العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ

كليبات تسخر من عاداتنا... وتتقمص الغرب بحثا عن التطوير والتغير

لم يعد من المستغرب علينا أن نرى في شاشاتنا العربية - وخصوصا الترفيهية منها والمختصة بالأغاني والموسيقى تحديدا - مشاهد وكليبات تعرض ما قد يناقض ويخالف أنموذج مجتمعاتنا العربية المحافظة، بل وما ينتهك حرمات وعادات هذا المجتمع.

ولم نعد نستهجن رؤية تقليد أعمى للكثير من الأعمال الغربية، يكاد بعضها يتطابق في كل شيء من استعراضات راقصة وموضات ملابس وديكورات.

وبالتأكيد لم يعد غريبا أيضا... محاكاة إيقاعات أغان أجنبية، بل دخول عبارات بلغات أخرى في سياق الأغنية التي تصنف بطريقة ما أغنية عربية.

كل ما سبق ما عاد ملفتا للأنظار، على رغم أنه يستفز البعض بين الحين والآخر، فيخرج من يعلق وينتقد هذه الظواهر التي تحاول بكل الطرق التقرب من عقول شبابنا، وإدخال أنموذجها بكل ما تحمله من قيم غريبة لأنماط حياتنا.

إلا أن الفكرة التي مازال الكثيرون لا يستطيعون تقبلها ولا إغفالها وغض الطرف عنها، هي السخرية من كل ما يمكن أن يتصل بمجتمعنا من قيم وأزياء وعادات، تحت شعار «التغير والتطوير ونبذ التحجر والتقوقع في قوالب العادات والتقاليد».

فاليوم تزخر القنوات الفضائية الغنائية تحديدا، بمقاطع فيديو كليبات ودعايات ترويجية للمحطات أو لبعض الحفلات والأغاني، بما يسخر من الأزياء العربية التقليدية، وبما يتندر بأشكال العرب وطرق تعبيرهم، بل وبكلامهم وأماكن عيشهم.

فبكل بساطة لا يحتاج المرء إلا إلى أن يقلب بين باقة المحطات العربية الغنائية العربية المنشأ أو الغربية الموجهة تحديدا إلى منطقتنا، ليرى إعلانات تصور العربي بزيه الشعبي جاهلا متحجرا، تتأرجح شخصيته ما بين زيه التقليدي الذي يمثل انتماءه وحركاته الراقصة التي تشير إلى رغبته وميله للاندماج في النمط الغربي وثقافة الترفيه الغربية بطريقة تتناقض مع كل ما يملكه من خصوصيات وسمات في مجتمعه.

وما بين السخرية من المظهر العربي بمختلف أشكاله، بأزيائه القديمة الفلكلورية أو حتى التقليدية التي مازالت تستعمل حتى اليوم، والسخرية من طريقة تفكيره وعيشة لحياته، التي غالبا ما تصور بسخرية ورغبة في الاندماج مع أنماط أخرى أكثر تطورا وبعدا عن النمط الأصلي الذي ينتمي إليه، تأتي كلمات هذه المقاطع سواء أكانت أغاني أو دعايات أو حتى فقرات تمثيلية قصيرة تفصل ما بين البرامج في المحطة، لتشكل اللمسة التي تخلق نصا (يطلقون عليه فنيا) مشوها بالكامل لا أصل له، يتقمص حاله لا تتناسب ومعاييره الأصلية، ويتعدى على مجموعة جديدة من القيم، ويقلل من احترام المشاهد الذي بات مطرا للتجاهل والتسطيح في التعامل مع الرديء لكثرته وعدم وجود جدوى فعلية من محاولات التصدي له.

وفي مقابل الشعارات التي تصرخ في وجه هذا النمط من الإعلام تحت شعار: «من سمح لكم بتصوير العرب بهذه الطريقة؟»، نجد أن هناك ضفة أخرى لا يمكن وصفها بالقليلة أو الضعيفة، تدافع عن هذه النماذج، لأحقيتها بالظهور كما يظهر غيرها، ولكونه لدى المشاهد المقدرة على الأخذ أو الرفض، كما أنها تجارب كغيرها من التجارب الفنية، قد ينجح بعضها وقد يخفق الآخر، أسوة بالأعمال الفنية التي تعتمد قالب الأصالة أكثر، وقد لا تلاقي النجاح والاستساغة من الجمهور.

سواء أكانت الأغنية عن «العو» الذي يشار بها إلى الكلب أو ما يشابه من الحيوانات أو «النو» التي يقصد بها القط، أو حتى كانت الأغنية معنونة بـالـ «واوا» التي تستعمل كتعبير عن الألم، فإنها والاستعراضات شحيحة الملابس التي تقدم معها مازالت بعيدة كل البعد عن كونها فنا يرتبط بمنطقتها وبأجيالنا، حتى وإن وجدت لنفسها مكانا في جداول البث الفضائي التلفزيوني العربي.

العدد 2773 - الجمعة 09 أبريل 2010م الموافق 24 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً