تحت أي عنوان يمكن وضع جرائم القتل التي تقع يوميا في العراق. كل التصنيفات لم يعد لها قيمة أمام ما يحصل في بلاد الرافدين. وحين تصبح الجريمة مستقلة بذاتها وفوق كل التعريفات تبدأ القراءات بالخروج على المألوف في اعتبار أن المجازر ضد المدنيين الأبرياء ترسم ذلك الخط الفاصل بين المعنى والمبنى.
هناك صعوبة في تحليل وتفكيك الأسباب التي تقف وراء تلك السلسلة من التفجيرات العبثية. كذلك هناك شبه استحالة في فهم خلفياتها ومبرراتها وغاياتها. فهل ما يحصل مقاومة أو جريمة تتعمد قتل فكرة المقاومة؟ وهل قتل الناس يعتبر رسالة؟ وما الهدف من تلك الرسالة؟
ما يحصل في العراق منذ احتلاله في العام 2003 يصعب الحصول على جواب واضح بشأنه. فالقتل ليس مقاومة. ومقاومة الاحتلال لا يمكن أن تبرر قتل الأبرياء في مساكنهم وأمكنة رزقهم. كذلك من الصعب تصديق كذبة «المقاومة» وتقبل أو تبرير الجرائم بذريعة أن الإبادة هي وسيلة للضغط على السلطة أو الاحتلال.
المسألة في مجملها خسرت معناها وفقدت منطقها وتحولت إلى نوع من العبث بحياة الناس وأخذت تعطي في جانب من جوانبها ذلك الغطاء الذي يمكن أن يستخدمه الاحتلال لتمديد وجوده العسكري في العراق. فهل هذا هو المقصود من قتل الناس بدلا من مقاومة الاحتلال؟ الجريمة مهما كانت صغيرة وبذيئة لابد أن يكون لها وظيفة حتى يمكن محاكمتها لمعرفة دوافعها والجهة المستفيدة منها. الجرائم التي ترتكب في بلاد الرافدين تخطت القانون ولم يعد بالإمكان ترتيبها في قائمة أو لائحة متعارف عليها في سجل التحقيقات.
التفجيرات ليست ضد قوات الاحتلال. والاحتلال ليس معنيا بجرائم «فرق الموت» المتنقلة ما دامت الضحية تقع خارج دائرة وجوده. والعبث بحياة الناس لا يمكن تصنيفه في إطار يحدد السياق الذي تستهدفه الجرائم. وحين تفقد الأفعال قواعدها اللغوية أو المنطقية أو الهندسية تصبح المسألة غير مألوفة وعشوائية ومرضية، لأن الطرف المسئول عن ارتكاب تلك الأعمال مجرد دخيل يريد تفريغ الحياة من آلياتها الزمنية والإنسانية.
قتل الأبرياء لا يمكن تبريره والدفاع عنه مهما كانت الذريعة. فهذا النوع من الأفعال يصنف تحت بند جريمة ضد الإنسانية أو حملة إبادة ضد الناس، وبالتالي فإنه يفتقد المشروعية حتى لو جرى الأمر تحت يافطة مقاومة الاحتلال.
عنوان المقاومة مجرد خدعة ومجموعة توهمات بل أصبح سياسة مكروهة ومثيرة للاشمئزاز. فالعنوان الموصوف بالمقاومة لا منطق له لأنه وضع للسخرية من الناس وأصحاب العقول. وما يقال من شعارات للتغطية على القتلة بات بحاجة إلى نقد صارم ومواجهة مدنية للكشف عن تلك الشبكات السرية التي احترفت الجريمة من دون خوف من العقاب.
معاقبة المجرم في العراق أصبحت مسئولية وطنية مشتركة لأن القوى التي ترتكب تلك الأفعال ضد الأبرياء امتهنت سرقة المقاومة حين نجحت في تحويل اتجاهات البوصلة نحو الضحية وأعطت الاحتلال غطاء يرفع عنه مسئولية فتح الأبواب أمام العنف الدائم. فالعنف العشوائي هو الصديق الفعلي للاحتلال باعتباره شكّل تلك القناة المفتوحة على القتل المجاني وهواية اجتثاث المدنيين من ديارهم وأرحامهم.
لا يمكن وضع ما يحصل في العراق من جرائم قتل تحت أي عنوان. فالأفعال التي تستبيح دم الأبرياء لا تندرج تحت سقف المقاومة، أو تعتبر ردة فعل عفوية لمعاقبة السلطة والقوى المتعاملة مع الاحتلال.
