كلمة الإرهاب هي المصدر للفعل أرهب، وهي تعني بث الرعب والخوف والفزع في نفوس الآخرين وترويعهم، وإنزال أقسى أنواع العقوبات والخسائر في صفوفهم، أو قتلهم وإنهاء حياتهم بغرض التشفي والانتقام والاقتصاص منهم شخصيا.
لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق دولي لتفسير معنى كلمة الإرهاب، ولم يتم التوصل أيضا إلى اتفاق تام للتفريق بين مفهوم المقاومة المشروعة ومفهوم الإرهاب البغيض، وبالتالي تعقدت الأمور واختلطت الأوراق والمفاهيم.
فأميركا التي تتزعم العالم اليوم تعتبر إرهاب الدولة، وما يمارسه الكيان الصهيوني من عنف واستخدام للقوة المفرطة، بالإضافة إلى الممارسات الوحشية والقمعية الأخرى، بحق أبناء الشعب الفلسطيني حقا مشروعا لذلك الكيان الغاصب، للدفاع عن نفسه والحفاظ على أمنه واستقراره.
في حين تعتبر المقاومة الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في جنوب لبنان وغيرهما من حركات المقاومة المختلفة، مجرد منظمات إرهابية، وتلصق تهمة الإرهاب بكل من ينتسب إلى تلك المنظمات التي تتخذ من المقاومة المسلحة هدفا لها، لتحرير الأرض والإنسان من عبودية الذل والاحتلال.
وهي مغالطة كبيرة وجرم لا يغتفر بحق المقاومة في كل مكان من دول العالم، لكون المقاومة حقا مشروعا تقره وتبيحه كل الأعراف والقوانين الدولية، بما فيها هيئة الأمم المتحدة لإزاحة المحتل وتحرير الأرض من نير المستعمر الغاصب، والحفاظ على حرية واستقلال وسيادة هذه الدولة، أو تلك لتعيش بعزة وكرامة وإباء.
ومنذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، والتي كانت من أهم أسبابها، هي سياسات أميركا الخاطئة في العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة للتحيز الأعمى والانحياز الكامل للكيان الصهيوني، والتفرقة بين الدول المختلفة، والكيل بعدة مكاييل بين مختلف الأطراف.
وقد توالت العمليات الإرهابية التي تطال الأبرياء، وانتقلت إلى عدة دول أوروبية وعربية، بما فيها إسبانيا وتركيا، وأخيرا بريطانيا التي غزاها الإرهاب في عقر دارها، حيث فشلت وحليفتها الاستراتيجية أميركا في محاربة الإرهاب، أو حتى الحد من خطره.
ولايزال يواجه العراق حتى اليوم إرهابا، هو من أبشع أنواع الإرهاب، ويتعمد الإرهابيون ممارسة إرهابهم بالهجوم على المدنيين في أسواقهم وتجمعاتهم، وفي مساجدهم وحسينياتهم، وفي كنائسهم وأديرتهم، وهذا دليل دامغ على كفر وجهل الإرهابيين، وضحالة تفكيرهم.
وتقف كل من أميركا وبريطانيا والدول الحليفة لهما، التي كانت والتي مازالت تتواجد في العراق عاجزة عن حماية الشعب العراقي وما يتعرض له من قتل وذبح واغتيالات، والتي عادة ما ترتكب عن طريق التفجيرات والسيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة بشكل يكاد شبه يومي ومستمر، بالإضافة إلى عمليات الاختطاف المتكررة التي كانت تنال الأجانب والدبلوماسيين، وما إليه من أعمال قمع وحشية وهمجية وتخريب البنى التحتية، وتفجير أنابيب النفط ومحطات توليد الكهرباء والماء.
ونتيجة لعدم اهتمام قوات الاحتلال المتعددة الجنسيات، لما يجري في العراق من انتهاكات خطيرة بحق الشعب العراقي، وصمت وتغاضي الدول والمنظمات الدولية التي لم تكلف نفسها حتى عناء الإدانة والاستنكار، واتخاذ مواقف دولية بحق الإرهابيين، ولم يدر بخلدهم أن الإرهاب ليس له وطن ولا دين ولا حدود، فها هو الإرهاب تنتشر عدواه في دول أخرى عربية وغير عربية، ولم تسلم حتى بريطانيا التي باغتها الإرهاب في عقر دارها، وجعلها تكابد الأهوال والفزع من تداعياته وإفرازاته.
