تصاعدت تصريحات الائتلافات الفائزة بالانتخابات البرلمانية العراقية، ولاسيما الأول والثاني، منذ إعلان النتائج النهائية نهاية شهر مارس/ آذار الماضي وحتى الآن.

بالتأكيد هذه التصريحات حالة طبيعية لكل عملية سياسية، إلا أن المتابع للتصريحات المعلنة يظن أن الحكومة العراقية قد تشكلت وأن إعلانها بحاجة الى أيام قليلة كما صرح بذلك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حوار مع إحدى الفضائيات العراقية قبل أكثر من أسبوع من الآن.

إن ما يحول دون إعلان تشكيل ائتلاف قادر على إعلان الحكومة المقبلة هي الخلافات الكبيرة التي تطبع العلاقات بين الأحزاب عموما والسياسيين خصوصا، فالفائزان الأول (ائتلاف العراقية بزعامة أياد علاوي الذي فاز بـ 91 مقعدا) والثاني (ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الفائز بـ 89 مقعدا) يحاولان من خلال التصريحات الإعلامية عرقلة الطريق على بعضهما لتشكيل الحكومة المقبلة، وهذا ما نجحا فيه حتى الآن. فقد أظهرت التصريحات الصادرة من هاتين القائمتين عمق الخلاف الواضح بينهما لدرجة استفادت منه قوائم أخرى وصل الطموح بإحداها وهي الثالثة (الائتلاف الوطني العراقي الذي فاز بـ 70 مقعدا) الى إعلان استحقاقها لتشكيل الحكومة المقبلة وتقديم مرشحها للفوز برئاسة الوزراء متجاوزة بذلك الفائزين الأولين.

الواضح من الخلافات بين القائمتين الأولى والثانية (القادرتين على تشكيل حكومة بمفردهما) والتصريحات الصادرة من قيادتيهما أن الخلاف الحقيقي بينهما يكمن في من سيتولى منصب رئيس الوزراء، وخصوصا أن المنصبين الرئاسيين الباقيين (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان) لا يتمتعان بسلطات متوازنة مع الصلاحيات شبه المطلقة الممنوحة لمنصب رئيس الوزراء، وهو أمر سيضاعف من حدة الخلافات بين جميع الكتل، إلا إذا وافقت الكتل الفائزة على تغيير الصلاحيات الممنوحة للرئاسات الثلاث بطريقة تسمح بالمشاركة بالحكم، أو البحث عن حلول لتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة تنهي خلاف الفرقاء الذي لن ينتهي برضا أي طرف من الأطراف السياسية مادامت المفاوضات سائرة بطريقها الحالي.

إنه حل قد لا يبدو سحريا لمستقبل العراق، بل إن الأول منه يعد وصفة لتكريس المحاصصات الطائفية والعرقية، لكنه قد يؤجل بروز صراعات مازالت نائمة قد تنفجر بأية لحظة مادام السياسيون لم يصلوا حتى الآن لمستوى العمل السياسي الناضج أو لحين بروز شخصية وطنية تتفق عليها المكونات العراقية المختلفة وهذا ما يمكن أن نعده الآن مستحيلا.