العدد 2770 - الثلثاء 06 أبريل 2010م الموافق 21 ربيع الثاني 1431هـ

حكمة ملك

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

يحتاج الجميع بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، إلى الحكمة للتعاطي مع بعض الأمور، وفقا لقدرة مجتمعهم ومستواه في التعاطي مع التجاذبات السياسية خاصة في المجتمعات حديثة الديمقراطية، ولن يحدث ذلك تلقائيا، وقد ثبتت التجارب أن الاعتماد على التنازع وتحقيق المكاسب وحدها ليس كافيا، ولذلك يحق لكل تجربة ديمقراطية حديثة أن تتطور بفعل التدخل الحكيم لفك التجاذبات السياسية.

في البحرين حيث حداثة البرلمان كانت مخرجاته بين الشد والجذب والإنجاز والإخفاق، والأمل واليأس والتصعيد والحكمة، حيث تعد كل هذه التباينات طبيعية لأية تجربة حديثة.

وعلى الرغم من كل ذلك لم يمر على التجربة البرلمانية بالبحرين أكثر من ثمان سنوات، إلا أن الحراك السياسي أخذ عدة مناحي من خلال هذه التجربة والنقلة الديمقراطية التي دشنها جلالة الملك.

حيث انجازات جلالة الملك تفوق بكثير هذه السنوات، من حيث المواقف والقرارات والعمل الإنساني ولم الشمل والتجاوز عن الإساءات وخدمة القضايا السياسية والقيادة والصفح مع الحزم عند تجاوز الأمور والتدخل الحكيم عند التجاذبات السياسية لهدف واحد وهو مسيرة وطن.

لقد كانت حكمة جلالة الملك في التدخل للتصحيح، بناء على ما جاء في تقرير أملاك الدولة الذي قام بإعداده مجلس النواب، ثلاثي الأبعاد، من جهة عزز للمجلس دوره الرقابي كما هو في التشريع وهذا رد على المشككين في قانونية اللجنة، ومن جهة أخرى تعزيز مبدأ حفظ أملاك الدولة، وهو رد أيضا على المشككين في الرقابة البرلمانية التي راهن البعض على عدم نجاحه أو شكك في جدية مسيرته، ومن جهة أخرى ثمن جهود عمل اللجنة، بمبدأ لا غالب ولا مغلوب فالفائز من كل ذلك هو المواطن في المقام الأول والسلطة التنفيذية في المقام الثاني، حيث تم تبيان مكامن الخطأ أو الخلل لها.

وبتشكيل اللجنة المنوط بها تسوية المخالفات المشار إليها في التقرير بالتوافق، والتي نرجو منها القيام بالعمل المرتجى بما يعزز تلك المفاهيم ورغبات المواطنين، حيث اختصر جلالته بهذه اللجنة المسافات ليصبح لكل إنجاز محطة وكل خطوة تعبر عن أهمية صاحبها، وتحيل الصعاب إلى قصص نجاح جديد. ولم يأتِ ذلك إلا بصلابة العزيمة وصدق النوايا، ونبل الغايات التي يقف وراءها جلالة الملك لتحول البحرين إلى نموذج ممكن الاحتذاء به في العمل الديمقراطي الناشئ.

ولأن العمل على إنجاح التجارب بقوة الإصرار، والنماذج تحتذى، يبقى لدى المواطنين ما يتكئون عليه من خلال حكمة جلالته.

أما الذين يعانون من أزمة حادة تتجلى في الفجوة الواسعة التي تفصلهم عن هذا الحراك، وتعاني من عدم قدرتها على كسر الحلقات المغلقة، لتخرج من فلك التخلف والتبعية إلى رحاب الديمقراطية والتنمية والبحث. فهي كما تبدو عاجزة عن إحداث التغير النوعي في بناها وعاجزة أيضا عن مواجهة التحرك الديمقراطي ومراميه التطبيقية، ولعل ذلك يرجع إلى أسباب كثيرة أهمها نزع الديمقراطية من وظيفتها وإلحاقها بالمسموح والممنوع وفصم علاقة الديمقراطية بالتشريع والتقنين والمراقبة، وترويج نماذج نمطية للذهن تتميز بالسلبية والاتكالية وتذعن للأمر الواقع، التي بدورها تؤدي إلى طمس شخصية البرلمان وزرع مشاعر العجز لديه عن الإبداع.

أما غربان المهجر نسألهم هل أنجزتم مهمات التنوير وأرسيتم ركائز الوطن الجامع وقيم الديمقراطية؟

هل نجحتم في تأصيل مفاهيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في الوطن الجامع؟

بتقدير الراصد أو المتتبع سيقدم واقعنا الراهن وحياتنا أجوبة، حتى لا يفهم الأمر بالمعنى العكسي الذي تصوره لنا غربان المهجر أو بعض المشككين بالمساعي الخيرة لجلالة الملك، أو المجيرين لكل عمل ديمقراطي بأنه سياسي.

