هناك اهتمام جاد من قبل حكومة مملكة البحرين بالبيئة البحرية بصورة عامة وخليج توبلي بصورة خاصة فقد أصدرت الحكومة البحرينية منذ العام 1941 حتى العام 2006 (66 عاما) نحو 14 مرسوما وقانونا وقرارا تشرع من أجل حماية الحياة البيئية والثروة البحرية والفطرية في مملكة البحرين، من تلك القوانين والقرارات ما جاء بصورة عامة يشمل كل البيئات الساحلية والحياة الفطرية في مملكة البحرين ومنها ما جاء خاصا بخليجي توبلي على وجه التحديد، إلا أن كل هذه القوانين والقرارات لم تستطع الحد من التجاوزات والمخالفات التي يشهدها خليج توبلي حتى الآن, فهناك أفراد يمارسون سلوك خرق القوانين أو التعدي عليه, هذا السلوك ناتج عن فكر معين أو مجموعة أفكار مختزلة في عقول تلك الأفراد هذا الفكر أو مجموعة الأفكار هي ما تمثل ثقافة خرق القانون. المخطط البياني المرفق يوضح تناقص مساحة خليج توبلي عبر الزمن ويلاحظ أنه بعد إصدار كل قانون تتناقص مساحة خليج توبلي وهذا يشرح بوضوح معنى ثقافة خرق القانون فجميع القوانين المشرعة تم انتهاكها.
منذ بداية الحديث عن القرم قلنا إن النظام البيئي المرتبط بنبات القرم قد انتهي فلماذا يجهد البعض نفسه في الدفاع عن بقايا أشلاء جسد بلا روح, بلا شك إنه الدفاع عن «بقاء الأثر» حتى وإن بقية شجرة قرم واحدة فستكون شاهدا حيا لنظام بيئي وفر لأجدادنا شتى أنواع الخيرات البحرية على مدى قرون طويلة وهي خيرات ستحرم منها الأجيال القادمة. لقد تم إصدار العديد من القوانين للمحافظة على ذلك الأثر ولكننا لسنا بحاجة لها, كل ما نحتاجه قانون واحد لكنه رادع بدلا من ألف قانون منتهك:
«بعد كل التشريعات وعقد الندوات، التي بدأت منذ الأربعينيات حتى العقد الحالي، فإن خليج توبلي ليس بحاجة إلى مزيد من القوانين، أو من القرارات الوزارية، ولكنه بحاجة إلى تفعيل هذه القوانين والتشريعات والقرارات على أرض الواقع، كما هي بحاجة في الوقت نفسه إلى القليل من الحزم في تنفيذها وتطبيقها، حتى تتم المحافظة على ما تبقى من جسم هذا الخليج المنتج والحيوي» (خلف والمدني 1999, ص 95).
بدا اهتمام مملكة البحرين بحماية خليج توبلي والمحافظة على بيئاته واضحا ومشهودا منذ الأربعينيات من القرن الماضي، ففي 24 مايو 1941 أصدرت حكومة البحرين آنذاك إعلانا حكوميا في العدد 16- 1360 من «الجريدة الرسمية» نصه ما يأتي: «ممنوع أخذ الطين والقرم من البحر ما بين مقطع توبلي وردم الكوري».
صدرت مجموعة قوانين وقرارات بشأن الحفاظ على البيئة الساحلية بصورة عامة والتي يدخل من ضمنها خليج توبلي, منها قانون رقم (3) بشأن الصحة العامة والذي يحتوي مواد منع إلقاء المخلفات على السواحل ومما يتعلق بهذا القانون المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1989م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لعام 1975م حيث نصت المادة (44 مكرر) منه على ضرورة فرض عقوبة على من يرمي المخلفات على السواحل. وقد عدل القانون السابق العام 1993م بالمرسوم بقانون (16) لسنة 1993.
كذلك صدرت عدة قرارات بلدية في الأعوام 1975 و 1989 و1990 عن حضر إلقاء المخلفات في السواحل وحددت غرامات مالية على المخالفات وقد شملت تلك القرارات كل ما يتعلق بمخلفات الصناعة ومخلفات المباني التي يتم إلقاؤها في قاع البحر.
أصدر مجلس الوزراء في جلسته رقم 1341 بتاريخ 16 أبريل/ نيسان لسنة 1995 حزمة قرارات بشأن منع الدفان والتعمير في خليج توبلي وهي:
1 - وقف جميع أنواع الدفان فورا في خليج توبلي.
2 - يمنع التعمير في منطقة شجيرات القرم برأس سند باعتبارها منطقة محمية طبيعية من الفئة (أ).