فكانت تفجيرات لندن في السابع من يوليو/ تموز من العام 2005، وعلى رغم الإجراءات الأمنية المتوافرة لديهم، لم يستطيعوا أن يتداركوا حدوثه أو منع وقوعه، وما حدث من تفجيرات إرهابية عشية الثالث والعشرين من يوليو/ تموز في مصر من العام 2005 أيضا، حيث تحتفل مصر بتلك الذكرى التاريخية، وهي ذكرى ثورة 23 من يوليو المجيدة، هزت المنطقة السياحية ذات الوقائع والحوادث السياسية المؤثرة وهي شرم الشيخ وطابا، وقد نجم عن سقوط ضحايا غالبيتهم من السواح الصهاينة.
ولاقت تلك الانفجارات إدانة وشجبا واستنكارا دوليا، في حين لم نسمع بمثل تلك الإدانات والاستنكارات الدولية، حين تقع الانفجارات والاغتيالات وأعمال العنف في العراق.
ومحاربة الإرهاب - كما تزعم أميركا ومن يردد خلفها ما تقول - يجب ألاّ تتم محاربته بإرهاب الدولة، أو بحملات الاعتقالات العشوائية لأبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الحوادث، أو بقتل الأبرياء من المواطنين وترويعهم، أو بشن الحروب على الدول الآمنة وتهديدها، وإنما يجب أن تبحث الأسباب والدوافع وراء ما يرتكبه الإرهابيون، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة والخطوات المضادة، التي يمكن من خلالها استئصال الإرهاب من جذوره.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، ندرج بعض هذه الأسباب والدوافع، ونقترح حلولا متواضعة لعلاجها:
- البحث عن مسببات وجذور الإرهاب، وإيجاد الحلول الناجعة لها من أجل التخلص منها والقضاء عليها نهائيا.
- المساواة في المعاملة بين الدول كافة، ومعاقبة الدول المارقة والتي تمارس إرهاب الدولة بحق الأبرياء، وعلى رأسها دويلة الكيان الصهيوني الغاصب.
- القضاء على الفوارق الطبقية في العالم، وإنصاف الدول والشعوب المظلومة والمغتصبة حقوقها.
- إرساء قواعد الشرعية الدولية على أنظمة الحكم في العالم وتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وإشاعة أجواء الحرية والديمقراطية فيها.
- القضاء على كافة أساليب وأشكال التمييز العنصري والعرقي والطائفي والقبلي والإثني في العالم.
- القضاء قضاء مبرما على الفقر والجهل والأمراض ومساعدة الشعوب الفقيرة ودعمها ومساندتها.
- تحرير الشعوب من كافة قيود الاستعباد والذل ورق العبودية.
- يجب على الدول العظمى وعلى رأسها أميركا احترام حرية واستقلال وسيادة الدول الأخرى، وعدم التدخل في شئونها الداخلية أو التحرش بها أو تهديدها.
- حماية الشعوب من الاعتداءات والممارسات القمعية التي ترتكبها بعض الدول بحق شعوبها.
- الحفاظ على كرامة وعزة الشعوب في العالم وإزالة كل الأسباب التي تؤدي إلى إحباط الشعوب وزعزعة ثقتها ومساعدة الشعوب التي لاتزال تعاني من الاضطهاد والعبودية، والتبعية من نيل حريتها واستقلالها.
- إيجاد حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية، وأقلها قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والسماح بعودة كل اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك الشعوب الأخرى التي تعيش نفس الأوضاع المشابهة، ككشمير والشيشان وغيرها.
وهناك الكثير من الأسباب والمسببات التي تبعث وتشجع الآخرين أن يتبنوا الإرهاب ويتخذوه نهجا ومنهجا في حياتهم، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، التي يروّج لها جهلة القوم الذين يتسترون وراء الدين، أو يتخذون من الدين مطيّة لهم، لتمرير مخططاتهم العدوانية ونشر أفكارهم الشريرة، عن طريق إغواء الشباب وإيهامهم بوعود كاذبة، والانصياع لأهوائهم وتنفيذ رغباتهم العدوانية والهمجية.
