بات فصل جهازي قطاع الشباب عن الرياضة ضرورة ملحة، يفرضها العقل والمنطق، بعد أن مررنا بتجربة - أعتقد أنها فاشلة بكل المقاييس - استمرت أكثر من 36 عاما، أي مند إشهار المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وتكوين المؤسسة العامة للشباب والرياضة العام 1976. إذ كانت البدايات جيدة، تسير وفق الإطار السليم، ولكن ما آل إليه القطاع الشبابي والرياضي أصبح يحتاج إلى تعديل جذري يفرض فصل القطاعين عن بعضهما بعضا، وتشكيل جهاز متخصص لكل منهما، يعي بالدرجة الأولى أهمية عمل قطاع الشباب الذي كان يشتمل في المؤسسة العامة قبل 20 عاما على أقسام للمعسكرات والجوالة، والمسرح والمعارض، ومركز العلوم، إضافة إلى الأنشطة الثقافية والفنية التي كانت عامرة في الأندية الوطنية بفضل الاهتمام الكبير بقطاعات الشباب. إلا أنها وبفضل التطور المضطرد وزيادة موازنة المؤسسة - انتهت ومسحت هذه البرامج والفعاليات حتى أصبحت في خبر كان تدونها الأوراق الصفراء البالية... فمع احترامي للقائمين على إدارات الشباب أقول بأن تنظيم مسابقة لتجويد القرآن الكريم ليس من اختصاص إدارة الشباب، لأن هناك وزارة للشئون الإسلامية وإدارات تتبع هده الوزارة أو وزارة العدل وهي المختصة بالإشراف على المراكز التي تقوم بهذا العمل.
أما القطاع الرياضي فقد أصبح يشتكي - ماليا - أكثر مما كنا عليه قبل 20 عاما. فعلى سبيل المثال، موازنة اتحادات الألعاب الجماعية ككرة السلة والطائرة واليد - حاليا - لا تتجاوز 100 ألف دينار، في حين كانت تصل موازنة هذه الاتحادات إلى ما يقارب 140 ألفا، كما وصلت موازنة اتحاد الطاولة إلى حدود الـ 80 ألف دينار، فكم يحصل اتحاد الطاولة من موازنة سنوية في الوقت الحالي! وهذا الكلام ليس فيه مبالغة أو تهويل، وارجعوا إلى الملفات القديمة وستجدون صدق معلوماتي!
فالمال هو عصب التطور والعصا السحرية التي باستطاعتها أن تنقل منشآتنا وملاعبنا ومقار أنديتنا وصالات أنديتنا ورياضتنا من الوضع المأسوي الذي تعيشه إلى حلم التقدم والتطور الذي وصلت إليه الرياضة في دول الأشقاء بمجلس التعاون الخليجي.
ففي الجارة الكبرى السعودية حينما شيدت الصالات الرئيسية في المدن الرئيسية الكبرى، جدة والرياض والشرقية، تعاقدت رعاية الشباب مع شركات ألمانية متخصصة تضمن صيانة هده الصالات لمدة 25 عاما. فبقيت هذه الصالات، وأصبحت ملاعب وصالات نادي الأهلي وصالة مركز الشباب شاهد على عصر الإهمال أو التراجع القسري الذي تعيشه رياضتنا!
جمعني أكثر من حديث مع مسئول في المراكز الشبابية سواء كانت في القرى أو المدن، كان آخرها مع مسئول مركز كرانة الذي انفصل عن دمج نادي الشباب بعد أن وجد أن الإهمال طال عمره وأصبح الحاضر مثل الماضي. وقال: «هل يعقل ان قريتنا التي يصل عدد سكانها ما يقارب 15 ألف نسمة ثلثهم من الشباب وهم بحاجة ماسة إلى رعاية تحميهم من آفات العصر، يوجد به مركز للشباب متواضع تقدم له المؤسسة موازنة سنوية (2000 دينار فقط!) فهل نصرف هذا المبلغ على راتب السواق والفراش، أم نقيم به برامج شبابية تحث شبابنا على الانخراط فيها وتحميهم وتحمي المجتمع من حولهم».
إذا، لا بد من فصل هذين الجهازين عن بعضهما بعضا، ومحاسبة كل جهاز عما يقدمه لصالح شباب الوطن، وحرام بعد 36 عاما من إشهار المجلس الأعلى للشباب والرياضة ان نجد رياضتنا وأنشطتنا الشبابية تأخرت أكثر مما تقدمت!
- حينما طرحنا قضية الفصل التعسفي للبطل العالمي عباس مكي من قبل اللجنة الأولمبية كنا نتوقع أن تسارع الأولمبية إلى تكذيب الخبر أو معالجته على أقل تقدير، ولكن الظاهر أن مثل هذه الأمور أصبحت غير ذات أهمية للمسئولين، لأن ما بين أيديهم أهم من رعاية الأبطال العالميين وحفظ كرامتهم، حتى بتنا نتساءل «هل أصبح الضمير الحي في خبر كان، ونردد بصوت منخفض حزين «إلي اختشوا ماتوا».
- قبل فترة قصيرة اجتمعت لجنة الشباب في البرلمان مع رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة لالتقاط صورة تذكارية بمناسبة مرور 4 سنوات على الدورة البرلمانية. بهذه المناسبة أقدم لهم سؤالا وحيدا أقول فيه «كم من الأعمال أنجزتموها لصالح شباب الوطن».
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 2771 - الأربعاء 07 أبريل 2010م الموافق 22 ربيع الثاني 1431هـ