته في أيام معدودة وهذا وعند الموت كانت سكرة الموت شديدة مرعبة وجاءت ملائكة العذاب، فشعر بالخوف والندم ونطق كلمته الأخيرة: أنا آسف سامحيني يا أمي وقبل أن تنطق الأم مات علي على سريره الأبيض وحضنت الأم جثة ابنها المتوفى وهي تبكي وتقول: لقد سامحتك يا بني سأظل أحبك يا عزيزي أرجو أن يسامحك الله فهو غفور رحيم مهما فعل عباده من ذنوب.

خديجة سلمان حسن


نقترح حظر صيد «القباقب» أسوة بالروبيان

 

لقد أثبتت تجربة حظر صيد الروبيان نجاحها عندما التزم معظم البحارة بالامتناع عن الصيد لفترة تم تحديدها من قبل الجهة المختصة، لذلك فإننا نأمل تطبيق هذا الحظر أيضا على صيد «القباقب» التي أخذت في الانقراض التدريجي بسبب طرق الصيد الجائر والمحرم دوليا.

وان من المشاهد التي أصبحت تؤرق البحارة والمواطنين هذه الأيام والتي قد أشرنا إليها في مقالات سابقة، العمالة الأجنبية التي مازالت تعبث بصيد «القباقب» ذي الحجم الصغير غير المسموح به قانونا ولا عرفا في سواحلنا وبكميات هائلة تعد بالأطنان وبشكل يومي، ويمكنك مشاهدة طوابير من سيارات (البك آب) وهي تحمل الشحنات الكبيرة والمخيفة من هذه الثروات البحرية وبمختلف الأحجام المسموح به وغير المسموح به، لا يبالون بقانون الحظر المحلي الخاص بالحجم والقياس ولا بطريقة الصيد، ويتم تصديرها إلى خارج البحرين بصورة غير صحيحة، وهو ما يهدد هذه الثروة بالانقراض وخصوصا هذا النوع من القشريات، ناهيك عن أسلوب الصيد الجائر بشكل يدعو إلى القلق، الأمر الذي قد يترتب عليه النقص الحاد من هذا النوع الذي يستخدم في كثير من الأحيان طعما للأسماك أو ما يسمى محليا (الييم) الذي يوضع في (القراقير) لصيد الأسماك، هذا ما جاء على لسان غالبية البحارة في محافظة المحرق الذين يشكون من سلوكيات العمالة الآسيوية الجائرة في حق بيئتنا البحرية.

وفي ضوء ذلك فإننا نلتمس من الجهة المختصة تطبيق نظام الحظر على «القباقب» لعدة شهور أسوة بالروبيان فهي الطريقة الوحيدة التي ستحفظ المخزون من القباقب وغيرها من القشريات من عملية الانقراض المتوقعة.

محمد علي محمد علي


التحرر من قيم المجتمع الإسلامي

 

التحرر مصطلح يشير إلى النظرة الحديثة للمجتمع التي قد يُنظَر إليها على أنها تهديد للقيم الاجتماعية خصوصا قيم التماسك الاجتماعي وفئاته، وهذا المصطلح بات يتعايش معنا في المجتمعات وفي كل الأوقات، وليس فقط على صعيدٍ واحدٍ فقط، بل على أكثر الأصعدة تقريبا، ومهم أن نقوم بالبحث عنه على صعيدين مهمين في حياتنا، وهما أولا:صعيد المجتمع وسلوك الفرد فيه، وثانيا:صعيد العمل بالنسبة للمرأة.

على صعيد المجتمع:نجد أن التحرر الذي تقصده المرأة، ليس التطلّع إلى الأفضل ـ أو إلى التحرر الإيجابي ـ، كالتطلع إلى تعميق القيَم الإنسانية والتطلع إلى نيل العلوم المعرفية والعلوم بشتى أنواعها المختلفة التي تعود عليها بالنفع، بل يتوسع المجال إلى التحرر السلوكي، فكم نشاهد سلوك غير طبيعي يصدر في المجتمع، على سبيل المثال، نأخذ الخروج من المنزل دون علم الأهل كأبسط الأمثلة، وغيرها من السلوك التي لا ينبغي أن تصدر منّا خصوصا كمجتمع إسلامي متديّن، فهذه السلوك والاتجاهات تؤدي إلى انحراف المجتمع كليا بعد فترة من الزمن.