وهنا يبرز دور علماء الدين في نشر الوعي الديني بين الشباب وتحذيرهم من أفكار ومعتقدات هؤلاء التكفيريين، الذين ينتهجون ويتخذون القتل والذبح، وإراقة الدماء بين صفوف الأبرياء هدف استراتيجي لهم. وهناك الكثير من الشباب الذين ينخدعون بهم، ويسارعون في إطاعتهم وتلبية رغباتهم، فيخسرون حياتهم ويضيّعون مستقبلهم، ويخسرهم أهلهم ووطنهم، ويدخلون بسبب جهلهم النار ويجلبون لأهلهم العار.
محمد خليل الحوري
قف يا حبيبي برهة أنظر عينيك الرمادية
بالله من أسقطها في لحظة دنيّة
بالله من دنس الطهر فيها
من دس فيها السم والسحر
لم يتقِ الله ولا البريّة
@@@
قف يا حبيبي برهة أنظر عينيك الرمادية
وكيف ذابت في هوى شقية
كيف استلذّيت عينين ليستا لي
وأنت أنت صاحب العقليّة!
@@@
قف يا حبيبي برهة أنظر عينيك الرمادية
هل استقبلت قبلة ربي
وصليت صلاة الصبح والعشية!
أم داهمتها جند إبليس فاستسلمتْ
لبعيدة لا تعرف في فِيك إلا الجيب
فطرت إليها رغِبا فاغر الشهيّة
@@@
قف يا حبيبي برهة أنظر عينيك الرمادية
لأرى اسمي يَسّاقط من جدول أعمالك
فلا هو مما يستجدُ ولا هو مما يقدمُ
لكنه مما مضى
وعليه سأمشي حاملة نعشك
سأصلي زمنا فات
وأدعو أن ربِ مسني الضر
ولا لي إلاّك هديّة
زهرة حرم
قصيدة في رثاء شيخنا الشيخ محمد جواد درويش(رحمه الله)
شيخَنا حلّت بنا اليوم الفجيعهْ
مذْ نعى ناعيكَ فالدنيا مريعهْ
خبرٌ جلَّ وخطبٌ أيُّ خطـبٍ
خبرٌ ذاع وقد هزَّ الشريعـهْ
كنتَ للأخلاقِ ميزانا وللحسـنى
مثالا ولكُمْ كفٌّ نصيعهْ
شعشعيُّ الوجهِ بسَّامٌ
وإنْ آدتك آهاتٌ وآلامٌ فظيعـــــــهْ
قد بكى القَطْرُ وأشجيتَ الشرائعْ
وغزى اللُمعةَ لوعاتٌ وجيعـهْ
أنا إنْ أبكيكَ أبكي مَنْ بعلمِ الـ
شّرعِ غذّاني فلا أنسى صنيعهْ
طبتَ يا شيخُ وقد نلتَ بذي الجُمْـعة
غفرانا وجنّاتٍ رفيعـهْ
فسلامٌ سَرمديٌّ وسقى قبْرك
الغيثُ بلا أيِّ قطيعـهْ
وبكفِّ المرتضى تُسْقى بعَدْنٍ
كوثرا عذبا ومِنْ حولكَ شيعهْ
زكريّا العويناتي
رأيته وعلى وجهه قسمات، تنبئ أنه يكظم في نفسه عوالج متأججة، دنوت منه، ودار الحديث الآتي:
- ما هذا التغير على وجهك؟
- أبقاري سرقت من حظيرتي، وبقيت الثيران فقط.
- البركة في الباقي، تتوالد وتحلب الحليب، والقليل خير من الحرمان.
- قلت لك الباقي خمسة ثيران، والثيران لا تلد ولا تحلب، أتفهم ما أقول؟
- الطمع يورث الطبع، اصبر وتتكاثر المواليد.
- أنت غبي يا صديقي، أقول ثور... قال (حلبوه).
- أنا حسب تقديري وتصوري أن الذي سرقوا البقرات هم جماعة الهندوس لأنهم يقدسون البقر، ورأوها في حظيرة فأرادوا أن يخلصوها من العبودية، فسرقوها في غفلة منك ليطلقوا سراحها.
- يا أخي أتعرف كم مساحة الحظيرة وما بها؟ أجيبك، مساحتها 1500 متر مربع استأجرتها من الأوقاف وفي داخل هذه الحظيرة بركة ماء لتغسيل الأبقار والثيران وتنظيفها وهي مكيفة بمكيفات الهواء ومراوح، وماذا تريد جماعة الهندوس مني؟ أن تسكن البقرات فندق أبو خمس نجوم ليرضوا عني ولا يسرقوني؟
- عجبا كل ما قلته يا أخي حرية وليس عبودية.