ونقول كلمة حق، لقد كانت هناك الكثير من المواقف من جلالته لترقية العمل الديمقراطي حيث تم تقديم الكثير من الإسهامات الرائدة في سبيل بناء برلمان ديمقراطي يحمل تلك الألوان والأطياف المختلفة.

ولا ننسى في خضم ذلك الوزير المؤتمن (معالي وزير الديوان) لتوصيل الحكمة بين فينة وأخرى إلى العقلاء بأمانته المعهودة وصبره على من لا يستحق الصبر.

لذلك نرى أهمية التحلي بالجرأة في ممارسة النقد وتبيان أوجه القصور في النشاط الديمقراطي والفكري لإنجاح هذه التجربة فنحن في عصر يتعاظم فيه دور العمل الديمقراطي، لكي نستطيع التصدي لغربان المهجر وأصوات النشاز المضادة لثقافة الديمقراطية من داخل الوطن، وكي يتحرر البعض من خرافة لا يستقيم عمل الداخل إلا من خلال منظمات الخارج، وترجمة التقارير كما جاء على لسان أحد النواب، فنحن بعون من الله ثم حكمة جلالة الملك قادرون على إقامة مجتمع ديمقراطي مدني متحرر قادر على التحدي والمواجهة.

وهذا يستدعي منا الخروج من إطار المذهبية والتشكيك وخلط الأمور والتأزيم والانفتاح على البعد الجامع للمجتمع.

ولنعمل على تحقيق البعد الذي يراه جلالته من خلال هذه التجربة، والمتمثل في مخاطبة العقل في المواطن والجماعات ونقد عوامل القصور من أجل تحصين الوطن وتأهيله للمواجهة الحضارية فنحن بحاجة إلى ثقافة الإبداع والتصدي والتغيير من خلال القنوات الدستورية والعمل الديمقراطي لا بإتلاف الممتلكات العامة والخاصة أو بتسييس كل عمل ديمقراطي.

فشكرا لجلالتك ونبشرك بأن القافلة الديمقراطية تسير.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2770 - الثلثاء 06 أبريل 2010م الموافق 21 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • البحار | 9:56 ص

      ((("If it!" 1

      حبيبي بوخالد قبل تعليقي علي مقالك هذا دعتي ابرز لك تعليقات الأخوة الذين لا يعرفونك 1. قل الحق ولو على نفسك - ضع راسك بين ركبتيك واحكم عل والديك - واحكموا بالعدل ولو كان ذا قربى

    • البحار | 4:36 ص

      1((("If you cannot fight rape, better lay down & enjoy it!" )))

      حبيبي بوخالد قبل تعليقي علي مقالك هذا أدعتي ابرز لك تعليقات الأخوة الذين لا يعرفونك
      1. قل الحق ولو على نفسك - ضع راسك بين ركبتيك واحكم عل والديك - واحكموا بالعدل ولو كان ذا قربى
      2. ما الفرق بين الراقصة في كباريهات و بين الذي يكتب ليحصد المال؟
      3. ،ولكن لا أقول لك إلا شيء واحد وهو إن للتأريخ ذاكرةً لانمحى فكم هم غيرك من الكتاب وقد وصمهم التأريخ وصمة عارٍ لن تمحى عن جباههم إلى يوم الحشر؟

    • زائر 10 | 3:35 ص

      نون والقلم وما يسطرون

      لمذا ياوسط البتر لماذا؟

    • زائر 6 | 2:45 ص

      نون والقلم وما يسطرون

      وأما عن عمل الداخل لايستقيم إلا بمنظمات الخارج وألصاقك الخرافه عليه فهو ما أثبتته التجربه العمليه التي ربما أنت في سبات عنها ،ولكن لا اقول لك إلا شيء واحد وهو إن للتأريخ ذاكرةً لاتمحى فكم هم غيرك من الكتاب وقد وصمهم التأريخ وصمة عارٍ لن تمحى عن جباههم الى يوم الحشر؟ يتبع...

    • زائر 4 | 1:46 ص

      راصد بحريني

      سلمت يداك عزيزي

    • زائر 3 | 1:37 ص

      رقص من نوع أخر

      ما الفرق بين الراقصه فى كبريهات و بين الذى يكتب ليحصد المال؟

    • زائر 2 | 12:46 ص

      أين الكلمة المسؤلة والصريحة بدل التطبيل والتزمير

      - قل الحق ولو على نفسك
      - ضع راسك بين ركبتيك واحكم عل والديك
      - واحكموا بالعدل ولو كان ذا قربى

اقرأ ايضاً