على صعيد عمل المرأة: ننتقل إلى الجانب الآخر وهو تحرر المرأة على صعيد العمل، في طبيعة الحال أصبح هناك تنافس بين المرأة والرجل في جميع الأعمال، فلا ننظر لهذا الأمر على ما هو موجود لدينا في المجتمع فقط، بل نأخذ العالم بأجمعه كمثال، الآن المرأة ـ عالميا ـ تتنافس مع الرجل في مجال الأعمال في جميع الوظائف، فهناك من أصبحت وزيرة، وهناك من أصبحت أفضل قائد لطائرة ضخمة تسبح في الفضاء، وهناك أفضل مهندسة في حدود المنطقة الجغرافية المعينة، وهناك وهناك... فأصبحت المرأة على صعيد العمل، تريد الوصول إلى أعلى ما يمكن وما يكون.صحيح أنّ هذا شيء رائع ، ولكن لا ينبغي على المرأة أن تهمل الجانب الأسري وتتجه إلى الجانب العملي، فالمرأة خُلقت طبيعتها أن تكون أمّا وأن يكون لها مكان تسكن فيه تعتبره مملكتها، فكم من النساء وصلوا إلى مستويات رفيعة في مجال الأعمال ـ وبغض النظر عن نوع العمل ـ وأصبحت أفضل فرد يشغل الوظيفة الفلانية، وبعدها يتولد عندها تضارب في القيَم.

الإنسان له قيَم في ذاته ـ سواء الرجل أو المرأة ـ فعندما يكون هناك تضارب في قيمتين معينتين، يفقد إحدى هذه القيمتين أحيانا، ويعود باختيار القيمة الأخرى، هذا ما يسمى في علم النفس والسلوك بتضارب القيم Value Conflict، ولتوضيح ما هو تضارب القيم.

نأخذ مثالا بسيطا، قد يقوم أحد الأفراد بالإساءة إليك، عندها تتولد عندك رغبة الانتقام واستعادة الاحترام لذاتك، ولكن من جانب آخر تتولد عند قيمة العفو والصفح، فيصبح لديك تضارب بين هاتين القيمتين، قد تختار الانتقام فتنتقم منه بأي طريقة كانت، وقد تختار ـ وهو الأفضل ـ العفو والصفح وتغفر له، وهذه القيمة في الحقيقة والواقع تجعلك كاسبا له، حيث يعود عليك بالاحترام والإحسان إليك في غالبية الأحوال، فقد تغفر له ليس لكونه هو فلان، وإنما تغفر لحب الله للعبد أن يكون متسامحا متحليا بالأخلاق، فبناء لمحبتك لله، تقوم بعمل ما يحبه منك.

في صعيد العمل بالنسبة للمرأة، لدى المرأة في مجال الأعمال والتربية قيمتان هما: قيمة العمل Career Value وقيمة العائلة والأمومة Family Value. عندما تكون المرأة قد وصلت إلى أعلى مستويات الوظيفة، وتكون قد حققت ما كانت تطمح إليه، وتستمر مدة، بعد ذلك قد تتضارب لديها هاتين القيمتين، فقد تفقد إحداهما، فتقوم بتقديم استقلالها ـ مثلا ـ من هذا المنصب الذي يعتبر هو من أهم المناصب التي يتمنى أحد الأفراد أن يشغلها ويصل إليها، وتعود إلى قيمة العائلة والأمومة وتعود ربة بيت، وتقوم بتربية الأبناء، وإن لم تفقد أيّ من هاتين القيمتين فقد تكون غير مرتاحة ومتألمة لما صارت عليه، فمثلا إن لم تتزوج في سن الزواج الممكن، فلا يمكنها أن تحتاج قيمة العائلة والأمومة إذا وصلت إلى سن كبير لا يمكّنها من الزواج.

لا نقول أنه يجب على المرأة ترك العمل، ولكن ينبغي على المرأة عدم ترك الجانب الاجتماعي، وأن تجعل من أولويات أعمالها هو العمل المنزلي والاجتماعي، بحيث لو فقدت العمل لا تتأثر نفسيتها وذاتها من جانب آخر.

هذا التحرر الذي يناودن به ماهو إلا ثقافة غربية تغزو المجتمعات، وتريد تحويلها من القيم الإسلامية الصحيحة إلى القيم الغربية التي تشوبها أخطاء فادحة أثبتتها الدراسات خلال الفترات السابقة، والتي تؤدي إلى أمراض نفسية كبيرة وخطيرة في نفس الوقت.

حقيقة عمل المرأة في واقعنا الآن يؤخذ عليه في بعض الأحيان، بحيث توجد به بعض إيجابيات، وتوجد به سلبيات كثيرة، وما نعيشه اليوم من تحرر المرأة ـ كما يقول البعض ـ هو غزو المجتمع سلوكيا وفكريا وأخلاقيا وحتى عقائديا، وذلك لارتباط كل حقل بالحقل بالآخر. فيجب علينا أن نكون على يقظة من أمرنا في جميع الأمور، وأن نتمسك من بتعاليم الدين الإسلامي، وذلك لما يحمِله من قيم ترفع الإنسان وذاته إلى المستويات التي يريدها الله سبحانه وتعالى.

جعفر السعيد


الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة

 

قول الإمام علي عليه السلام «الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة» يكدح من شد عوده أو بالأحرى من نال الشهادة الثانوية العامة أو الجامعية، وبعدها انضم في رابطة العاطلين التي هي الأخرى ثلمت جزءا من عمره اليافع محاولا الولوج في عمل يتناسب ومؤهله الذي أفنى ثلث عمره فيه بسهر الليالي وأرزاء النهار، طرق أبواب الرزق هنا وهناك وبكل جسارة وجرأة محاربا دواعي اليأس والإحباط، وتجهم بعض أصحاب وأرباب ومسئولين التوظيف واستقباله على مضض وبما يكرهون، لكن هنالك الأبواب موصدة أمامه بالرفض القاطع إلا أبواب الأعمال الوضيعة والتي لا ترقى للمستوى المنشود المعاش في مملكة مفتوحة على مصراعيها وتستقبله بالرحب والسعة وبرواتب زهيدة جدا لاتسمن ولا تغني عن جوع، ويتنافى ذلك ومؤهله الذي بين جنبيه والسنين ومرها وألمها الذي تحمّلَه طيلة سنوات عمره، متى يشرع في بناء حياته ومستقبله؟ متى يكّون جيلا مجتمعيا صالحا يسعد الوطن بوجوده ويخدم أبناءه؟ بعدما انصرم نصف عمره واضمحلت سنونه وأيامه، وإذا كان من المحظوظين وتوفق في عملٍ ما يناسبه ومؤهله الدراسي فيبدأ يبتدئ بلم وتكوين حياته المتبددة المتأخرة، فيُقدم على ما أقدم عليه الناس من بناء وتكوين عش الزوجية فيحمل على عاتقه أوزار وأثقال الديون والقروض من البنوك والمصارف الوطنية بالإكراه التي هي الأخرى تنصب له شباكها الثبور، وتبقى حياته مرهونة بين نار البنوك وعذاب الإسكان إلى أن يتوفاه الموت وهو على هذا الحال كالغريب في وطنه، وينطبق عليه الشطر الثاني من القول أعلاه!

مصطفى الخوخي


صناديق خيرية بالتزكية

 

لفت نظري جملة ألحقت بتقرير عن اجتماع صندوق خيري في إحدى مناطق البحرين إذ عقد اجتماع دوري للجمعية العمومية لمناقشة التقريرين السنوي الإداري و المالي ومن ثم انتخاب مجلس إدارة جديد للأعوام الثلاثة التالية .الجملة اللافتة للنظر هي: تم تزكية مجلس أمناء صندوقنا الخيري كالعادة طبعا.

إذ تختصر هذه الجملة حالة من الاستغراب في مجتمعنا المحلي، مع العلم لا توجد بين يدي معلومات موثقة عن اجتماعات الجمعيات العمومية للصناديق الخيرية في البحرين خلال سنة وذلك لمعرفة عدد الصناديق الخيرية التي تم انتخاب مجالس الأمناء بالتزكية أو بالتنافس والترشح على مقاعد مجلس الأمناء.

إلا إن النزر القليل من المعلومات المتوافرة وذلك من خلال رصد ومتابعة الصحف و المواقع الإلكترونية لمدة سنة تقريبا فإننا نكاد نجزم ان غالبية مجالس الأمناء الحالية التي تدير الصناديق الخيرية جاءت عبر انتخابات بالتزكية .بل إن الغرابة أن بعض مجالس الأمناء لم تكتمل العدد، ولهذا جاءت توصية الجمعية العمومية ان يتم تعيين عضوين من ابناء القرية من اجل إكمال عدد مجلس الأمناء.

السؤال المطروح ما هي الأسباب التي جعلت الصناديق الخيرية تسلك هذا المنحنى ؟ هل مجالس الأمناء تقوم بواجبها على خير ما يرام، ام ان هناك عزوفا ومحاربة لبعض الأفراد بعدم الاقتراب لهذه الصناديق الخيرية .