- يا أخي فمن سرق البقرات، هل نزلت العفاريت أو شقت الأرض وخرجت الجن وسرقت البقرات أجبني؟
- أنا أجيبك من سرق بقراتي هم وكما يقول المثل (دود بطني يفهم رطني).
- أنا لم أفهم شيئا، هل تقصد أن الذين سرقوا بقراتك أجانب أو مواطنين؟ أجبني بواحدة فقط.
- ليس لدي استعداد أن أجيبك لأنه تدخل في السياسة.
- لنرجع إلى الحظيرة فربما نجد بين الثيران بقرة.
- قلت لك ثور... تقول (حلبوه) لا توجد في الحظيرة إلا ثيران وهي لا تلد ولا تحلب.
- يا أخي ومن يدري لعله قد حصلت مفاجأة فوجدت بقرة، ولو عن طريق الصدفة لأنك مسبقا لم تتفحص الثيران، وأثارتك الأحزان ولا يضرك أن تعود إلى الحظيرة وتتفحص الثيران.
- لا مانع أن تقم بتفحص الثيران.
ثم ذهبا إلى الحظيرة وتفحصها وإذا بالثيران تحولت إلى أبقار
-إنه لمدهش ومستغرب أن تحل البقرات محل الثيران الخمس، هذا مسخ، ولكن كيف حدث؟
- يا أخي لا تسأل كيف حدث المسخ المهم أن مشكلتك قد انحلت وحصلت على البقرات وستتوالد وتأتي بالحليب، أتريد أكثر من ذلك؟
- يا أخي العزيز أن لا تفهم الواقع، المشكلة لم تحل، المشكلة صارت مشكلتين، أولهما أن البقرات لن تتوالد لعدم وجود الثيران والحليب مستبعد منها لأنها لا تتوالد، والثانية كيف حلت البقرات محل الثيران، وأنا مصمم أن أعرف الحقيقة، مهما كلفني الثمن لأنها حل لمشكلتي العويصة.
- يا أخي منطقيا وعقلا أن الذي سرق البقرات العشر هو الذي جاء مرة ثانية وسرق الثيران، فالسارق واحد.
- لكن السؤال إذا كان السارق واحدا فلماذا لم يسرق البقرات والثيران مرة واحدة لماذا سرق البقرات أولا ثم جاء مرة ثانية بخمس بقرات وسرق الثيران، أجبني يا أخي فقد أصابني الصرع.
- أنا أقول لك: السارق أخطا عندما سرق البقرات العشر لأنه اعتقد أنها ستتوالد وتحلب الحليب، لكنه عندما فكر وقدر رجع إليك في غفلة منك فسرق الثيران الخمسة وأبقى محلها خمس بقرات لتتفاعل البقرات مع الثيران لتتوالد وتتكاثر وتعطيه الحليب، أما بخصوص لماذا أرجع خمس بقرات إليك، فإنه يستخف بعقلك ليضحك عليك، ولتدرك أنه قادر عليك في أي وقت أراد أن يسرقك دون أن تشعر به.
- لقد أتعبتني هذه القضية، دعنا نشرب الشاي ونفكر كيف حلت البقرات محل الثيران؟
-قل لي يا صديقي: البقرات التي حلت محل الثيران لها آلة أم آلتان؟
- (أي هل تجمع بينهما الذكورة والأنوثة)؟
- أنت الذي تستخف بي لم نسمع أن البقرة لها آلتان ذكورة وأنوثة.
- دعنا ندخل الحظيرة لآخر مرة ونتفحص البقرات التي حلت محل الثيران، لأنه أمر عجيب ومثير.
- لا مانع وسأدخل معك هذه المرة.
ودخلا الحظيرة فوجدا العجب العجاب أن جميع البقرات العشر رجعت في الحظيرة بالتمام والكمال والثيران كذلك وهنا أمسك الصديقان كل منهما بالآخر وهما في حالة خوف وترقب بما حدث في الحظيرة.
وفجاة تظهر الكاميرا الخفية محمولة على كتف شخص،
الكاميرا الخفية معكم.