المعاقب الآن هو الضحية والمجموعات الأهلية البريئة التي تدفع ثمن حماقات هيئات استولت على مقاليد الحكم في ظل إجراءات أدت إلى تقويض الدولة وتفكيك البلاد وتوزيع شعبه على أجزاء تتضارب في بيئات عصبية تعيش في دوائر تسيطر عليها فراغات أمنية أو ميليشيات طائفية ومذهبية. والضربات الدموية التي تعلن تنظيمات مسئوليتها عنها هي خرق للعادة لأنها لا تؤذي الاحتلال ولا القوى المتعاملة ولا توجه رسالة للسلطة أو تعترض على العملية السياسية أو تحتج على التداول الهادئ للحكومة. فكل هذه الحسابات لا يمكن إدخالها في معادلة القوة باعتبار أن المستهدف تم اختياره عشوائيا ومعاقبته لا فائدة سياسية ترتجى من وراء تفجيره أو اغتياله أو نحره. المستفيد من كل هذه الأفعال الخارجة على المألوف هو في النهاية الاحتلال والمتضرر منها هو الناس والمقاومة. وبالتالي فإن وظيفة تلك الجرائم ضد الأبرياء لا يمكن أن تدرج في حسابات القوة والضعف لأن منطقها يصب في مصلحة الاحتلال. وإذا صح الاستنتاج بأن الاحتلال هو المستفيد والمقاومة هي المتضرر يصبح الاتهام أشد وضوحا في توجيه الأصابع نحو الجهة التي تقف فعلا وراء تلك الجرائم.
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2771 - الأربعاء 07 أبريل 2010م الموافق 22 ربيع الثاني 1431هـ
إلى الأخ محرر الصفحة
إلى الأخ محرر الصفحة
أين الحياد و الأمانة الصحفية؟ لم لا تنشر التعليق و ليس فيه سفاهة في الرد ولا إساءة لأحد؟ إنكم تنشرون ما فيه الإساءة والتشهير للشيعة و السنة. هل مس التعليق عندك جرحاً لا برؤ له؟ أم أنك تعلم أنه سؤال لا جواب له؟
إلى الأخ عبد علي عباس البصري
أئمة نعم، معصومين لا، لأن الله لم يخلق أحداً معصوماً، ولو كان أحداً معصوماً لكان النبي الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم و قد قال الله له: عفا الله عنك لم أذنت لهم و قال: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك
و من يقتل في العراق يا أستاذ وليد؟
لماذا ينشط الإرهاب في أيام معينة و مناسبات معينة؟ هل للقاعدة مصلحة في قتل الشعب الأعزل؟ هل للتكفيريين القدرة على ضرب خمسة أهداف بدقة في يوم واحد؟ أين نقط التفتيش؟ من الذي ظهر بزي رجال الشرطة و اختطف أعدم ، ثم مضى في سلام و انصرف؟
شاهد
هل هذا صحيح ام مجرد اضغاث احلام ، ان هناك حرب ستقع على حدود سوريا والاردن يقتل فيها مليون محارب تشبع هوام الارض والسماء من لحومهم هذا سيقع بعد انقتل من الشعب العراقي 100 الف ، والآن نحن مشارف 90 الف فهل فعلا ستقع هذه الحرب انتقاما للمئه الف ؟؟؟؟
عبد علي عباس البصري
سته أئمه معصومين كلهم عاشو ودفنو في العراق ، اكثر الفلاسفه الشيعه وفقهائهم من العراق بعضهم نال المرجعيه(وهي درجه اكبر من الفقاهه )
ولم يتجاوز عمره 15 ربيع مثل محمد باقر الصدر , السيد حيدر الحلي , غيرهم ، وااغرب من ذلك ان الامام المهدي بعد ظهوره المبدأي في المدينه المنوره وتهديد السفيانه له بالقتل وظهوره في مكه المكرمه شهارا مبايعه جبرائيل عليه السلام يذهب الى العراق ويبدأ بتغيير العالمي من العراق وبشعب العراق والله غريب هذا الشعب المتحارب ؟
عبد علي عباس البصري
أولا علم يا معلمي ان العراق عراك وان اهلها يقولون (ان القتل لنا عاده وكرامتنا من الله الشهاده) ولا تحسبن الذين قتلو في سبيل الله اموات بل احياء ، اخي نويهض لو استرجعت ذاكرتك شيئاً قليلاً ومن بعد مقتل الحسين عليه السلام وليومناهذا الزائرين لهم النصيب الاكبر من القتل فلماذا. ربمايكون اغرب ملاحضه ؟؟ زوار رجل مات من سئات السنين ، يحارب ؟؟ هدم قبره ونبش قبره لاخراجه من قبره لولا رعايه الله وبهت النابش وفر مرعوب عليك ان تقرأ قصه العراق قبل ان تكت عن العراق ؟
شاهد
بعد صقوط النظام الصدامي ودخول قوات الاحتلال الى العراق ، اصبحت العراق في ثالث اكبر حربها المتتاليه ، وأشدها بشاعه ، اصبح الشعب العراقي تحت تأثير ثلاث قوى تحكي صناعه الموت كما تسميه قنات العربيه ، البعثيين التكفيريين الامريكان ، والسبب الاخلاف السياسي وهناك سبب آخر الا وهو نظام حكم ففقد الانتهازيون وظائفهم وامتيازاتهم (بشر لا تعرف سوى الاجرا وحمل السلاح وسلب ميزانيه الدوله لتصب في حلوقهم )فتبدل الحال فأصبح الضفيف قوي وحوكم المجرم ... لتنتهي مأساه وتبدأ اخرى.
مواطن
من يقتل العراق اليوم هو تناحر الاحزاب فيما بينها وخلايا البعث في سوريا والاردن وهيئة علماء المجرمين بقيادة حارث الضاري وهو الاساس في تدمير العراق ..... وشكرا