حيث يعتبرها البعض بأنها ثكنة ومؤسسة خاصة بهم لا يجوز الاقتراب أو التفكير أصلا بدخولها .وإلا فإن سهام التسقيط و التحشيد ستبدأ.وهذا الأمر جدا خطير لأن هناك تناقضا واضحا بين رسالة الصناديق الخيرية و بين دورها الحقيقي في مجتمعاتنا المحلية . ومن جهة أخرى فأعمار من يدير الصناديق الخيرية حاليا نصفهم تجاوز سن الخمسين إلى الثلاثين.وهنا لا ندعو ان تتحول الصناديق الخيرية الى صناديق شبابية بل المطلوب هو لا إفراط و لا تفريط في هذا الأمر بل الأمر يجب أن يكون بين أمرين لا ثالث لهم و هو ضرورة أن تكون مجالس الأمناء للصناديق الخيرية تمثل المجتمع خير تمثيل سواء الفئات العمرية او الاختلافات الفكرية والعلمية.فالصناديق من أجل ان تقوم بدورها عليها أن تضم في مجالس أمنائها مجموعة من الأفراد، من الرجال و النساء وهذا العنصر من خلال الخبرة فان وجوده في أي عمل خيري أمر أساسي لا غنى عنه .

وأيضا الأمر المهم هو أن تبحث الصناديق الخيرية عمن لديه الرغبة في العمل الخيري وليس البحث عمن يكمل العدد وبالتالي التغاضي عن موضوع الحضور و الغياب وهذا أمر سنرجعه له في كتابات أخرى.

مجدي النشيط


جريمة الاحتيال (1)

 

في ظل الأزمة المالية العالمية تظهر المجموعات الإجرامية التي تختص بجرائم المال وتأتي جرائم النصب والاحتيال على رأس هذه الجرائم نظرا لخلوها من أعمال القوة والعنف وقد أطلق الباحثون على أرباب سوابق النصب أنهم (أصحاب الياقات البيضاء) نظرا لأن مرتكب هذه الجرائم دائما وأبدا ما تكون ثيابهم شديدة الأناقة وتكون النظافة والاهتمام بالهندام هما من أهم أدوات تنفيذ جريمة النصب لذا سوف نلقي الضوء على جريمة الاحتيال في سلسلة مقالات توضيحا منا للقراء حتى لا يقع أحد من المواطنين أو المقيمين ضحية لمجرم هدفه إثراء ذمته المالية بغير حق. نصت المادة 391 من قانون العقوبات البحريني على انه: «يعاقب بالحبس من توصل إلى الاستيلاء على مال منقول أو سند أو إلى توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو اتخاذ اسم كاذب أو صفه غير صحيحة أو بالتصرف في عقار أو منقول غير مملوك له وليس له حق التصرف فيه». ويعاقب على الشروع بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة. والهدف من إلقاء الضوء على هذه الجريمة هو حماية أموال الناس من الضياع نتيجة وهم غير حقيقي، وجريمة الاحتيال هي ذاتها جريمة النصب وقد عرف الفقه النصب على انه: «الاستيلاء على منقول مملوك للغير بخداع المجني عليه وحمله على تسليمه، والنصب ينال بالاعتداء حق الملكية شأنه شأن جرائم المال كالسرقة وخيانة الأمانة».


التدليس

 

يقوم الاحتيال على تغيير الحقيقة أي التدليس والتدليس هو: «تشوية للحقائق في ذهن المجني عليه، بما يدفعه على قبول تصرف ضار به او بغيره ويؤثر سلبا في الذمة المالية له أو لغيره، فهو يصيب حق المجني عليه في سلامة إرادته، أي أن جوهر التدليس هو الكذب الذي يقوم على اختلاق واقعه يترتب عليها خلق الاضطراب الفكري في عقيدة المجني عليه بجعله يعتقد غير الحقيقة، وكل صور تغير الحقيقة سواء فلا فرق بين ادعاء وجود واقعة لا وجود لها، وإنكار وجود واقعة موجودة فعلا، وإدخال الزيف على عناصر أو صفات أو ظروف واقعة موجودة، وبشكل أبسط للقارئ لا فرق في المسئولية الجنائية بين كذب كلي وكذب جزئي أما إذا أعلن عن وجود مشروع مالي يحقق أرباحا طائلة يعتبر قوله كذبا على الرغم من وجود مشروع مالي يحقق أرباحا غير طائلة.