يا للفضيحة والسخرية، لقد أفشيتم أسرارنا علانية، بالصورة والصوت، وأثرتم أعصابنا، ولعبتم بمشاعرنا وإحساساتنا وعواطفنا، وجعلتمونا فرجة ومضحكة للناس، ونحن من الأخيار، مما يستوجب إزالة هذا الخطأ وتصحيحه والاعتذار.
هو برنامج تلفزيوني ترفيهي، ونتحمل المسئولية، ونستميحكم الأعذار.
عبدالله محمد الفردان
أود عبر هذه النافذة، أن أتقدم بشكري القاصر للرب الرحيم على ألطافه المتوالية، وللطاقم الطبي التابع للجناح 311 بمجمع السلمانية، وبالخصوص الدكتورة سميرة والدكتورة فايزة، كما أخص بشكري المتواضع موظفي بنك الدم المركزي، والأخوة المتبرعين والداعين لي بالشفاء، كما لا أنسى صحيفة الوسط متمثلة في الأخت العزيزة علياء علي على متابعتها حالتي دون توانٍ، وكما أود رفع الالتباس وسوء الفهم الحاصل لموظفي الجناح 311، من اعتقادهم بث شكوى للصحيفة، وكل ما في الأمر، هو طلب إعلان من قبل أهلي، للتبرع لي بالدم.وإنصافا لم أرَ إلا العطف والمتابعة الجادة من قبل الطاقم الطبي، وكل من تابع حالتي.
ولا أراكم الله مكروها، ودمتم في صحةٍ وعافيةٍ
أختكم
فضيلة
في سابقة هي الأولى من نوعها ومن منطلق (التربية قبل التعليم) لم تستطع تلك المشرفة الاجتماعية تحمُّل طفل متمرد دراسيا خلال أسبوع من تسلمها مهام مراقبته ومتابعة حالته فهي بلا شك لا تطيق احتمال العمل بضمير.
يقول ابن خلدون: (من كان مرباة بالعسف والقهر، سطا به القهر، وضيق على النفس انبساطها وذهب بنشاطها، دعا إلى الكسل، وحمل على الكذب والخبث والتظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه).
ما حصل يا سادة أن هناك طفلا يبلغ من العمر ثماني سنوات أي أنه في الصف الثاني الابتدائي، لوحظ أنه بدأ حديثا يعزف عن الذهاب إلى المدرسة ويرفض حل واجباته ويكره مجرد الكلام عن مدرسته، ولأن الأمر تكرر كثيرا وخصوصا مع إلحاح الطفل ورغبته المتزايدة في ترك الدراسة لم تجد الأم سبيلا غير أن تكون على اتصال مباشر بإدارة المدرسة، وقبل كل شي أود أن أشير إلى أن الطفل لا يعاني من أي مشاكل أسرية فهو يعيش في جو أسري شفاف وهادئ وغالبية طلباته تكون مجابة ويحظى برعاية واهتمام والديه.
إذن فالأمر مثير للشك، الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة وبإصرار فلابد من أن المشكلة تكمن في المدرسة ومن جملة تلك الأسباب التي قد تكون منفّرة للطفل داخل أسوار المدرسة كالتالي: وجود معلمة قاسية، أو وجود طالب أو مجموعة طلاب يترصدون له كــ (المتنمِّرون) سواء بالضرب أو التجريح اللفظي، أو أن يعاني من صعوبة التواصل مع زملائه ومعلميه لأسباب تدخل في تكوينه النفسي... ولكن إليكم ما حصل يا سادة ولكم الحكم...