3 – عدم السماع بالتعمير في المنطقة المتبقية من خليج توبلي باعتبارها منقطة محمية طبيعية من الفئة «ب».
4 – اعتبار الشريط الساحلي المطل على خليج توبلي بما فيه سواحل جزيرة النبيه صالح كمنطقة تعميرية يسمح فيها بالمشروعات ذات الطبيعة الخاصة بعد موافقة وزارة الإسكان عليها ووضع الاشتراطات البنائية اللازم تحقيقها بحيث لا يسمح بالتعمير فيها إلا وفقا للاشتراطات الخاصة التي تصدرها وزارة الإسكان.
5 – عدم السماح بالتعمير في الأرض الريفية المتاخمة لخليج توبلي إلا وفقا لمخططات تفصيلية معتمدة من وزارة الإسكان موضحة الاستعمالات المسموح بها والاشتراطات البنائية لكل قطعة أرض بعد أستكمال شبكة الطرق فيها.
وانطلاقا من قرار مجلس الوزراء قامت الوزارات المعنية بإصدار قرارات مماثلة في هذا الشأن فقد قامت الهيئة البلدية المركزية بإصدار قرار رقم (15) لسنة 1995 بشأن منع الدفان والتعمير في حليج توبلي وفقا للمواد الآتية:
1- توقف جميع أنواع الدفان في خليج توبلي.
2- يمنع التعمير في منطقة شجيرات القرم برأس سند باعتبارها منطقة محمية طبيعية من الفئة (أ) طبقا لقرار مجلس الوزراء (جلسة 1341) الصادر بتاريخ 16 أبريل 1995 كما يمنع التعمير في المنطقة المتبقية من خليج توبلي باعتبارها منطقة محمية من الفئة (ب) طبقا لقرار مجلس الوزراء المذكور.
3- يعتبر الشريط الساحلي المطل على خليج توبلي بما فيه سواحل جزيرة النبيه صالح منطقة تعميرية بالنسبة للمشروعات ذات الطبيعة الخاصة التي تحددها وزارة الإسكان وتضع بشأنها شروطا تنظيمية خاصة.
4- لا يجوز التعمير في الأرض الريفية المتاخمة لخليج توبلي إلا إذا كان صادرا بها خرائط تفصيلية معتمدة من وزارة الإسكان وبشرط أن توضح بها الاستعمالات المسموح بها وفقا للاشتراطات البنائية لكل قطعة أرض على حدة.
5- يعاقب كل من يخالف هذا القرار بالعقوبات المقررة في المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1977 بإصدار قانون تنظيم المباني وتعديلاته.
6- مادة رقم (6) على مدير عام الهيئة البلدية المركزية المؤقتة تنفيذ هذا القرار ويعمل به من تاريخ نشره في «الجريدة الرسمية».
تلا إصدار قانون خليج توبلي السابق صدور المرسوم بقانون (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية وبه عدة مواد من شأنها عدم السماح بإلحاق الضرر بالحياة والكائنات الفطرية ونصت المادة (5) باعتبار بعض المناطق في الدولة كمناطق محمية. وفي العام 1996 صدر مرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1996 بشأن البيئة ويحتوي الكثير من المواد التي تمنع تصريف المخلفات السائلة في البيئة البحرية مثل المادة رقم (13) ومواد أخرى وقد نصت المادة رقم «27» على حظر تدمير النباتات والموائل للحيوانات والنباتات البحرية والبرية أو الإضرار بها.
في العام 1997 تم تسجيل خليج توبلي ضمن الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية وذلك ضمن اتفاقية «رامسار».
وفي 14 أبريل من العام 2000 صدر القرار رقم (4) لسنة 2000 من قبل وزير الإسكان والبلديات والبيئة بشأن الترخيص بردم (دفان) الأراضي البحرية (المغمورة بالمياه)، ويتكون القرار من 14 مادة وهي في غالبها (أو جميعها) غير مفعلة، ومجمدة، حيث تنص المادة رقم (1) من القرار: «لا يجوز لأي شخص أن يقوم أو يشرع في القيام بأي عمل من أعمال ردم (دفان) الأراضي البحرية المغمورة بالمياه سواء لحسابه الخاص أم لحساب الغير، أيا كان الغرض من هذه الأعمال إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من إدارة الشئون الفنية والهندسية بالهيئة البلدية المركزية وفقا لأحكام هذا القرار».