ويتطلب التدليس في جميع حالاته وفق نص القانون نشاطا إيجابيا، ومن ثم فالموقف السلبي الذي يتخذه شخص بتركه آخر يقع في غلط لا يعتبر تدليسا طالما أن الذمة المالية لن تنقص لدى المجني علية وتزيد للمتهم.


الفرق بين التدليس في القانون المدني والتدليس في القانون الجنائي

 

إن التدليس الجنائي تقوم به جريمة جنائية لها عقوبة وهو وسيلة للاعتداء على الملكية ويتحقق وفق أحد الوسائل التي ذكرت حصرا في المادة سالفة الذكر وهي الطرق الاحتيالية التي لا يكفي لقيامها مجرد الكذب المجرد وإنما يتعين تدعيمه بمظاهر خارجية أما التدليس المدني فهو عيب من عيوب الرضاء وخطأ موجب للتعويض لا حصر لصوره في القانون المدني فإذا أثبت أن الكذب المجرد كافٍ لخداع المتعاقد قام به التدليس بل أن الكتمان وهو مجرد مسلك سلبي كافٍ ليقوم به التدليس المدني وعلى خلاف ذلك لا يعرف قانون العقوبات البحريني التدليس السلبي. وتختلف أساليب التدليس فيما بينها من حيث صلاحيتها للتأثير على أشخاص تتفاوت درجة ذكائهم وخبرتهم فبعضه لا يؤثر إلا على السذج، والآخر يؤثر على متوسطي الذكاء ومنها ما يوثر على شديدي الذكاء، ويفترض في الناس قدرا عاديا من الفطنة والحرص بحيث لا يستسلمون لكل خداع يتعرضون إليه أما إذا خدعتهم أساليب ساذجة فهم مقصرون من الناحية الثقافية والواقعية.

ولا يعني هذا أن القانون لا يبسط عدله حتى على عامة الناس إنما القانون يحمي الجميع حتى البسطاء فالتدليس تقوم به جريمة النصب إذا كان من شأنه التأثير على المجني عليه بالذات بغرض النظر إذا ما كان يخدع غيره أم لا ونذكر أيضا أن بذل القليل من الحيطة والحذر يقي شر جريمة الاحتيال وعلى الناس دائما التأكد من صدقية الأفعال من خلال الجهات الرسمية في الدولة وسوف نكمل في الأسبوع القادم إن شاء الله وسائل التدليس.

وزارة الداخلية

العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:18 ص

      إلى زائر 2

      هل تساوي حسنا وعليا بصدام
      عجبي منك
      لو شاهدت جريمة واحدة من جرائم صدام والتي تبثها قناة الفرات يوميا
      لكسرت تلفازت فضلا عن قطع لسانك الذي ترحم على هذا الشقي
      وانشاء الله يحشرك معه في أسفل سافلين

    • زائر 2 | 4:27 ص

      رحمة الله على شهيد الامة اشجع الرجال واخر الكرام

      المجاهد البطل القائد العظيم عبد الله المؤمن الحاكم العادل الذي وحد شعب العراق رغم تعدد المذاهب و الاعراق والملل بالعدل والانصاف
      مات مبتسما عالي الرأس مرفوع الهامة اكرمه الله بالشهادة وأعزه بالايمان ليس له مثيل الا الحسين بن علي قتل على يد الغوغاء وكأن الله عز وجل أراد أن يرينا أن مصارع العظام دوما على أيدي اللئام
      فرحمة الله عليك يا صدام حسين قتلو عليا وقتلو حسينا وقتلوك فهل لهم من توبة او كرامة ؟

    • زائر 1 | 12:11 ص

      الصناديق الخيرية

      اصلا استاذتي الكريم مجدي النشيط
      بعض الصناديق الخيرية اصلا تحولت الى صناديق عائلية بها اكثر من فرد من نفس العائلة و ايضا ناس وايد تراهم يسبون و يلعنون مجالس ادارات الصناديق الخيرية و يتهمنوهم بانهم سراق و حرامية و انهم يوزعون الاموال على معارفهم و اهاليهم و اذا جاءت الانتخابات ما في اي واحد يتقدم من هؤلاء
      نتمنى ان تعي الصناديق لدورها و ان تفتح ابوابها للجديرين والراغبين بالعمل بصدق و اخلاص
      اخيرا نتمنى ان يتناول احد موضوع الصناديق الخيرية السياسية والتي هي افرع لجمعيات سياسية

اقرأ ايضاً