عندما ساءت حالة الطفل لم تجد الأم حلا سوى أن تشارك تلك المشرفة الاجتماعية في مدرسته همومها لعلها تتمكن من إيجاد حل لهذا اللغز المحير، وطلبت الأم من المشرفة التفرغ لمراقبته عن كثب داخل أسوار المدرسة لمعرفة أسباب انزعاجه من الدراسة وكل ما يتعلق بمدرسته. وبعد أسبوع التقت تلك المشرفة بالأم لتخبرها بأنه ليس هناك من مشكلة (وإن كنت أشك في أمر مراقبتها له) وأنه ليس هناك حل سوى (الضرب) أي أنه يجب على الأم أن تضرب طفلها لينصاع لأمرها ويذهب إلى المدرسة في كل يوم رغما عنه خوفا من الضرب... فهل ذلك منطقي؟ هل تلك المشرفة تحمل صفة التربوية؟
وسؤالي للمسئولين في وزارة التربية والتعليم... هل يتم بالفعل تأهيل المشرفين الاجتماعيين تربويا؟
إذا كان منطق تلك المشرفة وحلها النموذجي يكمن في ضرب الطفل فليس هناك حلا نافعا لمثل حالته (بحسب رأيها) فهل سيتربى أبناؤنا في جو دراسي مناسب؟
وليكن في معلوم الجميع أن الطفل الذي أتحدث عنه طفل ذكي ولديه أسلوب رائع في التواصل الاجتماعي ولديه أحلام وطموح يسعى لتحقيقها، ترى... هل سيكون لديه الدافع للصبر وتحقيق أحلامه في جو دراسي يرهب الطلاب؟
ألم تمنع وزارة التربية جميع المدارس استخدام أسلوب الضرب؟ تلك المشرفة لم تضربه بنفسها (وإن كانت تتوق لذلك) لم تضربه خوفا من العقاب الوزاري لكنها وبكل وقاحة وجّهت الأم لضرب ابنها فصدمت الأم من مستوى تفكير تلك المشرفة التي يجب أن تكون على قدر من العلم والثقافة وخصوصا (الثقافة النفسية) لمن هم في مثل عمر هذا الطفل لأنها وبلاشك ستختبر الكثير من المشكلات أثناء وظيفتها... ففي كل يوم دراسي تحدث مواقف ومشاكل عدة لا حصر لها ومنها: شجارات بين التلاميذ، سرقات، هروب بعض التلاميذ من الفصل، ممارسات لا أخلاقية، صعوبات التعلم... إلخ
كل تلك المشكلات واردة ، ولكن هل تأهيل المشرفات وارد؟ يقول رئيس قسم علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود محمد بن عبد المحسن التويجري: أن الضرب هو الوسيلة السهلة والتي تؤدي نتائج سريعة لمعاقبة الطالب على سلوك معين غير مقبول، هذا من وجهة نظر المعلم، ولكن الضرب ما هو إلا مهدئ أو مسكن مثل حبة (البنادول أو الأسبرين) وبمجرد زوال ألم الضرب فإن الطالب يصبح مهيئا للعودة للسلوك غير المرغوب فيه.
تلك المشرفة نموذج من النماذج التي يرفضها مجتمع التربويون وأولهم الآباء والأمهات، وأنني هنا لا أتحدث عن نموذج واحد فهناك الكثير من النماذج في مدارسنا ما تزال تستخدم أسلوب العقاب التقليدي الذي يخلو من أي توجه نفسي بل على العكس فهو يدمر الصحة النفسية ليتحوّل بعدها التلميذ إلى إنسان مضطرب، قلق، خائف طوال الوقت.
وحريٌّ بي أن أذكر أن تلك المشرفة صاحبة الثقافة العالية وضعت الطفل في مواجهة مع والدته لتكون ردة الفعل عكسية، فليس من العقل بشيء أن نضع الطفل في موضع مساءلة مع والدته في مكتب المشرفة فذلك من شأنه أن يشعر الطفل بأنه شاذ عن أقرانه أو أنه يعاني خطبا ما، ولو أحصينا أخطاء تلك المشرفة فستتمثل في ثلاث نقاط وهي كالتالي:
- أنها لم تأخذ كفايتها في مراقبته وسؤال زملائه ومعلميه.
-أنها ارتكبت خطأ كبيرا حينما استدعته من بين زملائه لتوجه له بعض الأسئلة المباشرة مما أثار حفيظته وأشعره بالسوء.
- مواجهته بوالدته لتكون جلسة مصارحة (على حد تعبيرها) لتتحول في غضون ثوانٍ إلى (جلسة مصارخة) ليثور بعدها الطفل غاضبا عليهم ويترك المكان على عجل.
قد يظن البعض أنني أتتبع أخطاء وزلات الآخرين إلا أن الأمر لا يتعدى كونه قلق أمومي على أبنائي وأبنائكم وأحرص دائما على أن يتربى أبناؤنا جميعا في جو دراسي سليم تربويا ولكن...هل نتمكن بالضرب من تربية أبنائنا؟
يقول الإمام علي (ع): (لا أدب مع الغضب).
نوال الحوطة
العدد 2772 - الخميس 08 أبريل 2010م الموافق 23 ربيع الثاني 1431هـ