وفي 12 يوليو/ تموز من العام 2005 أصدر وزير شئون البلديات والزراعة قرار رقم (16) لسنة 2005 بشأن حظر ردم (دفان) الأراضي المغمورة بالمياه البحرية بدون ترخيص ويضم سبع مواد
صدر عن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قانون رقم (53) لسنة 2006 باعتبار خليج توبلي منطقة محمية طبيعية، وذلك بعد إقرار القانون من مجلسي الشورى والنواب وجاء في المادة الأولى من القانون أنه «يعتبر خليج توبلي منطقة محمية طبيعية من الفئة الثانية (متنزه وطني) بحسب التصنيف الدولي للمحميات، وتتملكه الدولة، بأكمله، ويخضع لإشراف الجهة المعنية بإدارة المحميات الطبيعية». ونصت المادة الثانية على أن «توقف جميع أنواع الدفان والردم في خليج توبلي ويحدد خط الدفان النهائي للخليج على أن يكون خطا متعرجا، وهو الخط الذي يؤمن مساحة إجمالية للخليج تقدر بنحو 13.5 كيلومترا مربعا»، فيما نصت المادة الثالثة على «عدم الإخلال بنص المادة رقم (2) من هذا القانون، وعدم المساس بمساحة الخليج القائمة، تقوم الجهة الحكومية المختصة بوضع حدود فيزيائية على الأرض، تحدد معالم وحدود ومساحة خليج توبلي، وتحدد خط الدفان النهائي، وخط الارتداد، على أن تلزم الجهات المختصة بإعداد الخرائط المحققة لذلك، على ألا تتجاوز مدة (3) أشهر من تاريخ إصدار هذا القانون».
وألزمت المادة الرابعة الجهات الحكومية المختصة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للمحافظة على سلامة البيئة في الخليج وتطوير الحياة الفطرية فيه، فيما تعرضت المادة الخامسة للعقوبات لمن يخالف القانون إذ نصت على أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام هذا القانون، على أن تحكم المحكمة بمصادرة الآلات والأدوات المستخدمة في «ارتكاب الجريمة، وإلزام المحكوم عليه بإزالة المخالفة وإعادة الحال إلى ما كان عليه. وللجهات المختصة أن تطالب المحكوم عليه بالتعويض المدني عن الأضرار الناجمة كافة».
وجاء في المادة السادسة أنه «على الجهة الحكومية المختصة قبل صدور الحكم في الدعوى، أن تقرر وقف عمليات الردم أو إزالة أية مخالفات أخرى لأحكام هذا القانون والتحفظ على جميع الآلات والأدوات المستخدمة في هذه المخالفات».
ونصت المادتان السابعة والثامنة على أن «يتخذ مجلس الوزراء القرارات والإجراءات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون»، و»على مجلس الوزراء والوزراء - كل فيما يخصه - تنفيذ هذا القانون، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره في (الجريدة الرسمية)».
اهتم المجلس النيابي بالتحقيق في التجاوزات القانونية المختصة بالبيئة والسواحل البحرية وقد تشكلت لجنة تحقيق وذلك للتحقيق في تجاوزات خليج توبلي وذلك في الفصل التشريعي للعام 2004 برئاسة النائب السابق عبد النبي سلمان, وقد حملت اللجنة مسئولية التجاوزات والتدهور الذي وقع في الخليج ثماني جهات رسمية، هي: وزارة شئون البلديات والزراعة، وزارة الأشغال والإسكان، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الصحة، وزارة العدل والشئون الإسلامية (من خلال ما اعتبره بطء وتقاعس القضاء في تنفيذ العقوبات التي تنص عليها القوانين الخاصة بخليج توبلي)، إدارة التسجيل العقاري، المجالس البلدية، والهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية. وقد أوصت اللجنة بضرورة تحديد وزارة الأشغال والزراعة خط الدفان النهائي للدفان في مدة أقصاها ستة أشهر, إلا أن الستة أشهر تحولت لستة أعوام حيث أنه في 17 مارس/ آذار 2010 وافق مجلس بلدي الوسطى على خط الدفان النهائي المقترح من قبل
كما قام المجلس النيابي الحالي بتكوين لجنة تحقيق بشأن التجاوزات الواقعة على البحر والسواحل بفعل الردم في المناطق البحرية في مملكة البحرين والتي عقدت اجتماع في السادس من مارس من العام 2008، وقد ناقشت اللجنة في هذا الاجتماع المحاور التي سيعتمد عليها عملها في التحقيق وهي عشرة أمور منها التحقق من المساحات البحرية والسواحل التي ردمت منذ العام 2002 لأي غرض كانت وأي قطاع كان (عام أو خاص) والتحقق من الالتزام بالتشريعات النافذة والاتفاقيات الدولية الموقعة من المملكة بشأن الردم والتجريف.
العدد 2771 - الأربعاء 07 أبريل 2010م الموافق 22 ربيع الثاني 1431هـ