العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ

غبار الأزمة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أسبوع من توتّر الأجواء والعلاقات، بسبب التصريحات التي أساءت للبحرين كدولةٍ مستقلة، «انقشع غبار الأزمة مع إيران وسوء الفهم انتهى»، كما قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة.

إيران بعثت وزير داخليتها صادق محصولي، لينقل رسالة شفوية من الرئيس أحمدي نجاد، تؤكّد على استقلال وسيادة البحرين، كما التقى مع جلالة الملك ومع وزيري الداخلية والخارجية. هذه الزيارة اعتبرها وزير الخارجية «رسالة طيبة جدا، وخصوصا بعد أن سمعنا كلاما جيدا جدا من الأصدقاء في إيران». وإيران استغلت هذه المناسبة ورفعت تمثيلها في منتدى ومعرض البحرين الأمني المنعقد في المنامة مؤخرا إلى مستوى وزير الداخلية.

هكذا إذن طُوي الملف، ولا أحد يرغب في إعادة فتحه في المستقبل القريب أو البعيد. فما يفجّره الساسة أو المسئولون من قنابل صوتية، لأهداف بريئة أو غير بريئة، يمكنهم تداركه واحتواؤه بسرعة، وكأن شيئا لم يكن. المشكلة ليست ها هنا، فالساسة لهم حساباتهم وأهدافهم التي تنتهي «صافي لبن»، ولكن المشكلة في البسطاء وأصحاب النوايا «الطيبة» الذين لا يدركون ما هو أبعد من موقع أقدامهم، ولا يعرفون مصالحهم، وينطلقون في تحديد مواقفهم من خلال تنظيرات مثالية أو أفكار غير واقعية. بل إن بعضهم يعمل أحيانا ضد مصالحهم الشخصية والجماعية، فيحرقون شوارعهم، ويضعون أهلهم بين دخان الحرائق ودخان مسيلات الدموع، ويعطّلون الإشارات الضوئية عند مداخل قراهم، ما يزيد الاختناقات المرورية والحوادث، ويزيد تعسير حياة الناس.

هؤلاء تتغيّر الدنيا وهم لا يعرفون ما يجري وراء بيوتهم، وتنقلب الدنيا وهم غافلون عمّا يحيط بهم أو يُنصب لهم من فخاخٍ وأقفاص، يدخلونها بإرادتهم وحماستهم أحيانا... وهم يضحكون!

عندما بلغت الحملة الإعلامية ذروتها، كنّا واثقين بأنها ستنتهي إلى التهدئة وتغليب لغة العقل والدبلوماسية، فـ»ما بيننا وبين إيران هو كل الخير» كما قال سمو رئيس الوزراء، و»أمن البحرين من أمن إيران»، كما قال وزير الداخلية الإيراني... فهذه هي لغة السياسة والمصالح المشتركة بين جميع الدول، وليس فيها مصطلحاتٌ دينية أو نظرياتٌ فقهية أو شعاراتٌ حماسية.

في الحديث الشريف: «رحم الله من ذبّ الغيبة عن نفسه»، والبعض يضع نفسه بسوء تصرفه في موقع الغيبة، ويجلب على نفسه التهم بالمجان، ليُسبّ كلّ يومٍ على يد النمّامين والمرتشين والمعتاشين الكثر على الغيبة السياسية والتحريض ضد الشخصيات الوطنية والجمعيات السياسية المستقلة. البعض ينصب نفسه هدفا للطعن بولائه وحبّه وإخلاصه لوطنه، بسبب سوء التقدير، أو بتعليق صورةٍ معينةٍ على ناصية الشارع، أو في هذا المأتم أو ذاك.

لقد زال الغبار، ولا ضمان ألاّ تعود موجاتٌ أخرى من الغبار بسبب تصريحاتٍ غير مسئولةٍ، يلقيها أصحابها من دون اكتراثٍ لمصير مئات آلاف البشر وما يلحق بهم من عنتٍ ومعاناةٍ وإجحاف. والأهم أن لا يُحمّل آخرون أوزار تلك التصريحات، أو تُستغل في المماحكات السياسية الداخلية الصغيرة وتصفية الحسابات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً